مخاطبة الاميريكيين وفق منطقهم يساعد على فهم الأمور ووضع الحلول
دعت إدارة “دار الروابط” ضمن برنامج ” لقاء العشرين” السفير اللبناني السابق لدى الولايات المتحدة الأميريكية المهندس غبريال نعوم عيسى الى لقاء حوار مع نخبة من الجبيليين في مكتبها في جبيل .
افتتحت اللقاء مديرة العلاقات العامة في ” الروابط” جيسكا عبود الخوري بكلمة جاء فيها :
” صباح الخير وأهلا وسهلا بالجميع بدار الروابط الجديدة. هالدار أيها الأصدقاء هي على ملكية الصديق ايلي باسيل، وضعها مشكوراً بتصرّف دار الروابط للإعلام، ولكل النشاطات والأعمال التي تصدر عنها ، ومنها : مجلّة الروابط ، موقع الروابط الإلكتروني، بودكاست الروابط ،منتدى الإنسانية ، ولقاء العشرين يلي بيستَضيف اليوم سعادة سفير لبنان السابق لدى أميركا المهندس غابريال عيسى ابن بلدة معاد الجبيلية التاريخية ،أرض القداسة والوطنية.
وأضافت :”جولتنا مع السفير عيسى رح تكون مشوّقة وديبلوماسية ، وخاصة لجهة معرفته بالقرارات المهمّة يلّي بيملكا ويلي كان إلها الأثر البالغ على السياسة اللبنانية وعلى مصير لبنان في الكيان والدولة.”
زغيب
مديرة الندوة الدكتورة زينة زغيب قدّمت المحاضر عيسى بكلمة جاء فيها :” ضيفنا، ابن ضيعة مارونيّة عريقة، معاد، إنّها بلدة رابضة على هضاب قضاء جبيل شمالاً. نادته الولايات المتّحدة الأميركيّة في أواخر ال75 فلبّى نداءها، ومن جامعة ميشيغان تخرّج مهندسًا. ليدخل بعدها عالم العمل في مجالي التكنولوجيا الرقميّة والتطوير العقاريّ، مؤسّسًا شركات لتطوير برامج الكمبيوتر.
هناك، راحت علاقات “غبريال نعوم عيسى” بالجالية اللبنانيّة تتوطّد، إنّما لم ينخرط في العمل السياسيّ أبدًا قبل ال 89ـ ففي العام المذكور، أسّس جمعيّة LACD
LEBANESE AMERICAN COUNCIL FOR DEMOCRATIE
الهادفة إلى تجميع المغتربين اللبنانيّين للضعط على الإدارة الأميركيّة لإخراج الجيش السوريّ وتحرير لبنان. من العام 92 حتّى 2003 عمل على مشروع إقرار قانون ولكنّه لم يتمّ إلاّ بعد نضالات مستمرّة، وهو قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان، وذلك بعد التصويت له في مجلسي النواب الأميركيّ والشيوخ، وعلى أساسه صدر قرار مجلس الأمن 1559 عام 2004. بالإضافة إلى أنّه قدّم الحلّ النهائيّ الذي تمّ توقيعه لترسيم الحدود البحريّة مع فلسطين.
حافظ المهندس على علاقات ممتازة بالرئاسة الأميركيّة، وهذا ما ساعد في دعم لبنان وجيشه. وفي 2017 عيّن سفيرًا للبنان في واشنطن، وبعزيمة دائمة فعّل دور السفارة، كما أنشأ عدّة قنصليّات في ولايات مختلفة. والأمر سيّان في ما خصّ علاقاته مع نظرائه العرب ودولهم، كما مع الأفرقاء اللبنانيّين والأحزاب.
أوليس دور الدبلوماسيّين رفع الصوت وتوحيد المصالح والقرار، وتحصيل الحقوق؟ والأهمّ ألا يكمن عليها واجب منع الحروب قبل وقوعها؟ ألا نتّفق أنّ دورها كذلك حصد المكاسب بعد المفاوضات عقب انتهاء الحروب؟
مسيرة راقية ودأب أثمر تحرّرًا، قبل فتح باب الحوار، أسألك عن التحدّيات التي خضتها في خضّم مسيرتك في المنصب، وما الذي دفعك إليه أصلاً ?
