إيلي حبيب زيدان‎ الشخص الهديّة إلى ومن “جمعية المسؤولية الإجتماعية (LSR)”

‎بعد أن لبّيت الدعوة إلى عشاء خيري، نظّمته جمعية المسؤولية الإجتماعية (LSR)، وملأت ناظريّ من براعم النور المتفتّحة من وهج السرور على وجه الحضور، رحت ألملم الكلمات المُعبّرة من بستان المعاني المُعطّرة، وهلّلت آيات الشكر على ثغر الوفاء، وزهت على الشفاه ألوان الثناء، واندفعت نبضات قلبي راسمة بريشة الصدق على نقاء الأوراق لوحة حاكية، ومدوّنة على أسطر الزمان حكاية سامية، مُعنونة باسم ذلك الشاب اليافع المُفعم بالمنافع، والناصع السمعة والبهيّ الطلعة، وصاحب الوجه البهي والقلب التقي، المربوع القامة والمرفوع الهامة، ألا وهو الأستاذ إيلي زيدان.

وقد عرفته طفلاً ورافقته صبيًّا وخبرته شابًا بارعًا واسماً لامعًا، وهو المندفع على الدرب السليم، والمتطوّع لعمل الخير لا الزعيم، وقد انطلق في مسيرة العطاء الإنسانية، وفي مزاولة النشاطات الخيرية، بصحبة ودعم مجموعة شبابية، ونخبة مجتمعية، ونخوة اغترابية.

وكأني به ليس من هذا الجيل الذي إلى وسائل التواصل يميل، من دون أن يعرف كيف مع مجتمعه يتواصل. وإيلي سليل عائلة “زيدان” العريقة في الأشرفية، ومن هناك حملت القسمة والنصيب تلك العائلة إلى الربوع الجبيلية، وإلى الديار الحبالينية، أي حبالين هذه الضيعة الغنية ببيوتها التراثية، وبذوق ورقي وثقافة عائلاتها التي بالعراقة مسميّة.

وهكذا ابتهجت روحي وتفتّحت أزاهير عواطفي وانفرجت أسارير مواقفي، منذ أن شجّعته يوم عرض عليّ المساعدة لإحياء الاحتفال بعيد سيدة النجاة في ساحة الكنيسة، وهكذا كانت باكورة نشاطاته.

وهكذا كنت وسأبقى أفاخر بعلاقتي وصداقتي مع عائلة من خيرة الأنام، صدحت بها الأيام، ويطيب عنها الكلام.

وإذا بنسائم الحنين تلفحني، كلما استذكرت تلك الجلسات الأسبوعية على تلك الشرفة البيتية في حبالين، الضيعة الجارة والوفيّة، وركوة القهوة الحاضرة في تلك الدار العامرة، وربّة البيت المتأهبة، وبالأهلا الصادقة مُرحّبة، أي جدّة إيلي “الست ماري” ابنة الفيدار الأبيّة، والتي طالما كنا معها ومع جدّته لوالده تلك المبتسمة والأنيقة “الست سعاد” رحمهما الله، قد توسّمنا خيرًا بمستقبل زاهر لحفيدهما.

وكم كانت تحلو أوقات السمر مع شعلة الذكاء ورمز الصفاء خالته المرحومة “سمر”، كما مع خالته الثانية الناشطة والمتخصّصة الاجتماعية “آمال”، والتي تكنّ لنا ونكنّ لها محبة أخوية.

وماذا نقول عن مغامرات “حبيب” الوالد الساهر والصيّاد الماهر، وعن الوالدة المربية “سحر” التي تسحر الجميع بحضورها، وتتوسعّ تلك الجلسات لتضمّ فضلًا عن من يصطحبني كصهري “جهاد يزبك” وصديقي “شربل نعمان سعاده” باقات المارّة والأصدقاء، خاصة من أهل حبالين الأعزّاء، وتعمر تلك الجلسات وتدور الأحاديث وتُسكب الأمثولات، ليجني إيلي من أرض تلك الديار أطيب الثمار، وليجمع على بيدر الأفكار أروع الغمار، وهي ثمار الخير وغمار البركة، ليوزّعها على القريب والبعيد لا كحسنة أو منّة من أحد، بل كسخاء لا حدّ له.

كل تلك الذكريات مرفقة بمجموعة الصور حضرت في بالي وسرحت في خيالي على متن السهرة الرائعة، ما إن اعتلى رئيس الجمعية المنبر مرحّبًا وملقيًا التحية على تلك الوجوه النخبويّة والتي تغلب عليها النكهة الجبيليّة، مختصرًا انطلاقة ومسيرة تلك الجمعية وما تؤمّنه من تقدّمات مرتدية ثوب العطاء، فتُفرح من على الأرض وتُرضي من في السماء، وتُلبّي أهداف المساهمين وغايات المشجّعين، وتُسطّر أروع العناوين.

وكما حضر المشاركون فقد غادروا فرحين وشاكرين ومتبرّعين. فلولا الثقة ما تدفّقوا، ولولا تقدير ما تقوم به الجمعية ما صفّقوا، بعد أن من شفافية تلك النشاطات والمساعدات قد تحقّقوا.

وحسب هذه الجمعية فخرًا، وحسب رئيسها الصديق إيلي والقيّمين عليها، أنها على نفسها قطعت الوعد ومع الإنسانيّة وقّعت العقد، وستبقى دائمًا على العهد، وستحارب العوز وترفع رايات المجد.

ولها التحايا والسلام والتمنيات بالسير دائمًا إلى الأمام، لعلّ إيلي يحفر اسمه على صخور التاريخ، كما حفر جدّه المربّي والأديب والخطيب فرحات فرحات اسمه على جبين المجد وعلى عتبة مدرسة في مدينة الحرف تُعرف وستبقى “مدرسة فرحات”.

‎ غانم إسطفان عاصي
‎ حصارات في ١٠ – ١١ – ٢٠٢٥