بقلم الدكتور جيلبير المجبر
في عالم مليء بالتحديات والصعاب، يظل الموت واحدًا من أكثر المواقف التي تثير الرهبة والخوف في قلوبنا. إنها النهاية الواقعية التي لا مفر منها، ولكن في بعض الأحيان يبدو الموت أكثر من مجرد انتهاء لحياة فرد ما، بل يصبح تحديًا لشجاعة الإنسان وقدرته على مواجهة الحياة بكل ما فيها من ألم وصعوبات.
عبر التاريخ، رسم الإنسان صورة للموت ترتبط بالأساطير والقصص والفنون، ولكن ما زالت الحقيقة تبقى: الموت لا يميز بين الصغير والكبير، الفقير والغني، الضعيف والقوي. لذلك، عندما نقول “استحي يا موت”، فإننا نعبر عن رغبتنا في أن يأخذ الموت لحياتنا بشكل يشعرنا بالاستحياء من عدم التمكن من تحقيق كل ما أمليناه.
مع ذلك، على الرغم من هذا الاستحياء، فإن هناك شجاعة عظيمة في مواجهة الموت بكل شموخ وإقدام. ففي هذه اللحظات الصعبة، يظهر الإنسان في أبهى حلله، حيث يثبت قوته وصلابته وإرادته في مواجهة الظروف الصعبة بكل شجاعة. إنها اللحظة التي يتجسد فيها البطل الحقيقي، الذي يقف بوجه الموت بكل ثقة وإيمان بأنه لا يوجد شيء يستحق أن يُخشى به.
اليوم، وفي هذا اليوم الحزين، نفقد أحد أبطالنا، باسكال سليمان، الذي قدم حياته فداءً لوطنه ولقيمه الإنسانية. يظل باسكال رمزًا للشجاعة والتضحية، ونذكره اليوم وكل يوم بكل فخر واعتزاز. لقد كان شجاعًا في وجه الموت، وقدم أعظم تضحية يمكن أن يقدمها الإنسان من أجل العدالة والحرية.
لذلك، عندما نقول “استحي يا موت”، فإننا ندعوه إلى التأمل في قوة الإنسان وإرادته، وفي الروح الجامحة التي لا تنكسر أمام أصعب التحديات. نعلم أن الموت لا يمكنه أن يأخذ منا إلا جسدنا، ولكنه لن يستطيع أبدًا أن يأخذ منا إرادتنا وإيماننا بالحياة وقوتنا الداخلية.
في النهاية، فإن “استحي يا موت” هو دعوة للموت ليعي مدى شجاعة الإنسان وقوته، وليتأمل في قيمة الحياة وروعتها. إنها رسالة من الإنسان إلى الموت، تعبر عن إصراره على العيش بكل شموخ وإقدام، وعلى مواجهة التحديات بكل قوة وإصرار.





