كنا صبيحة الخامس عشر من تشرين اول من عام ١٩٧٥ في مكتب العميد ريمون اده بدارته في الصنايع .
مكتب راح يعجّ بالزوار من كل الطوائف والشخصيات البيروتية السياسية البارزة. الواقفون أكثر عددا من الجالسين ، والكل ينظر إلى العميد ويتعقب كل كلمة ينطق بها في مسار الأحداث الأليمة يومذاك .
في هذه الجلسة وصل رئيس الرابطة المارونية الذي ذاع صيته بين ” الشرقية والغربية” شاكر ابو سليمان للتباحث مع العميد في كيفية المساهمة بوضع حد للحرب الأهلية أو حرب الغرباء على أرضنا . وراح الأستاذ شاكر وهو محام بارع ومخلص لبلده ومارونيته يشرح للعميد وأمام الحضور ، عن تطورات القتال بين أبناء البلد الواحد خدمة لمآرب فلسطينية عرفاتية لا علاقة للبنان بها . وبعد مرافعته المطولة عن قضية السلم الأهلي للشعب اللبناني خلص بالطلب من العميد أن يراجع فرنسا ، الأم الحنون ، رئيسا وحكومة بالتدخل لوقف الحرب في لبنان ….
التفت إليه العميد وقال له بنبرة حادة :” مسيو شاكر صرت قايلك مية مرّة القرار مش عند فرنسا ، فرنسا اليوم ما فيها تعمل شي .. يوم فرنسا كانت قادرة تعمل شي ايام والدي وقفو الموارنة جماعتك ضد خيار الرئيس اميل اده … اليوم يا مسيو شاكر القرار عند الأمريكان رعاة إسرائيل وانا مش صحبي مع الأمريكان.. لا بحبهن ولا بيحبوني.. وانا بكره الإسرائيلي .. إذن روح عند جماعتك الجبهة اللبنانية واطلب منن يحكو مع الأمريكان ” .
اندهش الجميع وصفقو ..
اليوم ، كأنه البارحة . قرار الحرب والسلم عند الأمريكان . أكتر شي بتقدر تعملو فرنسا تقديم مساعدات انسانية ، وجبر الخواطر .
من هيك وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو عم يجبر بخاطرنا وجايب معو مساعدات طبية انسانية “وصرّة” مساعدات بقيمة عشرة ملايين يورو … يعني بالعربي اللبناني القروي الدارج “شوية شحادة” .
“من بعد ما كنا سيدها صرنا عم نبوس أيدها ” وذلك بفضل سياسة الزعماء السياسيين يللي نهبوا أموال الخزينة والمودعين واداروا شؤون البلد على شعار ” كل مَن إخد أمي صار عمي ” ” والإيد يللي ما فيك عليها بوسها وادعي عليها بالكَسِر ” ؟!
“روحوا عند الأمريكان فرنسا ما فيها تعمل شي ” هذا ما قاله العميد ريمون اده وما زلنا نردده اليوم .
الروابط*