الملف الإستراتيجي
إعداد د . عوض سليمية
الملخص
شهدت المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل اختباراً حقيقياً لقدرات الطرفين العسكرية والاستراتيجية، وكشفت عن تفاوت واضح في القدرات؛ سُجل لصالح إسرائيل بفعل الدعم الغربي وفي مقدمتهم واشنطن. وعلى الرغم من الضربة الاستباقية التي وجهتها إسرائيل والتي الحقت أضراراً كبيرة بالبنية العسكرية الإيرانية، تمكنت طهران من إعادة ترتيب صفوفها بشكل سريع نسبياً، والرد على الهجمات الاسرائيلية. ومع ذلك، غاب الدعم الفعّال لحلفاء إيران (روسيا والصين) في اللحظات الحرجة، في حين كانت واشنطن حاضرة بقوة إلى جانب حليفتها إسرائيل، وقدمت كل اشكال الدعم اللازم بما فيها ضربات مباشرة استهدفت المنشآت النووية الإيرانية. وفي الوقت الذي أظهرت فيه الجبهة الداخلية الإيرانية قدراً من التماسك في مواجهة التحديات، واجهت الجبهة الداخلية الاسرائيلية موقفاً غير مألوف وبدأت تظهر ضغوطات داخلية غير مسبوقة على القيادة السياسية والعسكرية لإيجاد حلول سريعة تجنب إسرائيل الانزلاق نحو حرب استنزاف طويلة الأمد. توصلت الدراسة الى عدة استنتاجات جوهرها، أن اعلان ترامب وقف إطلاق النار دون تقديم حلولاً جذرية كافية لمعالجة معضلة المنشآت النووية، تبقي مسألة عودة اسرائيل للحرب من جديد أمراً قائماً.
Abstract
The confrontation between Iran and Israel was a real test of the military and strategic capabilities of both sides, revealing a clear disparity in capabilities that favored Israel, which was strongly supported by its Western allies, led by Washington. Despite Israel’s preemptive strike, which caused significant damage to Iran’s military infrastructure, Tehran was able to quickly regroup and respond to Israeli attacks. However, Iran’s allies failed to provide effective support at critical moments. At the same time, Washington stood firmly by its ally Israel and provided all necessary support, including direct strikes targeting Iranian nuclear facilities. While the Iranian home front showed a degree of cohesion in the face of challenges, the Israeli home front faced an unfamiliar situation, and unprecedented internal pressure began to mount on the political and military leadership to find quick solutions to prevent the country from sliding into a long war of attrition. The study reached several conclusions, the essence of which is that Trump’s announcement of a ceasefire without providing sufficient radical solutions to address the dilemma of nuclear facilities keeps the issue of Israel’s return to war an ongoing matter.
المقدمة
شهدت الفترة من 13- 24 يونيو/حزيران 2025 تصعيدًا عسكريًا خطيرًا بين إيران وإسرائيل، وعاشت المنطقة مواجهات مباشرة غير مسبوقة بين الطرفين امتدت على مدار 12 يومًا. بدأ النزاع المباشر بضربة إسرائيلية استباقية استهدفت منشآت نووية وعسكرية حساسة داخل إيران بالتزامن، مع اغتيالات لكبار القادة العسكريين والعلماء النوويين الايرانيين؛ الى جانب عدد من الاصول العسكرية والمدنية الايرانية. هذا الوضع الناشئ، أدى إلى ردود فعل متسارعة وتصعيد متبادل بين الطرفين. وكان التدخل الأمريكي عاملًا محوريًا في وقف هذا التصعيد؛ بعد ان قامت القاذفات الاستراتيجية الأمريكية من طراز B2 بشن ضربات مكثفة على ثلاث مفاعلات نووية إيرانية رئيسية، (فوردو، نطنز وأصفهان).
لم يكن الصراع العسكري بين إيران وإسرائيل الذي اندلع في حزيران/ يونيو 2025؛ والمعروف في الخطاب العام باسم “حرب الأيام الاثني عشر”، مُجرد اختبار لقدرات إيران الدفاعية؛ بل كان أيضًا اختبارًا متعدد الأبعاد للنظام الايراني، وبنيته الأمنية، وسياسته الداخلية، وتوجهاته الاستراتيجية. واختبرت موجة الهجمات المنسقة والمكثفة التي شنتها إسرائيل على الأراضي الإيرانية قدرات الردع العسكري الإيرانية، التي أعطتها الأولوية لسنوات، وقدمت رؤى مهمة حول فعالية هذه القدرات ونقاط ضعفها واستدامتها الاستراتيجية. عند انتهاء العملية، أصبح من الواضح أن الديناميات التي لديها القدرة على ممارسة تأثير حاسم على الهيكل العسكري الإيراني والمناخ السياسي الداخلي وعلاقاتها مع النظام الدولي قد برزت إلى الواجهة بشكل واضح.
يجادل الباحث في هذه الدراسة بأن المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران ليست إلا الفصل الاول لسلسلة من الحروب القادمة؛ وهي جزء من مشهد أوسع يتسم بتعقيدات جيوسياسية وصراعات نفوذ متشابكة. وفي ظل استمرار الخلافات على النقاط الاساسية التي حفزت إندلاع المواجهة، وغياب خطة عمل توفر حلول دبلوماسية مستدامة، وسط رفض طهران الاستجابة لمطالب ترامب “الاستسلام الشامل”، يبدو أن احتمالية استئناف الحرب في المستقبل القريب واردة جداً.
ضمن هذا الافتراض، يرى الباحث أن الهجوم الإسرائيلي على طهران لم يكن وليد الصدفة، بل جاء في سياق خطة استراتيجية مدروسة تعززت بعد احداث 7 اكتوبر 2023، ترمي بالأساس إلى تحقيق أهداف متعددة الأبعاد، منها:
- تقييم القدرات العسكرية التقليدية وغير التقليدية والتكتيكية للقوات المسلحة الإيرانية.
- قياس مدى استعداد وتفاعل حلفاء إيران الرئيسيين مع المعركة.