عيسى
السفير غبريال عيسى قال : جرى تعييني سفيراً للبنان في الولايات المتحدة الأميركية من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اختارني من بين عدد قليل من الأسماء وأذكر أنه قال لي يومئذ :” عينتك في اميريكا لأنك تعرف عقلية الأميريكان وقد عشت معهم وبينهم، وأريد أن أنام مرتاحا الى جدّية تحسين العلاقات مع الأميريكيين “
” في البداية واجهتنا صعوبات كثيرة لأن العلاقة مع الأميركان لم تكن سليمة وتوضيح الأمور للإدارة الأميركية يحتاج الى الكثير من اللقاءات والمداولات مع مختلف القوى الفاعلة ، من الكونغرس الى الخارجية الى مجلس النواب ، ودور السفير في هذه الحالة دقيق ومفصلي، لأن عليه أن يؤمّن مصلحة بلده من جهة وفي الوقت عينه لا يجوز له أن يعاند الدولة المنتدب اليها ، وخاصة كدولة مثل أميركا. وقد تمكنت خلال ممارسة مهمّتي من تبديل القناعات السابقة عند الاميريكيين الى فهم واقعي لما نحن عليه في لبنان ، وهذا تتطلب مني جهداً كبيراً ومواصلة حثيثة لخطة تغيير الرأي العام الأميركي الرسمي تجاه بلدي لبنان بشكل ايجابي ومثمر ومتعاون.
وأود أن أوضح ، بأن دور الجالية اللبنانية في أميريكا وهي جالية كبيرة وفاعلة ساعدتني كثيراً لدى مراكز القرار الأميركي، لأن الأميركي بتعاطيه الدولي ينظر الى المصلحة المشتركة ، وكانت للأميركان مصلحة في ارضاء الجالية اللبنانية والوقوف الى جانبنا في القرارات التي كانت تتخذها بخصوص لبنان . وتوطدت صداقة بيننا وبين الكونغرس بعد أن كانت شبه معدومة من التواصل والتفاهم.وأدركت منذ اللحظة الأولى بوجوب تمتين العلاقات اللبنانية الأميركية وخاصة لجهة صياغة القرار 1559 الذي نصّ على خروج الجيش السوري من لبنان وعلى حلّ الميليشيات ونزع سلاحها.
من هنا، رحت أدعو الى السفارة اللبنانية ، في لقاءات مصغّرة ، أعضاء فاعلين من الكونغرس وأعضاء مؤثرين من الجالية اللبنانيةوبشكل اسبوعي لتوضيح الأمور وتمتين العلاقات ، وهكذا تعرّف اللبنانيون الأميركيون الى عدد كبير من الرسميّين في الكونغرس ومجلس النواب وكذلك تعرف الأميركيون الى عدد فاعل من الناخبين، ومن المعروف أن الأميركان يهتمون بالناخبين وبجمع تبرعات الأموال للمعارك الإنتخابية وانخراط المؤيدين في الحملات الإنتخابية ، وكان للجالية اللبنانية التي يمتد وجودها لأكثر من 130سنة دور فاعل الى جانب السفير والسفارة في تحقيق ما توصلنا اليه من اتفاقات تخص لبنان واللبنانيين وأهمّها القرار رقم 1559 المعروف بقرار خروج سوريا من لبنان.
وقد ساهمت وحدة الجالية اللبنانية الى خلق لوبي صغير من حوالي 26 عضو في الكونغرس يؤيدون ما نعمل ضمن أروقة مجلسي الكونغرس والنواب ، حتى جاءت الثورة في لبنان فانتقلت خلافات اللبنانيين في الداخل الى أعضاء الجالية بين مؤيد للثورة ضد المنظومة الحاكمة ورافض لها…وازداد الأمر صعوبة مع انتشار وباء كورونا حيث توقفت اللقاءات والإجتماعات المباشرة وانعكست هذه الأمور خارج الحسبان على دينامية تحركنا في المحافل الأميركية.
