
جورج كريم
صمت الشارع العربي بات أمرا مقلقا على مصير غزة وشعب غزة ؟
معظم الشوارع العربية كانت تهدر سيولا بشرية عند كل اعتداء ونداء ، سواء تلك المرتبطة بالأنظمة تحركها ساعة تشاء وتلجمها ساعة تريد ، أو المتشبعة بثقافة الدّين تتحرك مشاعرها من خلال عصبيات وتوجيهات …
فأين هي اليوم جماهير مصر عبد الناصر ؟
وجماهير سوريا حافظ الأسد ؟ وجماهير عراق صدام حسين ؟ وجماهير ليبيا القذافي؟
وجماهير القضية الفلسطينية ؟
أين هي جماهير الدول الإسلامية؟ والأمّة الإسلامية المُصمّمة على الصلاة في القدس الشريف؟
عندما زحف الربيع العربي مخادعا الشعوب العربية الحرة ، معلَّبا من الخارج الصهيوني ومبوّبا بجميل الشعارات من الحرية والعدالة والمساواة ” و ليسقط النظام “، هدرت بعض شعوب الشوارع ضد حكامها المستبدين ، ومع اقتلاعها لجذور الحكام وبطاناتهم من عروش الاستبداد واستعباد العباد ، اقتلعوا أيضا، جذور الدولة واسسها الأمنية والإدارية والقضائية وتحولت الدولة بمعناها الضابط للكل الى شعوب وقبائل متناحرة متقاتلة على فتائت السلطة والنفوذ .
غزة اليوم وحيدة من كل دعم إسلامي وعربي ، ومتروكة فريسة بين أنياب صهيونية متوحشة تختزن حقدا دفينا على شعوب المنطقة وخاصة على شعب فلسطين .
هذه الصهيونية العالمية التي تقود التوسع لأرض إسرائيل مستلهمة مما لها في التورات من حقوق بأرض فلسطين والعرب تبقى المحرّك للعملية الإسرائيلية في غزة اليوم ، ورفح غدا ، وجنوب لبنان بعد غد . وقد يكون هذا مخطط المرحلة المنظورة من الصراع والتي باتت واضحة لا لبس فيها ولا ضبابية .
لن تجد إسرائيل نتنياهو ومَن معه مِن المتطرفين فرصة مؤاتية أكثر من فرصة اليوم لتحقيق ما تصبو اليه وتعمل له في ظل انعدام الحراك العربي والإسلامي ، وعجزه عن القيام باي حركة أممية رافضة لما يحصل من إبادة وتهجير أو مواجهة عسكرية تحقق انتصارا على الأرض .
قد يكون الرأي العام الغربي العلماني وغير الإسلامي هو أكثر فعالية في دعم غزة وشعب غزة من اي رأي عام آخر في المشرقين العربي والإسلامي ..
منذ طوفان الأقصى والسؤال مطروح : هل استُدرجت “حماس” الى لعبة نصر موهوم ومزعوم ؟ كما استدرجَت من قَبْل السفيرة الاميريكية المشهورة غلاسبي ” القائد ” صدام حسين لدخول الكويت وكان بعدها ما كان، سواء على صعيد الكويت كدولة صاعدة ونامية ام على صعيد قوة ودور العراق الذي وقع في الفخ الأميريكي الصهيوني .
انظمة العالم العربي اليوم ممزقة ، مستهلكة وضعيفة .
شعوب العالم العربي اليوم بعضها تعب من القضية الفلسطينية وبعضها الآخر ” تغرّب” شطر الحياة الرغيدة في الاقتصاد والسلام
أما الدول والشعوب الإسلامية فهي أيضا على خلافات عميقة في ما بينها وقد تحوّلت الى دول تتناصب العداء، والى شعوب اسلامية مفككة فقهيا وعشائريا ومرتبطة خارجيا تتلهى ببعضها، والخلافات تنهكها وتبعدها عن اي معركة ذات بُعد وطني أو إقليمي.
اذن ، الحرب في غزة الى اين ؟
لا بد لها في الجانب الإسرائيلي من إكمال مسارها التصاعدي على أهل غزة ، وأطفال غزة ، وشعب غزة ومصير غزة . والعدو يسعى لتثبيت سلطته في كل منطقة يحتلها وكل شبر أرض يضع فيه نصره العسكري ؟!
ان نتنياهو يعرف بأنه يعمل لمخطط معقّد ببُعده الطمعي في الأرض الفلسطينية لمصلحة البُعد الاسرائيلي التوسعي . ليس أمام نتنياهو سوى إكمال الحرب على غزة بحجة القضاء على حركة حماس . صحيح أنه وقادته كانوا يعتقدون أن هذه الحرب ستكون أكثر سهولة مما حصل فيها ، ولكن في علم الحروب يكون البديل في مواجهة الصعاب الطارئة والكمائن المخفية زيادة في الوحشية في ساحات المعركة وتشددا في المفاوضات الديبلوماسية والخطوط الخلفية . وهَا هُو نتنياهو وفريقه الحربي يتشددون في كل الحلول المطروحة ، ويستعملون كل اساليب المراوغة والرياء والنفاق لامتصاص سلبيات نقمة الراي العام الداخلي والخارجي على حد سواء .
لم يَعد أمام نتنياهو بَعد عيد الفطر سوى تحريك آلته الحربية باتجاه مواقع يحقق فيها نصرا ما ويكسب فيها أرضا موعودة لشعب اسرائيل.
كيف لنتنياهو ان يوقف الحرب اليوم بضغوط اميريكية؟ ام غيرها ، وهو على ما هو عليه محتل لأرض غزة وغير منتصر ، محارب لحركة حماس دون القضاء عليها كما وعد في الخطاب السياسي للاستيلاء على الارض الفلسطينية تحقيقا لوعد التوراة ؟
كيف لنتنياهو ان يوقف الحرب وقد دفع جيشه من العديد والعتاد ما لم يكن يحسب له الحساب ؟ وهذا أمر سيؤدي به بعد ذلك أمام المحاكم الإسرائيلية ليؤدي الحساب عن هذا الفشل ويصبح طريقه الى السجن سالكا بدل الجلوس على عرش إنتصار إسرائيل؟!
شعوب العالم بمختلف دياناتهم ومن بينهم اليهود يحترمون شهر الصيام عند المسلمين ، ولا يبادرون الى ما يؤذي مشاعرهم وعاداتهم طيلة شهر رمضان المبارك ، والوقت المستقطع في لعبة الحرب سينتهي بانتهاء عيد الفطر السعيد ، وشمّاعة حرب الاستنزاف المتبادلة لا بد ان تسقط أمام الأطماع والفرص المتوفرة .
وفي المحصّلة ، أنه بعد رمضان، سيكون مختلف عما كان خلال شهر رمضان، وعلى نتنياهو ان يفتش عن نصر مبين في الجغرافيا وامام التاريخ .. والحرب مستمرة و مستعرة من جديد .