- كشف ردود فعل الجبهة الداخلية الإيرانية ومدى تماسكها.
جوهر الصراع
منذ عقود، ظلت قضية البرنامج النووي الإيراني محور اهتمام دولي، وأثارت مخاوف غربية واسرائيلية من إمكانية تطوير إيران لقدرات نووية عسكرية. نتنياهو كان من أبرز الأصوات التي حذرت بشكل متكرر من اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي، بدأها منذ العام 1996. بدءاً من حزيران يونيو من العام 2015، شهد العالم تطوراً مهماً على هذا الملف عندما توصلت الدول الكبرى ضمن مجموعة P5+1؛ – والتي ضمت كل من [الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، ألمانيا وبريطانيا]، إلى اتفاق تاريخي مع إيران عُرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
هذا الاتفاق، الذي تم التفاوض عليه تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأقره مجلس الأمن في قراره رقم 2231، ينص من بين أمور اخرى على، وجوب التزام طهران بتقييد برنامجها النووي، وحدد الاتفاق ايضاً مستوى تخصيب اليورانيوم عند 3.67%. مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران من قبل واشنطن وحلفاؤها الغربيين. وعلى الرغم من الترحيب الدولي الواسع الذي حظي به هذا الاتفاق باعتباره خطوة نحو الاستقرار الإقليمي، إلا أنه ظل مثار جدل ورفض من أطراف أخرى، خاصة إسرائيل، التي اعتبرت أن الاتفاق لا يضمن بشكل كافٍ منع إيران من تطوير قدرات نووية عسكرية في المستقبل، وواصلت التعبير عن مزاعمها القائلة بأن طهران على بعد اسبوع الى اسبوعين على أكثر تقدير من امتلاك القنبلة النووية.
بعد وصول الرئيس الحالي دونالد ترامب إلى السلطة بتاريخ 20 يناير/كانون ثاني 2017، وتحت ضغط اللوبيات المؤيدة لإسرائيل في واشنطن، أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق مطلع يناير/كانون ثاني 2018 من جانب واحد، وأعاد تفعيل عقوبات اقتصادية صارمة على طهران. بعد أربع سنوات من تمزيق الاتفاق عاد ترامب مرة اخرى إلى البيت الأبيض في مطلع العام 2025، وعاد الملف النووي الايراني من جديد على طاولة النقاش، خاصة في ظل تداعيات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين أول 2023. في إسرائيل تصاعدت الأصوات المتشددة مطالبةً بإجراءات عسكرية حاسمة لانهاء المشروع النووي، معتبرةً أن الحلول الدبلوماسية غير كافية لتحقيق أهدافها. وعلى الرغم من تبني ترامب في البداية نهجاً تفاوضياً بهدف فرض قيود صارمة على البرنامج النووي الإيراني، إلا أن فشل / أو إفشال الجولة الخامسة من المفاوضات التي جرت برعاية سلطنة عُمان مع انتهاء مدة الـ 60 يوماً التي حددها ترامب للوصول الى اتفاق، كانت كافية بالنسبة لنتنياهو لإطلاق الحرب على طهران.
هذا التصعيد العسكري أثار ردود فعل دولية متباينة، من ناحية، عبّرت بعض الدول عن قلقها من تداعيات هذه الخطوة على استقرار المنطقة التي غاب عنها الاستقرار منذ عقود، بينما دعمت دول أخرى التحركات الأمريكية باعتبارها ضرورية لمنع إيران من تطوير قدرات نووية تهدد الأمن الإقليمي والدولي. يجادل العديد من علماء السياسة والباحثين ان الهجوم الاسرائيلي على طهران لم يكن مجرد ردود فعل عشوائية أو تصرفات اضطرارية كما تزعم حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل؛ بل جاءت في سياق خطة استراتيجية متكاملة تسعى إلى تحقيق عدة أهداف بعيدة المدى، من بينها:
أولاً: اختبار القدرات والتكتيكات العسكرية الايرانية
وفقاً للخبراء العسكريين، تساعد عملية تقييم القدرات العسكرية التقليدية وغير التقليدية والتكتيكية للقوات المسلحة للطرفين في تحديد نقاط القوة والضعف في استراتيجياتها الدفاعية والهجومية. يقول الخبراء، في اللحظات الاولى لإعلان الحرب، بدأت إسرائيل شن غارات واسعة النطاق على المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية والبنية التحتية الاستراتيجية، بالتزامن مع حملة اغتيالات واسعة طالت القيادة العسكرية والعقول النووية. بالمقابل، ردت إيران بهجمات صاروخية باليستية مكثفة ومُسيرات على المدن والقواعد العسكرية الإسرائيلية، مما أظهر دقة معلومات استخباراتية عن الأهداف العسكرية للطرفين. في الوقت نفسه، كشف الصراع عن عيوب كبيرة في دفاعات البلدين، ومزارع من العملاء المنتشرين على الارض. الى جانب، إظهار فجوة كبيرة في مواقف الحلفاء للطرفين.
تُعد الضربة الافتتاحية التي نفذتها إسرائيل ضد إيران خطوة استراتيجية تهدف إلى تحقيق أهداف متعددة على الصعيدين العسكري والسياسي من بينها، شل القدرات العسكرية الإيرانية وتقويض أي تهديد محتمل قد يشكله النظام الإيراني على إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، سعت إسرائيل إلى استغلال عنصر المفاجأة لإرباك النظام في طهران وإدخاله في حالة من الفوضى، واضعفت قدرته على الرد بشكل منظم أو فعّال. تأتي هذه الخطوة في إطار سياسة إسرائيلية طويلة الأمد تعتمد على أسلوب التحرك الوقائي لضمان التفوق العسكري وردع أي محاولات من قبل خصومها لتغيير موازين القوى السائدة في الإقليم، هذه الاستراتيجية استندت على ثلاثة ركائز
- ضربة أولى مدمرة ومفاجئة تتسبب في نشر الفوضى في أوساط القيادة الإيرانية، وتُعطل مراكز التحكم والسيطرة خاصة الدفاعات الجوية وإطلاق الصواريخ، وتقلل من استخدام إيران لأسلحتها الصاروخية، وبالتالي تصبح طهران دون غطاء جوي أمام الطائرات الإسرائيلية.
