Skip to content Skip to footer

لعبة “ستاتيكو الجنوب”وفراغ الرئاسة ؟

جورج كريم

يقول مؤرخو الحروب عادة: “إن الحرب تبدأ معروفة البداية ولكنّها غير مضمونة النهاية.” ذاك أنه بين إعلان الحرب ونهايتها تطرأ مفاجآت تغيّر من الحسابات ولا تكون بالحسبان، وعندئذ تأخذ الحرب وخاصة عند مَن أعلنها، شكلاً من أشكال القساوة والعنف والإجرام لتحقيق بعض الإنتصارات العسكرية.
أليس هذا ما هو حاصل في حرب اسرائيل على غزّة ؟ وجرائم القتل والدمار والتهجير والإبادة ودك أحياء المدن بيتاً بيتاً؟
وهل إذا صمدت المقاومة الغزاوية وكبّدت العدو الإسرائيلي المزيد من الخسائر في الأرواح وفي العتاد تنحو الحرب باتجاه فتح جبهات جديدة سواء على مدينة رفح أو جنوب لبنان؟
وهل ظاهر الحرب هو تحقيق انتصارات على الأرض؟ أو لوضع اليد على مكاسب اقتصادية ليس أقلها موارد الغاز والبترول في بحر غزّة؟
ألا تلعب الشركات الإستثمارية الكبرى العابرة للدول أدواراً مختلفة في تذكية الحروب ودعم هذا الفريق او ذاك من أجل السيطرة لاحقاً على موارد وخيرات اقتصادية سواء في باطن الأرض والبحر أو فوقهما؟
أليست الحروب في هذا العصر هي حروب اقتصادية تجارية بجوهرها ولو تلبّست احياناً لباس الأديان والعقائد والشعارات لتأجيج الصراعات وتحقيق المكاسب الإنتصارات ؟

لم يعد خافياً على أحد أن بحر غزّة يختزن كميات هائلة من الطاقة والغاز أسوة بمصر ولبنان وقبرص لأنه على رقعة بحرية قد تكون واحدة ، وإن الشركات الأميركية والأوروبية والإنكليزية تريد وضع اليد على هذه الموارد مهما كلّف الأمر ولن تتركها بأيدي دول وأنظمة لا تدين لها، فكيف إذا كانت ستكون تحت رعاية ووصاية ايرانية ؟ الى ان يحين زمن التوافق الاميريكي / الإيراني ، أو أن يحقق الواحد انتصارا على الآخر.

لقد بدأ المشهد على الساحة الإسرائيلية الغزاوية كما على ساحة الفراغ الرئاسي في لبنان يتوضح أكثر فأكثر بأن الكلمة في النهاية تعود الى الولايات المتحدة الأميركية سواء في استمرار الحرب أو في فرض السلم.
وما فشل الوفود الأوروبية وخاصة الفرنسية، وتلك العربية وصولاً الى اللجنة الخماسية سوى دليل على أن كلمة السرّ هي عند أميركا.

وها، هي الوفود الأميركية تستحوذ بالإهتمامات على أية وفود أخرى. ويسعى المسؤولون على معرفة اي تفاصيل عن اجتماعاتهم ولقاءاتهم ؟ وهذا ما حصل مع وفد لجنة الخارجية والأمن من الكونغرس الأميركي المؤلف من السناتور ريتشارد بلومنتال ، السناتور كريستوفر كونز، والسفيرة الأميركية الجديدة ليزا جونسون ، بانتظار وصول السفير ديفيد هيل الشهر المقبل والوسيط الأميركي صاحب ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين، وهذه ” الهجمة” الأميركية جمّدت حركة الوسطاء والوساطات بما فيه تأمين فرصة انتخاب رئيس الجمهورية.

أمّا عن الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان واغتيال القيادات لحزب الله سواء في لبنان أو سوريا فالى متى سيبقى القول مقبولاً بأن هذه العمليات في الهجوم وفي الردود ستبقى ضمن الستاتيكو” كما يتردد ؟ وأي ستاتيكو يكون هذا؟
ألم يَقُل وزير الدفاع الإسرائيلي “لقد قرّرنا الهجوم على بيروت وصيدا والنبطية” وجاء رد حزب الله بأن صواريخنا تطال العمق الإسرائيلي حتى الحدود الجنوبية وإن اي مدينة في الكيان المغتصب لن تكون خارج مرمى مدافعنا وصوريخنا ومقاتلينا”؟

لبنان يمر اليوم بأزمات مصيرية وجودية تتعلّق بكيانه ونظامه وهُوية رئيسه، وخلافات “أهل البيت” الداخلي سمحت لقوى الخارج من لاعبي المصالح الإقتصادية الإستراتيجية بإدخال الوطن الصغير في منظومة دول “إعادة النظر”؟ وأصبح عالقاً في شبكة العنكبوت الدولية والاقليمية ، بين الأطماع الإسرائيلية بمياهه وأرضه وأطماع دول الإقليم بالهيمنة عليه وأطماع دول أخرى بتغيير هُوية رئيسه المسيحي أو ترئيسه بقيود وبدون صلاحيات مهمة ؟ وكل هذه وغيرها ستؤول الى انحلال الوطن بمؤسساته وربما الى عودة حرب الأطماع والإقطاع بين طوائفه.

من الستينيات وحرب السبعينيات والعميد الراحل ريمون ادّه يحذر من اطماع اسرائيل بمياه لبنان من الوزّاني الى الليطاني ، وبُحَّ صوته وهو يدعو نواب الأمة الى تطبيق واحترام اتفاقية الهدنة في صراعنا مع اسرائيل لأنها الحماية الدولية الأساسية للبلد الصغير ، فذهب كلامه ادراج الرياح عند ” غلمان” السياسة الداخلية ، وأطماع دول الجوار بأرضه ومياهه.

كان العميد ادّه يردّد دوماً لوفود الموارنة تأتيه للطلب من “الأم الحنون” فرنسا بالتدخل لمصلحة لبنان، كان يقول لهم دائماً ” روحوا فتشوا عن الأميركان فهم شياطين العالم”.
وها هي الوفود الأوروبية والعربية والخماسية عالقة أمام ” رغبات” الموفد الأميركي ، وبتنا على قاب قوسين من الإنفجار لأن “الشيطان الأميركي” يريد مصلحة اسرائيل أولاً وأخيراً، وقد أقام ” شبكة” من العلاقات العربية والدول الاسلامية لتحقيق أهدافه في المصالح القومية والإقتصادية الإستراتيجية.
ما قاله ريمون اده يقودنا الى انتظار فراغ رئاسي طويل والى انتظار أمرٍ ما في “لعبة ستاتيكو الجنوب.”

إشترك معنا في النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية في صفحتنا على
الويب للحصول على آخر الأخبار.