في الميلادِ،


المهندس ساسين القصيفي

ممَّا لا شَكَّ فيه، أنَّ ميلادَ يسوع المسيح، له كلُّ المَجدِ، قد قَسَّمَ، ليس فقط التَّأريخَ التَّقويمِيَّ الى قِسمَين، ما قبلَ الميلاد وما بعدَهُ. كما وَضَعَ حَدًّا فاصلاً بين عهدِ النَّاموس وعَهدِ النِّعمَة. وكذلك فتحَ باب التوبة، بعد أن كانت الخطيئة قد سيطرت، على مصيرِ الانسانيَّةِ، منذ سقوطِ أبينا آدم في جنّة عدن، بعد عِصيانِهِ لوَصيَّة ” إِلوهيم”، وتَوَارُثِ الجنسِ البَشَريِّ، لِنَتائج هذه الخطيئة. فأعطى المسيح بميلادِ تَجَسُّدِهِ، الإنسانيَّةَ جَمعاءَ، أمَلاً جديداً، بِخَلاصِ النُّفُوسِ البَشَريَّةِ المؤمنَةِ، بِعَمَلِهِ الفِدائيِّ على الصَّليب.
الإنجيلُ المُقدَّسُ- البشارةُ المُخلِّصةُ – الذي أتى بعهدِ النِّعمةِ، هو قبلَ كلِّ شيءٍ، كتابٌ رسُوليٌّ، ذو مقاصِدَ إيمانيَّةٍ ولاهوتيَّةٍ عميقةٍ. وكلُّ كلمَةٍ فيهِ، مُوحَى بها من الله، ولها أبعادُها الروحيَّة الخلاصيَّة. وقد كُتبَ بأسلوبٍ بسيطٍ، لا يَحتمِلُ التَّأويلَ. فأيآتُهُ تُفَسِّرُ بعضَها البعضُ، وبذلك يَفهَمُ غاياتِها كلُّ انسانٍ، أُميٍّ أو متعلِّمٍ، إذ ليسَ فيه إعجازات يَصعَبُ فكُّ رموزها.
من جهةٍ أخرى،
فإنَّ الاحتفالَ بعيد الميلاد، تخطَّى المجموعاتِ المسيحيَّة، لِيَعُمَّ مُعظمَ سكَّانِ المعمورةِ، حيث،
يَفيضُ فرحُ العَطاءِ اللامتناهي،
وتَجودُ نعمةُ التَّضامنِ الإنسانيِّ،
ويُمَّحى الخِصامُ الجَنانيِّ،
وتعُمُّ البهجةُ في الوجدانِ،
ويتساوى الجميعُ، أمَامَ عَظَمَةِ تجلِّي الله بالإنسانِ!
وبأجواءِ الحُبُورِ هذه،
ينتظرُ الاطفالُ بابا نويل، مُحمَّلًا بالضِّياءِ،
وتَتَزَيَّنُ البيوتُ بِبريقِ السُّرورِ وبِطفلِ الرَّجاءِ،
وتزدانُ السَّاحاتُ بأشجارِ الميلادِ، تغشوها نجمةُ السَّناءِ،
فَتَسودُ المَسرَّةُ في القلوبِ، أتى المخلِّصُ… هلُّلويا !!
في الميلادِ،
“هو” اتَّخَذَ من أحشاءِ العذراء، خِدرًا طاهرًا، لِيَدخُلَ الى عالَمِنا بدون زرعٍ بشريٍّ،
فَطُوبى، لكلِّ من ورَّفَ المسيحُ ظِلَّهُ، لِيُولدَ من جديدٍ، من فوقٍ، لأنَّ لهؤلاء عُدَّ ملكوتُ السَّماواتِ!
ميلادٌ مجيدٌ لكلِّ المؤمنين!
هللويا !
24-12-2023