- التنسيق الدفاعي مع واشنطن وحلفائها، لتفعيل شبكة إقليمية لاعتراض الصواريخ قبل وصولها إلى المجال الجوي الإسرائيلي، وبالتالي مساعدة أنظمة الدفاع الإسرائيلية على اعتراض الصواريخ المتبقية.
- تصعيد الهجوم الإسرائيلي على المنشآت المدنية الإيرانية (محطات الطاقة والموانئ وحقول النفط والمواطنين…)، من أجل خلق ضغط داخلي قد يمهد الطريق لتغيير النظام، والأهم من ذلك، إنهاء المعركة في أسرع وقت ممكن.
من ناحية، إن قدرة إسرائيل على شن ضربات دقيقة في عمق الأراضي الإيرانية -وصلت الى قرابة 900 هدف، بما في ذلك القضاء على قيادات وازنة في الحرس الثوري الإيراني وعلماء نوويين بارزين، كشفت عن أوجه قصور خطيرة في القدرات الدفاعية الإيرانية. وفشل استخباراتي إيراني في حماية الجبهة الداخلية. وكشف عن ثغرات كبيرة في أنظمة الإنذار المبكر والدفاع الجوي وحماية القيادات العسكرية والنووية العليا في طهران. بالمقابل، ركزت طهران في خطتها العسكرية على إرباك الدفاعات الجوية الإسرائيلية بإطلاق وابل من مئات الصواريخ الباليستية والمُسيرات التي كشفت مُبكراً عن نقاط الضعف الكبيرة في شبكة الدفاعات الاسرائيلية، وأظهرت بعض الضربات الإيرانية الدقيقة على المواقع العسكرية والحكومية الإسرائيلية امتلاكها معلومات استخباراتية دقيقة عن البنية التحتية الإسرائيلية. خلال حرب الــ 12 يوم؛ تكبدت إيران خسائر فادحة، وفقدت جزءاً كبيراً من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية على أقل تقدير، وتوقفت في الوقت الذي لم تتمكن فيه من الوصول إلى الحد الذي يصبح فيه الضرر غير محتمل بالنسبة لإسرائيل مما يدفعها إلى وقف هجومها.
منحت موجات الضربات الافتتاحية، اسرائيل الأولوية لمهاجمة الأهداف الحساسة من حيث الوقت. ومكنت إسرائيل من اغتيال عدد من العلماء النوويين وكبار القادة العسكريين، بما في ذلك قائد الحرس الثوري حسين سلامي وقائد القوات الجوية للحرس الثوري أمير علي حاجي زاده، ورئيسي اركان الجيش الايراني، فضلاً عن تدمير عدد كبير من منظومات الدفاع الجوي، والرادارات والاصول العسكرية.
على هذا النحو، تفاخر الموساد بإنجازاته ونشر لقطات أظهرت عملياته داخل العمق الإيراني، بما في ذلك مقطع فيديو لعميلين سريين يطلقان صواريخ من داخل إيران. وفي تطور خطير، كشف مسؤول إسرائيلي إن الموساد أنشأ قاعدة سرية للطائرات بدون طيار داخل العمق الايراني لتنفيذ ضربات استهدفت منصات إطلاق الصواريخ الباليستية، لمنع الانتقام خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية الأوسع نطاقًا. كما قام جهاز الموساد بتهريب أنظمة أسلحة إلى إيران لتحييد الدفاعات الجوية، وتأمين التفوق الجوي. في عملية منفصلة اخرى، نشر عملاء الموساد صواريخ دقيقة بالقرب من مواقع مضادة للطائرات وسط إيران. وأشاد جهاز الموساد الاسرائيلي بما وصفه الهجوم “التاريخي” الإسرائيلي على إيران، الذي حقق الاهداف والتي كانت تبدو في يوم من الايام “خيالية”، وشكر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الــ CIA على خدماته التي ساهمت في “تحقيق هذه العملية”. بصمات الموساد كانت واضحة في هذه المعركة، ونجح في تجنيد عملاء لتهريب طائرات هجومية بدون طيار إلى إيران عبر شاحنات وحاويات شحن وحتى حقائب سفر.
في ساحة حرب الجواسيس، اعلنت إيران من جانبها، اعتقال قرابة 700 عميل لاسرائيل يعملون على اراضيها، وفقاً لتقرير France24. من ناحيتها، اعلنت الشرطة الاسرائيلية وجهاز الأمن العام (الشاباك) اعتقال عدد من الاسرائيليين المتعاونين مع إيران، من بينهم ثلاثة إسرائيليين في قضيتين منفصلتين للاشتباه في قيامهم بمهام لصالح عملاء إيرانيين. وكشفت إسرائيل أن عميلًا إيرانيًا حاول تجنيدهم لاغتيال هدف إسرائيلي كبير. هذه العملية كانت الاحدث من بين 22 حالة تجسس منفصلة لصالح إيران، أحبطتها أجهزة الأمن الإسرائيلية منذ أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وفقاً لتقرير The Jerusalem post. كان اخطرها التخطيط لاغتيال وزير الدفاع الاسرائيلي كاتس عبر وضع المتفجرات في مكان بالقرب من منزله.