وأضاف : لقد لعبت الجالية اللبنانية بكل طوائفها دوراً ايجابياً لجهة مساعدة لبنان، وللموارنة خاصة دور ديناميكي لما للكنيسة من تأثير على رعاياها وجمع شملها وهذا ما قلته لصاحب الغبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي في المؤتمر الماروني الذي انعقد في جبيل بضرورة التواصل من خلال الكنيسة مع موارنة أميركا والوقوف الى جانبهم وتوجيههم وبث روح الوطنية اللبنانية في اجيالهم لأن ما هو موجود في اميركا من بِدَع دينية وطوائف وتغلغل اليهود بين الناشئة من كل الدول لا سيما بين العرب واللبنانيين قد ينحرف بالمغتربين اللبنانيين الى مطارح لا تناسب لا الكنيسة المارونية ولا لبنان. لأنه كما قيل:
” لا وجود للبنان بدون الموارنة ولا وجود للموارنة بدون لبنان.”
وقلت لصاحب الغبطة أيضاً: هناك كنائس ارثوذكسية وكاثوليكية من مختلف البلدان أما الكنائس المارونية فهي صافية الإنتماء الى لبنان والوقوف الى جانبها ودعمها أكثر من ضرورة لأن موارنتها يمكنهم أن يساعدوا لبنان كلما كانوا أقوياء في الحضور الأميركي وفي السياسة الأميركية.
وأردف : دعوني أصارحكم بأن عمل سفير لبنان في أميركا هو عمل شاق ومتعب. لأنه لا يمر شهر وشهران إلاَّ ويكون في أدراج الكونغرس ملف يعني لبنان واللبنانيين، وإذا ما عرفنا عن الدور الكبير الفاعل الذي يلعبه الإسرائيليون في أميركا وضمن مخططات ممنهجة وممولة احسن تمويل ندرك كم ان عمل السفير اللبناني في أميريكا صعب وشائك .
وأكّد : إن شعار الموت لأميركا كشعار الخنوع لأميركا كلاهما ضد مصلحة لبنان وشعب لبنان.
لا أذيع سراً إذا قلت بأن أميركا تساعد الجيش اللبناني بالعتاد والتدريب والسلاح والذخيرة أكثر من أي دولة أخرى. وهو سلاح لضبط الأمن في الداخل وليس لمحاربة اسرائيل، وهذه المساعدة تتعلق أيضاً بكل دول الإقليم المحيطة باسرائيل.
أمّا الخنوع المطلق لإرادة أميركا فهو مرفوض . فنحن دولة مستقلة ذات سيادة ولنا مصلحة مع كثير من الدول تكون على خلاف مع أميركا. وعليه، كل إملاء أميركي على لبنان يتناقض مع مصلحة البلد وشعبه يجب أن يكون مرفوضاً. ونحن اليوم في صراع مرير مع وجود النازحين في لبنان وعلينا العمل باعادتهم الى بلادهم. كما حصل بخروج الجيش السوري من لبنان وكان الأميركان في الكزنغرس يقولون لنا، بأن الوجود العسكري والأمني السوري هو ضمانة لإستقرار لبنان وأمن شعبه ، وقد كلّفنا الكثير من الوقت حتى اقتنعوا بأن الوجود العسكري السوري في لبنان هو ضد مصلحة لبنان العليا ومصلحة ومستقبل الشعب اللبناني .
إن شعار الدول عادة يقوم على ،” لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة بل هناك مصلحة دائمة.” وهذا ما تعمل له وعليه الإدارة الأميركية. لقد تركت افغانستان في ليلة واحدة وسلمتها الى أعدائها الطالبان بعد الاتفاق معهم عندما رأت مصلحة لها بذلك .
ودعا عيسى: على لبنان أن يرسم خطة واحدة موحّدة مدعومة من جميع القوى السياسية لكيفية النهوض بالبلد بعد الإنهيار الكامل في القطاع المصرفي وضياع أموال المودعين وجنى عمرهم، وشبه انهيار في القطاع الصحي والتربوي والإنفلات الأمني وترهل القطاع الإداري الذي لم يعد يلبي حاجات المواطنين بالسرعة المطلوبة في عصر التكنولوجيا والعولمة….
وختم: كان علينا أن نتحدث عن حاجات منطقة بلاد جبيل في الإنماء والنهضة الزراعية والصناعية والبنى التحتية وشبكة طرق المواصلات بين القرى والإحياء فيها وما تحتاج اليه ، وقد يكون لهذه المواضيع مناسبة أخرى في لقاء آخر.
- الروابط *