المهندس ساسين القصيفي
يُكرِّسُ المسيحيُّونَ شهرَ أيَّارِ – مايو- من كلِّ سنةٍ، زمَنَ صَوْمٍ وصَلاةٍ، تكريمًا لأمِّنا البَتُول، مريم العذراء.
في أصْلِ العَقيدَةِ المَسيحيِّةِ، عندَ كُلِّ الطوائفِ، أنَّ الفِدَاءَ والخَلاصَ، تَمَّا بِيَسُوع المسيح – له كلُّ المجد- وهو معلَّقٌ ذبيحًا على الصَّليبِ، سافكًا دمَهُ كفَّارةً مجَّانيَّةً لكلِّ من يؤمن به. وفي هذا السِّياق، يُؤمنُ المسيحيِّونَ، أنَّ البتولَ العذراءَ، التي كلَّمَها ملاكُ الرَّبِّ قائلًا: »سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا المُمتَلِئَةُ نِعْمَةً! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ«، وَ« إِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سيَحلُّ علَيكِ وقُدرَةَ العَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، لِذٰلِكَ يَكونُ المَولودُ قُدُّوسًا وَٱبنَ اللهِ يُدعى »، بأنَّها هي القدِّيسَةُ المُبارَكَةُ والمُمتلئةُ نِعمَةً، والتي حَلَّ في أحشائِها الغيْرُ مُدنَّسَةٍ، كلُّ الَّلاهوت، لِيَدخُلَ الى عالَمِنا الإرضيِّ، مُتَّخِذًا صورةَ إنسان.ِ
في الانجيلِ المُقدَّس، يُخبِرُ الوَحيُ الإلهيُّ، كيف انَّ المسيحَ، له كلُّ المجد، لم يرفضْ طلبَ أمِّه، وهُو لم تكنْ ساعتَهُ قد أتَت بَعْد، ولذلك يَتَعبَّدُ المُؤمنونَ، لِمَريم العذراء، شفيعةً لهم لدى الآب السَّماوي، خاصةً وأنَّ ساعتَهُ، قد حَلَّتْ ولَم تَمْضِ!
وعبرَ التَّاريخِ، ومن خلالِ ظُهوراتِها العَجائبيَّةِ، راكَمَ المسيحيُّونَ تكريسَهُم المُقدَّسِ للسيَّدةِ العذراء، من لُورْدْ وفَاطِيمَا وَمِديغورْيَه… الى كاتدرائيَّةِ صعودِ السيِّدة العذراء في روسيا. وفي هذا الشرقِ، هناك حكاياتُ عِشْقٍ إلهيٍّ، للسيَّدة العذراء، من قِبَلِ مَسيحيِّي مِصرَ والعراق والأردُنِ والأراضي المقدَّسَةِ وسُوريا ولبنان. فَمِن كنيسَةِ سيِّدةِ الزَّيتُون ” العجائبيَّةُ ” في مِصر، الى كنيسة سيِّدَة النجاة ” الذبيحة ” في العراق. الى كنيسةِ سيّدةِ الجَبَل في عنجَرَة والسيَّدَة في مَادَابا في الاردُنِ. الى كنيسةِ رُقادِ السيّدة العذراءِ في أورشليم. الى دير سيِّدة صيْدنايا العجائبيَّة وكنيسة سَيِّدةُ الحُصن في سوريا. الى سيِّدة حريصا ومَغدوشَة والنُّوريَّة، الى سيَّدة زحلِة وبِشْوَاتُ، حيث لكلِّ مقامِ حكايةٌ مُقَدَّسةٌ.. والى سيَّدةُ العِنايَةُ في أدونيس جبيل، حيث عملَ الله العجائبيّ يتجلَّى كل يومٍ، بأعمالِ المُشرفين على هذا المُجَمَّع المُقدَّس. الى كلِّ قرى المؤمنينَ بِقُدسيَّتِها، وبأعمالِها العَجائبيَّة، حيث بُنيَت المزاراتُ على اسمِها، وأُضيئت الشُّموعُ امامَ شَخصِها، وبُورِكَت البيوتُ بِمَسبَحَتِها.
في شهر ايَّار،
تَصدَحُ صلاةُ مَسبَحَةِ الورديَّةِ المُقدَّسَةِ في البيوتِ، فتَتَبَاركَ العائلاتُ بِنَعَمِها،
وتُرفَعُ الصلاةُ الشَّفاعيَّةُ، باسم القدِّيسَةُ مريم، فتَستَجيبُ الأمُّ لطلباتِ ابنائها،
ويَعبَقُ البخور أماَمَ شخصِها، فَيَنتشرُ شَذَا نِعَمِها، في القلوبِ المُنكسرة!
وهو على الصَّليبِ، كَلَّمَ السَّيِّدُ المسيحُ، لَهُ كلُّ المَجدِ، تلميذَهُ يوحنَّا الحبيب، قائلا: «هُوَذَا أُمُّكَ». ومن تلكَ الَّلحَظاتِ، اتَّخَذَها المسيحيُّون، أُمًّا عَطُوفًا رَحُومًا حَنونًا بتولًا مُكرَّمةً حكيمةً عفيفةً طاهرةً مقدَّسةً…على جُلجُثةِ دَربِهم الى السَّماء!
شهرٌ مريميٌّ مقدَّسٌ ومباركٌ، لكلِّ المؤُمنينَ باسمِ سُلطانةِ الرُّسُلِ والشُّهداءِ والمُعتَرِفين!





