د. ايلي الخوري
يواجه لبنان، وهو بلد يتصارع مع تحديات مختلفة، عقبة غير متوقعة في مجال التعليم: عدم الاعتراف بالشهادات عبر الإنترنت من قبل وزارة التعليم العالي. ويتناقض هذا بشكل صارخ مع المشهد العالمي، حيث تقدم أغلبية الجامعات الكبيرة والمرموقة معظم برامجها عبر الإنترنت. وبينما يحتضن العالم إمكانات التعلم عبر الإنترنت، يبقى لبنان مقيدًا بالأساليب التقليدية، مما يترك الطلاب والمؤسسات في حالة من عدم اليقين ومواكبة حاجات العصر .
مزايا التعليم عبر الإنترنت لا يمكن إنكارها، من توفير إمكانية وصول متزايدة، مما يسمح للأفراد من خلفيات ومواقع جغرافية متنوعة بمتابعة التعليم العالي. وهذا مفيد بشكل خاص لأولئك الذين يعيشون في المناطق النائية، أو المهنيين العاملين، أو الأفراد الذين يعانون من قيود جسدية. غالبًا ما توفر البرامج عبر الإنترنت قدرًا أكبر من المرونة، مما يمكّن الطلاب من التعلّم بالسرعة التي تناسبهم وإدارة جداولهم بشكل فعّال. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتعلّم عبر الإنترنت أن يعزّز أساليب التدريس المبتكرة، وذلك باستخدام التكنولوجيا لإنشاء تجارب تعليمية جذابة وتفاعلية.
على الرغم من هذه المزايا المقنعة، تحافظ وزارة التعليم العالي اللبنانية على موقفها ضد الشهادات عبر الإنترنت. السبب الرئيسي المذكور أو المزعوم هو القلق بشأن مراقبة الجودة والاعتماد، وأنها قد تفتقر إلى الدقة والإشراف اللازمين مقارنةً بإعدادات الفصول الدراسية التقليدية. ومع ذلك، فإن هذا التخوف يتجاهل أنظمة الاعتماد القوية وتدابير ضمان الجودة التي تنفذها الجامعات الإلكترونية الأقوى والأهم في جميع أنحاء العالم.
بصيص أمل سرعان ما انطفأ.
في عام 2020، ظهر بصيص من الأمل عندما اقترح النائب إدغار طرابلسي مشروع قانون للاعتراف بالشهادات عبر الإنترنت. وتهدف هذه المبادرة إلى تلبية الاحتياجات التعليمية الناشئة عن جائحة كوفيد-19 والاستفادة من فوائد التعلّم عبر الإنترنت في المستقبل. ومع ذلك، واجه الاقتراح معارضة من بعض القطاعات، بما في ذلك الجامعات القائمة التي أعربت عن مخاوفها بشأن المنافسة المحتملة والتخفيض الملحوظ لقيمة أساليب التعليم التقليدية.
الرفض الثاني أتى من بعض النواب ومن جهة وزارة التربية، تحت حجة مراقبة جودة الشهادات والبرامج، وهذا الأمر مضحك، فالفضائح التي تطال الكيان التعليمي من ناحية الشهادات المزوّرة، تستدعي حلاً سريعًا وعصريًا، بعيدًا عن التخلف.
في النهاية يسلّط الجدل الدائر حول التعليم عبر الإنترنت في لبنان الضوء على الحاجة إلى نهج تقدمي يحتضن المشهد المتطور للتعليم العالي. إن الاعتراف بالشهادات عبر الإنترنت، مع ضمان الاعتماد المناسب ومراقبة الجودة، من شأنه أن يفتح عالمًا من الإمكانيات للطلاب والمؤسسات اللبنانية والأمّة ككل. ومن خلال تبني الابتكار والتكيّف مع النماذج التعليمية الجديدة، يستطيع لبنان تمكين شعبه وتزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في عالم مترابط بشكل متزايد.
د. ايلي الخوري