بعد أربعة أيام فقط من حملتها الجوية الشرسة؛ اكتسب الطيران الاسرائيلي ميزة حاسمة في الصراع المتصاعد، وأعلن سلاح الجو الاسرائيلي تحقيق السيادة الجوية على سماء المعركة؛ وبات يحلق فوق العاصمة طهران دون مواجهة مقاومة خطره بعد أن شل دفاعات الحرس الثوري. هذا الوضع، الناشئ مكّن إسرائيل من الوصول الى مجموعة متزايدة من الأهداف العسكرية بسهولة نسبية. وعلق فرانسيس توسا، المحلل الدفاعي قائلاً، اصبحت “اسرائيل تتمتع بشكل أساسي بسيادة جوية كاملة – ولا يوجد ما يمكن أن تفعله إيران لمنعها من تنفيذ ما تريده من الجو”. في سياق هذا التطور غير المسبوق، تأكدت إسرائيل من تفوقها العسكري، وأصبحت على يقين من قدرتها على فعل ما تشاء دون عواقب وخيمة، مع احتفاظها بكامل حرية المناورة، والانتقال من هدف لآخر، والعودة مراراً وتكراراً إلى أي منها، تحت غطاء أمريكي كامل. وقد شكلت الضربات التي شنتها الولايات المتحدة في 22 يونيو على المنشآت النووية الايرانية، بأمر من الرئيس ترامب، تدخلاً جريئاً في الصراع.

المصدر: BBC
طالما تفاخرت إيران بترسانتها العسكرية الكبيرة، بالإضافة الى اعتمادها على حلفاء مسلحين وعمليات سرية، تعرضت جميعها لضربات قاسية منذ احداث 7 اكتوبر2023، بسبب الإجراءات الأمريكية والإسرائيلية. من ناحيتها، تعتمد إسرائيل على الحيل والقوات البرية والجوية القوية. وعلى الرغم من التكافؤ تقريبًا في عدد القوات، إلا أن الجيشين يتبعان تكتيكات وقوة نارية مختلفة بشكل لافت للنظر. بينما كشف هجوم إسرائيل على إيران عن نقاط ضعف حاسمة في استراتيجية طهران العسكرية الأوسع نطاقاً؛ إلا أن طهران أظهرت قدرات غير مستغلة قصيرة المدى يمكن استخدامها في جوارها المباشر، بالرغم من الضربات الموجعة التي تلقتها وحالة الضعف التي يعاني منها حلفاؤها في المنطقة.
خلال المناورات الدفاعية “اقتدار 1403” التي أُجريت في مطلع عام 2025، سعى الحرس الثوري إلى إبراز مستويات التطور لمنظومات الدفاع الجوي، مع التركيز على حماية المنشآت الحيوية والقواعد الاستراتيجية في مدن رئيسية مثل طهران وأصفهان وتبريز. ورغم التصريحات الرسمية الصادرة عن القادة الايرانيين التي تؤكد تحقيق مستوى متقدم من الكفاءة الدفاعية في هذه المناورة، برزت تناقضات واضحة بين الأداء المُعلن والواقع الفعلي. تُظهر هذه الحالة ما يُعرف بـ “خداع الذات”، حيث يتم تجاهل الفجوة بين الإمكانيات المفترضة والقدرات الحقيقية من قبل صانعي القرار. هذا النهج المُفرط في الثقة أثبت أنه يحمل مخاطر كبيرة، خاصة في سياقات تتطلب دقة عالية في تقييم التهديدات الأمنية. والتي قد تؤدي إلى نتائج عكسية على المستويين الاستراتيجي والتشغيلي.
وسط احتفاء الطرفين بإلحاق قدر كبير من التدمير في الاصول العسكرية لكل منهما، يجادل الخبير الأمني كلود مونيكيه، أن الهجوم الاسرائيلي على طهران كان قوياً ومفاجئاً والحق ضرراً كبيراً في الاصول والنخب العسكرية. ويرى توماس جونو – معهد تشاثام هاوس، أن خيارات طهران بعد هذا الهجوم اصبحت محدودة للغاية؛ ويضيف، تعتقد طهران أن الدعوة إلى وقف إطلاق النار سيُعتبر ضعفاً، ليس فقط من قبل خصومها، بل أيضاً من قبل شعبها. في لحظة ضعف شديد، يخشى قادة طهران بشكل خاص من هذا الأخير/ شعبها. لكن هذا لا يعني أنهم غير عقلانيين؛ من ناحية أخرى، أدرك قادة طهران أن إسرائيل لها الأفضلية في القدرة على تصعيد الصراع.
في هذا السياق، يرى خبراء من المجلس الاطلسي ان إيران تهدد أكثر مما تهاجم. وأن التفوق الإسرائيلي العسكري والاستخباراتي أدى إلى إرباك النظام في طهران وإضعافه بشدة من خلال “قطع رؤوسه” وتقويض قواته المسلحة وإلحاق الضرر ببرنامجها النووي. وأن إيران أظهرت عجزاً عن منافسة الدقة الجراحية والقاتلة التي نفذت بها إسرائيل هجومها. من ناحيته يزعم سيباستيان آشر أن الهجوم الإسرائيلي على إيران لم يكن واسع النطاق فحسب، بل يبدو أنه اعتمد أيضاً بعض الاستراتيجية التي استخدمت في الهجوم الإسرائيلي على حزب الله في لبنان في نوفمبر 2024. ولم يقتصر الهجوم على ضرب منظومات الدفاع وقواعد الصواريخ فحسب، بل شمل أيضاً شن ضربات للقضاء على أعضاء بارزين في القيادة الإيرانية. وأظهرت لقطات من طهران ما يبدو أنه مبانٍ محددة تم ضربها، على غرار الصور التي أظهرتها هجمات إسرائيل على الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي بلغت ذروتها بمقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله.
