عندما نتكلم عن الميلاد ،نتكلم كمسيحيين مؤمنين . المؤمن يتكلم بأمور قد تكون غريبة للبعض و خارجة عن الطبيعة و المنطق العادي و غير المألوف .
ان أتكلم عن طفل ولد من عذراء دون علاقة جسدية بصورة عجائبية ،بالنسبة لغير المؤمن هو ثرثرة لا غير ، و مدعاة للإنتقاد .
اما بالنسبة لنا ، فالإيمان هو عالم الكتاب المقدس و القديسين ،لا عالم المجلات و الثرثرات و المماحكات .عالمنا هو كلمة الله المتجسدة في طفل المغارة .
نحن أمام صورة سر التجسد ، “الكلمة صار بشراً و حل بيننا ” ، سمعناه و رأينا مجده .
ان تجسد الكلمة في حشا عذراء ليس حدثاً بسيطاً، بل هو اعمق الأسرار ، و اشدها رهبةً و غزارة معنى .
انظروا معي البراءة و الطهارة و التواضع لهذا الطفل ، و ما سيحمله من عدالة و سلام و رجاء … فكروا معي في التآلف الحقيقي بين القلوب ، في التضحية ، في الخدمة المجانية ، و تأملوا المحبة التي تصدّق كل شيء و تصفح عن كل شيء . جميع هذه القيم من طهارة و عدالة و تضحية و محبة و سلام و رجاء بالعيش بقرب الله ، لم تأتِ بالصدفة و لا بسحر ساحر ، بل من طفل به كان كل شيء و كل خلاص ،كما قال ملاك الرب للرعاة ” ابشركم بفرح ٍ عظيم اليوم ولد لكم مخلص “( لوقا ٢/ ٨-١٢).
بولادة هذا الطفل ،اتحد اللاهوت بالناسوت،و تأنس إلهنا من اجلنا نحن البشر . فهو إله كامل و إنسان كامل. بتأنس هذا الطفل الإلهي تأكدت بنوّتنا للآب و اصبحنا اخوة يسوع . فلنشاركه عيد ميلاده ، و لنرافقه بعيش تعاليمه ، لأنها الطريق الوحيد للانتقال من الظلمات إلى النور . ” أنا هو الطريق و الحق و الحياة ” (يوحنا ٦/١٤ ) .
لنستقبل هذا الحدث بفرحٍ عظيم ، و لتكن قلوبنا مغارة متواضعة جاهزة لاستقبال الكلمة ، كلمة الحياة الابدية الحاملة كل الإيمان و المحبة و الرجاء .
كانون اول ٢٠٢٤
ج . ع