مقال نقدي: لن نتحدّث من خلف الأبواب المغلقة بعد اليوم
بقلم: جو كريم
من المؤسف أن نعيش في زمن تُرفع فيه الشعارات باسم “دعم ذوي الإعاقة”، بينما يُقصى أصحاب الحق الحقيقيون عن كل طاولة حوار وكل اجتماع وكل مبادرة يُفترض أنها صُمّمت من أجلهم. أنا واحد من هؤلاء الذين طالهم هذا التجاهل. لم يدعُني أحد، لم يقدّم لي أحد أي دعم، ولم يكلّف أحد نفسه حتى سماع صوتي — ومع ذلك لا يزال البعض يجرؤ على التحدث باسمي وباسم آلاف الأشخاص الذين يواجهون الظروف نفسها.
تتكرر الاجتماعات الرسمية، تتكدّس الصور، تُصاغ البيانات، وتُرفع العناوين البراقة عن “السلام” و“الإنسانية” و“حقوق الإنسان”، لكن الحقيقة البسيطة الفاضحة تبقى على حالها: أصحاب الإعاقة غائبون عن هذه اللقاءات، بينما يتحدث فيها من ليس لهم أي تجربة من واقع حياتنا اليومية. اللقاء الأخير الذي عقده منتدى جبيل الثقافي الاجتماعي مع المنظمة الهولندية لحقوق الإنسان ليس سوى مثال جديد على هذا النهج. لجنة كاملة، أسماء عديدة، خطابات مطوّلة… ولكن أين الشخص المعاق؟ أين مشاركته؟ أين صوته؟ كيف يمكن أن تُناقش قضاياه وبرامجه وحاجاته وهو خارج الغرفة تمامًا؟
ليس طبيعيًا ولا مقبولًا أن يُصاغ مستقبلنا بغيابنا.
ليس إنسانيًا ولا محترمًا أن تُتخذ قرارات تخص حياتنا من دون دعوتنا أو إشراكنا.
وليس أخلاقيًا أن يتحوّل بعض الأشخاص إلى “متحدثين باسم المعاقين” لمجرد امتلاكهم منصبًا أو نفوذًا.
ذوو الإعاقة ليسوا واجهة إعلامية، وليسوا رقمًا في تقرير، وليسوا أداة لتلميع صورة أي جهة. نحن أصحاب تجربة ومعاناة وصمود، ونحن وحدنا القادرون على تحديد احتياجاتنا ومواجهة التحديات التي نعيشها. أي مبادرة لا تنطلق من مشاركتنا الفعلية — منذ التخطيط وحتى التنفيذ — هي مبادرة منقوصة، مهما كُتب عنها ومهما تم الترويج لها.
رسالتي واضحة وصريحة إلى كل جهة تدّعي دعم ذوي الإعاقة: لن نقبل بعد اليوم أن يتم التحدث باسمنا من دوننا. لن نقبل أن تُقام اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات “من أجلنا” بينما نحن خارجها. ولن نقبل أن يُختصر وجودنا بعبارة، أو تُختزل حقوقنا في بيان صحفي. إذا أردتم فعلًا دعم ذوي الإعاقة، فابدأوا من المسار الصحيح:
أعطونا مقاعدنا على الطاولة، اسمعوا صوتنا، واحترموا دورنا كشركاء — لا كمتفرجين.
التغيير الحقيقي لا يبدأ من الصالات المغلقة ولا من الصور التذكارية، بل يبدأ عندما يكون الشخص المعاق حاضرًا، مشاركًا، وفاعلًا في كل قرار يخص حياته وحقوقه وكرامته. —