سواء حقق هجوم إسرائيل على إيران أهداف تل أبيب الاستراتيجية أم لا، إلا أن الضربات الأولية أظهرت مرة أخرى براعة إسرائيل في العمليات السرية. مثلما قامت باغتيال قادة حزب الله عن طريق تفجير أجهزة اللاسلكي “البيجر” في سبتمبر 2024، تمكنت إسرائيل مرة أخرى من تحديد وتتبع مواقع القادة العسكريين الإيرانيين الرئيسيين واغتيالهم، بما في ذلك قائد الحرس الثوري الإسلامي حسين سلامي، وهذه المرة، قامت أيضًا بتهريب طائرات بدون طيار إلى عمق إيران لشن سلسلة من الهجمات. من المرجح أن هذا المجهود تطلب وجودًا ممتدًا لعملاء إسرائيل في إيران، وهو إنجاز أكبر من المتوقع، حيث كان من المتوقع أن تُحسن إيران بشكل كبير من قدراتها في مجال مكافحة التجسس بعد القضاء على قادة حزب الله وبعد اغتيال زعيم حماس هنية على يد إسرائيل في يوليو 2024 – في طهران. وليس أقل من ذلك؛ أدى تدمير جزء كبير من انظمة الدفاعات الجوية الإيرانية وتقويض قدراتها الصاروخية الباليستية إلى تشجيع نتنياهو، للقول “نحن في طريقنا لإعلان النصر. نحن في طريقنا لتحقيق هدفينا: القضاء على التهديد النووي والقضاء على التهديد الصاروخي”.
مع تصاعد الهجمات بين إيران وإسرائيل واستمرار النزاع العسكري والاستخباراتي على مدار أسبوعي الحرب، تباينت المواقف الدولية وردود الافعال بشكل ملحوظ. أظهرت بعض الأطراف الدولية استنكاراً واضحاً للهجوم الإسرائيلي، وطالبت بوقف الأعمال القتالية والعودة إلى طاولة المفاوضات باعتبار الحل الدبلوماسي هو الامثل لحل الخلافات وتجنيب المنطقة حرباً جديدة. في المقابل، عبّر فريق غربي عن دعمه الكامل لإسرائيل، مشدداً على “حقها في الدفاع عن النفس” وفقاً لتفسيرها الخاص لذلك الحق. بينما أظهرت واشنطن التزاماً عميقاً لا يتزعزع بالدفاع عن إسرائيل وإمدادها بكل معدات المعركة؛ توجهت الانظار لرصد الموقفين الروسي والصيني بالنظر للعلاقات الاستراتيجية المُفترضة التي تجمعهما بإيران.
ثانياً: استعداد وتفاعل الحلفاء الرئيسيين لطهران
زعمت صحيفة التليجراف في تحليلها السياسي، الى أن روسيا والصين لا ترغبان في أن تحصل إيران على أي أسلحة نووية، لأن ذلك سيعني ضعف سيطرتهما على طهران، مما يقلل من اعتمادها على البلدين لتلبية احتياجاتها من الأسلحة، كما أن السلاح النووي سيمنح طهران ميزة نوعية كبيرة وسيؤثر على سياسات الدول الأخرى تجاهها.
- روسيا
يبدو أن روسيا تمر بفترة عصيبة تطال حلفائها في منطقة الشرق الاوسط، بدءً من انهيار النظام السوري مروراً بالهجوم الاسرائيلي المباشر على إيران. بينما تعرضت إيران لضربات تلو الأخرى، أظهرت روسيا الحليف المُفترض لإيران عدم استعدادها لفعل الكثير من أجل المساندة، باستثناء عرض المساعدة الدبلوماسية للتوسط بين الطرفين، الامر الذي رفضه الرئيس ترامب. في الواقع، منذ اطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا شباط/ فبراير2022، صمم الرئيس بوتين سياسته الخارجية على قاعدة المواجهة مع الغرب. في هذا السياق، كان من المنطقي التقرب من إيران في ظل تزويد الاخيرة لروسيا بطائرات بدون طيار كانت موسكو في اشد الحاجة اليها لمواجهة الهجمات الاوكرانية. لكن الذي جرى، خالف كل التوقعات والأُمنيات. ربما يعكس هذا الموقف توازنًا دقيقًا في حسابات المصالح الدولية والإقليمية، محورها تفادي موسكو الانزلاق في صراعات جديدة قد تؤثر على أهدافها الأساسية في أوكرانيا.
خلال لقاءه بوزير الخارجية الايراني عراقجي في موسكو، اكتفى الرئيس بوتين بالتنديد بالهجمات الأمريكية التي وصفها بأنها غير مبررة، وحذر من احتمال امتدادها لتشمل جبهات أخرى “الهجمات تفتح علامة تبويب جديدة تدفع العالم نحو خطر كبير”، يقول بوتين، ووعد بمحاولة “مساعدة الشعب الإيراني” لكنه لم يحدد الادوات. بينما تحدث الرئيس ترامب وإسرائيل علناً عن اغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي وتغيير النظام، قالت روسيا إن هذه الخطوات تدفع المنطقة بأسرها إلى هاوية حرب كبرى. وعلى الرغم من مذكرة الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين الطرفين والتي تتألف من سبعة وأربعين مادة تغطي جميع المجالات الرئيسية تقريبًا، بما في ذلك التجارة والطاقة والأمن والاستخدام النووي، لكن المعاهدة بين الطرفين لم تتطرق بشكل مباشر أو صريح إلى بند “الدفاع المشترك/المتبادل”.
على النقيض من الموقف الروسي، أثبتت إيران أنها شريك موثوق للكرملين، وزودت موسكو بآلاف الطائرات بدون طيار من طراز شاهد لضرب الاهداف الأوكرانية. كما أرسلت طهران لاحقًا مدربين إلى روسيا للمساعدة في إنشاء منشآت لإنتاج الطائرات بدون طيار، بناءً على تصميمات إيرانية. ومع ذلك، على الرغم من الطلبات المتكررة من الجانب الإيراني للحصول على أنواع مختلفة من الأسلحة، مثل أنظمة الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة، لم تنقل روسيا أيًا من هذه الأسلحة إلى إيران.
يُفسر نيكيتا سماجين -الخبير في العلاقات الروسية الإيرانية، عدم انخراط موسكو في الدفاع عن حليفتها طهران عسكريًا، لأنها ببساطة ليست مستعدة للمخاطرة بمواجهة إسرائيل والولايات المتحدة من أجل إيران. هذا الموقف القائم على مبدأ الحياد النسبي وإن كان مائلاً لإيران دبلوماسياً الذي تبنته موسكو لم يكن مقنعاً للكثيرين، مما دفع الرئيس بوتين لتبرير حالة الحياد حتى بعد أن استهدفت الولايات المتحدة المواقع النووية الإيرانية، بأنه “يحاول البقاء على الحياد في هذا الصراع، نظراً لوجود عدد كبير من الناطقين بالروسية في إسرائيل”. على مدى عقود، حافظت روسيا على توازن دقيق في الشرق الأوسط، تتمتع موسكو بعلاقات ودية مع إسرائيل، حتى مع تطور علاقاتها الاقتصادية والعسكرية القوية مع إيران.
وتجادل هانا نوتي -مديرة برنامج أوراسيا لمنع الانتشار النووي في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي، أنه منذ ديسمبر 2024 أصبح من الواضح أن موسكو لا تستطيع أو لا تريد التدخل بشكل حاسم لصالح شركائها المعادين للغرب في الشرق الأوسط، عندما أطاح المتمردون السوريون بالأسد، حليف روسيا منذ فترة طويلة. وعلى الرغم من معاهدة الشراكة إلا ان موسكو رفضت تقديم الدعم الذي كانت إيران بحاجة إليه – مثل طائرات مقاتلة متطورة أو أنظمة دفاع جوي متطورة – لردع الهجمات الإسرائيلية. فالديناميات التي بدت في البداية أنها تعود بالفائدة على روسيا سرعان ما أصبحت مصدر قلق استراتيجي من ناحيتين تقول نوتي.
أولاً، حيدت إسرائيل شركاء إيران في المنطقة وواصلت هجماتها على الحوثيين في اليمن واسقطت النظام السوري الحليف الموثوق لطهران.
ثانياً، إضعاف إنتاج الصواريخ والدفاعات الجوية الإيرانية، بما في ذلك أنظمة الصواريخ S-300 الروسية الصنع بفعل الهجوم المفاجئ. فجأة، بدت إيران ضعيفة، ووجدت روسيا نفسها أمام خيارين (1) إما أن تدعم حليفتها في الشرق الأوسط، أو (2) أن تقلل خسائرها في منطقة مضطربة. وهي احوج لهذا السلاح لتغذية حربها في أوكرانيا. في الواقع، جاء قرار بوتين بنهج الحياد من باب موازنة المصالح أكثر منه ضعفاً. وهو انعكاس لدوافع موسكو المتضاربة. فمصالح روسيا تتطلب منها أن تتعامل مع مجموعة معقدة من العلاقات مع اللاعبين الإقليميين، بما في ذلك خصوم إيران ومنافسيها في منطقة الشرق الاوسط. كما توترت العلاقات بسبب التصريحات غير الدقيقة التي أدلى بها العديد من المسؤولين، بدءًا من وزير الخارجية لافروف، الذي قال في مايو 2022 إن اليهود أنفسهم مسؤولون عن الهولوكوست. في الوقت نفسه، لدى إيران أيضًا أسباب تدعوها إلى عدم الثقة في موسكو. فخلال وجودها في سوريا، اشتبهت طهران في تعاون الكرملين الوثيق مع إسرائيل. على سبيل المثال، بعد الهجوم على القنصلية العامة الإيرانية في دمشق في 1 أبريل 2024، الذي أسفر عن مقتل عدة جنرالات رفيعي المستوى، بحثت طهران، من بين أمور أخرى، عن أدلة على تورط روسيا.
- الصين
لم يتمايز الموقف الرسمي الصيني كثيراً عن الموقف الرسمي الروسي. وفي أول تعليق علني له عقب تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، صرح الرئيس الصيني شي جين بينغ أن الصين “قلقة للغاية” بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران”، وعرض الوساطة الدبلوماسية بين الطرفين “الصين مستعدة للعمل مع جميع الأطراف للعب دور بناء في استعادة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.
الشريك السياسي الوثيق لطهران، تابعت الحرب عن كثب ورصدت الفرص لوقف إطلاق النار، بإعتبارها أكبر مستورد للنفط الإيراني الخام حيث تصدر إيران حوالي 90٪ من نفطها إلى الصين، على الرغم من العقوبات الأمريكية التي تهدف إلى شل مبيعات النفط الإيراني، والتي تقول الولايات المتحدة إنها تمول بشكل مباشر الجيش الإيراني. على الرغم من حاجتها لتدفقات النفط الايراني، إلا ان بكين لا تخفي أمنياتها ورغباتها في ان تغرق واشنطن في مزيد من جبهات القتال والحروب طويلة الامد؛ لان من شأن ذلك أن يضعف قدرات وموارد الولايات المتحدة وينهي هيمنتها على العالم، على اعتبار ان الشرق الاوسط مقبرة للإمبراطوريات وفقاً لرؤية الصين، وهذا يساعد على تأجيل المواجهة الحتمية المرتقبة بين البلدين، في وقت يكون أنسب لبكين منه الى واشنطن.
في الواقع، لا تمتلك بكين جيشًا عالميًا، مما يعني أنها لا تملك القدرة على إرسال قوة عسكرية لإسناد طهران، لكنها تتمتع بنفوذ سياسي كبير فيها. أحد الأسباب وراء الدعم المتواضع الذي تقدمه الصين لإيران قد يكون سمعة طهران غير المثالية داخل الصين، لا سيما في مجال الرأي العام. مع بداية الحرب بين إسرائيل وإيران، كان الخطاب السائد في الصين هو أن مستقبل إيران يبدو قاتماً؛ وناقشت سلسلة من التقارير الإخبارية والتعليقات والمدونات على الإنترنت الصيني مختلف أوجه القصور التي تواجهها طهران، فهي تضم عددًا كبيرًا من العملاء، وتعاني من تناقضات داخلية خطيرة، وتخضع لعقوبات منذ فترة طويلة جدًا، مع انهيار اقتصادها وتقادم تكنولوجيتها وعدم كفاءة جيشها، وغمرت الانتقادات الموجهة لإيران الفضاء الصيني على الإنترنت بعد مقتل كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين وتدمير منشآتها النووية بضربات إسرائيلية. بشكل عام، لم يظهر الرأي العام الصيني أي تعاطف أو دعم لإيران، سوى أمل غامض في أن تضعف إيران بعضًا من قوة إسرائيل، وبالتالي قوة أمريكا من خلال جرّها إلى مستنقع حرب وهذا يخفف الضغط على بلادهم.
على الرغم من التفوق العسكري الذي أظهرته إسرائيل في حربها المحدودة “12 يوم” مقابل القدرات العسكرية والاستخباراتية الايرانية، وتأكدها من عدم تدخل حلفاء طهران لصالحها. إلا أن التحليلات الاستراتيجية للخبراء كشفت أن القيادة الإسرائيلية واجهت معضلة معقدة في التعامل مع التهديد الصاروخي الإيراني، مما تطلب منها إعادة إجراء حسابات توازن بين قدرتها العسكرية المتقدمة وبين التحديات الأمنية الناجمة عن احتمالية اندلاع حرب طويلة الأمد على الجبهة الداخلية التي تبقى عاملاً رئيسياً يؤثر على اتخاذ القرار ويدفع نحو حسابات دقيقة لتجنب حرب استنزاف طويل قد يترتب عليها أضرار جسيمة على المستويين الأمني والاقتصادي.
ثالثاً: كشف ردود فعل الجبهة الداخلية الايرانية
يعتبر تماسك الجبهة الداخلية لأي دولة تخوض حرب خارج حدودها عامل حاسم في مسار الحروب؛ بإعتباره مقياس لمدى قدرتها على الصمود أمام الضغوط الاقتصادية والاجتماعية خلال الحرب، أو تلك التي قد يمارسها العدو بعد انتهاء الحرب. على هذا النحو، فإن حالة الجبهة الداخلية الاسرائيلية والايرانية تعتبر ركيزة اساسية في تحديد مساحة المناورة للمستويين السياسي والعسكري في اتخاذ قرارات إستمرار المواجهة من عدمه.
- الداخل الايراني
خلال فترة الحرب الاخيرة، ضغطت إسرائيل والولايات المتحدة بقوة لزعزعة الامن والاستقرار وإحداث شقوق داخل المجتمع الايراني مستغلة تعدد المكونات العرقية والطائفية للمجتمع الايراني، الى جانب أحزاب المعارضة الداخلية والخارجية. سعياً منها لإطلاق الشرارة الاولى للبدء في إجراءات تغيير النظام الايراني من الداخل، وإن كان هذا الهدف غير معلن على الاقل من قبل إدارة ترامب. مع ارتفاع الاصوات المطالبة بإسقاط النظام داخل أوساط الحكومة الاسرائيلية، بدأت المعارضة الايرانية تتهيأ للحظة المنتظرة منذ عقود، وتصدر رموز النظام الملكي السابق الموالي لأمريكا وإسرائيل المشهد، وكشف رضا بهلوي عن خطة انتقالية مدتها 100 يوم تحضيراً لليوم التالي لسقوط النظام، وقال على منصة “إكس” إن “الجمهورية الإسلامية انتهت وهي في طريقها إلى السقوط”، مضيفاً “نحن مستعدون لإقامة حكومة وطنية وديمقراطية من الشعب الإيراني ولمصلحته”. بالمثل، برزت تحركات لمنظمة مجاهدي خلق ووجهها السياسي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي تقودهم مريم رجوي صاحبة الوجود النشط في العواصم الأوروبية، لكنها مثل بهلوي لا يزال وجودها في الداخل ضعيفاً.
لطالما ثارت الأقليات الكردية والبلوشية، ذات الأغلبية السنية في إيران، على حكم الحكومة الشيعية الناطقة بالفارسية في طهران. ولطالما نظمت عدة جماعات كردية معارضة في الأجزاء الغربية من البلاد حيث تشكل الأغلبية، وشهدت فترات من التمرد النشط ضد القوات الحكومية. في بلوشستان، على طول الحدود الإيرانية الباكستانية، تتراوح معارضة طهران بين مؤيدي رجال الدين السنة الساعين إلى توسيع نفوذهم داخل إيران، والجهاديين المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة. وعندما انتشرت موجات احتجاجية كبرى في جميع أنحاء إيران، كانت غالبًا أشدها في المناطق الكردية والبلوشية، ولكن في كلتا المنطقتين، لا توجد حركة معارضة موحدة تُشكل تهديدًا واضحًا لحكم طهران. وعلى الرغم من نوبات الاحتجاجات المتكررة على مستوى البلاد والتي امتدت لعقود من الزمن، فإن المعارضة الإيرانية منقسمة بين الجماعات المتنافسة والفصائل الإيديولوجية، ويبدو أن حضورها المنظم داخل البلاد ضئيل.
على مستوى المواطنين، اصبحت حياة الايرانيين صعبة، وسط انقطاع للاتصالات وشبكة الانترنت، اغلاق العديد من المصارف والمحال التجارية والاسواق ابوابها، انقطاع التيار الكهربائي في بعض الاحياء، طوابير طويلة من السيارات تغادر العاصمة طهران. اغلاق المؤسسات الحكومية ابوابها كما المدارس والجامعات، وكذلك، أُغلقت المطارات، وشعر المواطنون بالصواريخ والقنابل تلاحقهم في كل مكان. ومع ذلك، وفقًا لأحدث استطلاع أجرته شعبة الأبحاث في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (IRIB)، قال ما لا يقل عن 77% من الإيرانيين إنهم يشعرون بالفخر الشديد على رد بلادهم على العدوان الإسرائيلي. هذا يدل على الدعم الوطني لعملية “الوعد الصادق 3” التي أطلقتها القوات المسلحة الإيرانية، والتي وحدت البلاد ضد المعتدي.
على النقيض من ذلك، زعمت الإذاعة الوطنية العامة (NPR) الامريكية في تقريرها، ان المواطنين الايرانيين كانوا سعداء لأن إسرائيل تقتل أعضاء القيادة الإيرانية لأنهم يريدون إنهاء الحكم المتشدد في إيران. كذلك، نشرت صحيفة The Washington Post في تقريرها بتاريخ 14 يونيو/حزيران أن مشاعر مختلطة رافقت المواطنين الايرانيين بين “سعادة” و”عدم تصديق”، ثم “بعض القلق” بشأن ما سيحدث بعد ذلك. نظراً للقمع الحكومي، قد يكون من الصعب قياس الرأي العام في إيران. الاستطلاعات محدودة، وكثير من الإيرانيين غير مستعدين للتحدث إلى الصحفيين الأجانب، وأولئك الذين يفعلون ذلك قد يكون لديهم آراء لا تمثل غالبية السكان. وإذا وسعت إسرائيل نطاق هجماتها لتتجاوز الأهداف العسكرية والبرامج النووية، فقد تتغير تلك الآراء. ومع ذلك، كشفت المواجهة عن خطأ أعمق في التقدير. قوة إيران لا تقوم على الاندفاع أو الوكلاء الضعفاء وحدهم. إنها قوة لامركزية، راسخة أيديولوجياً ومصممة لتدوم؛ على الرغم من تعرضها للضربات، لم تسقط الجمهورية الإسلامية؛ والآن، قد تكون أكثر تصميماً – وأكثر خطورة – من ذي قبل، يجادل Bamo Nouri. في حين أن النظام الإيراني “يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه قمعي، وكارثي اقتصادياً، وبعيد عن احتياجات الناس العاديين”، لكن الضربات التي تشنها دولة أجنبية على أراضيها قد تولد، بشكل متناقض، الدعم وتقوي المتشددين، يقول حسين دباغ.
- الجبهة الداخلية الاسرائيلية
يتألف السكان الحاليون لإسرائيل تقريباً من حوالي 74% من اليهود، و21% من العرب الفلسطينيون، و5% مصنفين على أنهم “آخرون”. السكان اليهود متنوعون من شتات الارض، فقد هاجروا من أوروبا الشرقية والغربية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية إلى ارض فلسطين التاريخية منذ أواخر القرن التاسع عشر. وهم مختلفون في الأصل العرقي والثقافة، وجلبوا معهم لغات وعادات من بلدانهم الاصلية. في إسرائيل مجموعات عرقية متنوعة، بما في ذلك اليهود الأشكناز من أصل أوروبي واليهود السفارديم الذين تعود جذورهم إلى شبه الجزيرة الإيبيرية. أكبر مجموعة عرقية يهودية في إسرائيل، والتي تشكل حوالي 40% – 45% من إجمالي سكان إسرائيل، تسمى مزراحي، والتي تعني “شرقي” باللغة العبرية. ينحدر أسلاف اليهود المزراحيين من مجتمعات يهودية في الشرق الأوسط، الى جانب اليهود القادمين من اثيوبيا. هذا الشتات العرقي، أظهر اختلافات بين هذه المجتمعات في جوانب عديدة، منها الجنسية والدين ودرجة التدين واللغة والثقافة والهوية الشخصية والتوجه السياسي وحتى الآراء المتعلقة بالهوية المرجوة للدولة، هذه الحالة من عدم التجانس التي يتسم بها المجتمع الاسرائيلي جلبت معها تحديات وتوترات أثرت على مرونته وتضامنه.
خلال المواجهة، تعمدت إيران تكثيف هجماتها الصاروخية على اهداف داخل المدن الإسرائيلية لزيادة الضغط على المجتمع الاسرائيلي المتنوع، كما نشطت من عملائها على الارض. وهو ما شكل تحديًا داخلياً كبيرًا على الجبهة الداخلية الاسرائيلية، الذي لم تعتد على مثل هذا النوع من الحروب طويلة الأمد. هذه الديناميكية عكست صراعًا تجاوز حدود المواجهة العسكرية ليشمل أبعادًا سياسية ونفسية، سعت من خلالها الأطراف إلى تحقيق أهدافها عبر التأثير المباشر وغير المباشر على المجتمعات الداخلية للطرف الآخر. وتقلص السفر من والى اسرائيل بعد إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية.
بعد الضربة الأولى التي استهدفت الاصول العسكرية الايرانية، شهدت الجبهة الداخلية الإسرائيلية حالة من الثقة والاعتزاز بالنتائج الأولية للعملية؛ لكن الابتهاج سرعان ما تبدد. بعد اقل من 24 ساعة على الضربة، تمكنت إيران من إعادة تنظيم صفوفها واستخدام بعض من قدراتها العسكرية، مما أتاح لها الرد بفاعلية نسبية على الهجوم. وبدا أن الضربة الاستباقية التي احتفل بها أنصار اليمين المتطرف في إسرائيل تتحول تدريجياً الى حرب استنزاف طويلة بدأت تضغط على عصب العين لقادة الحرب في إسرائيل وتدفع نحو ضرورة إعادة تقييم استراتيجية المواجهة. في إسرائيل، الحياة المدنية توقفت، المدارس أُغلقت، المطارات توقفت، شبكات النقل مشلولة، الشوارع الإسرائيلية خالية ويعيش السكان في الملاجئ أو على عتباتها، وساد تذمر كبير في أوساط الاسرائيليين بسبب النقص الكبير في الغرف الامنة لأغراض الحماية من الصواريخ الايرانية.
ومع ذلك، أظهرت ثلاثة استطلاعات رأي مختلفة نُشرت في إسرائيل تأييد الأغلبية للضربات الجوية على إيران. وفقًا لاستطلاع أجرته الجامعة العبرية في القدس يومي 15 و16 يونيو/حزيران، أيد 70% من المشاركين الحرب على إيران. وتوصلت دراسة أخرى أجرتها شركة Agam Labs يومي 13 و14 يونيو إلى نتائج مماثلة، بأرقام متطابقة. وركز استطلاع للرأي على الاختلافات في التصورات بين السكان اليهود والعرب؛ أيد 83% من المستجيبين اليهود العملية، بينما عارضها 73% من المستجيبين العرب.
من ناحيتها، اعلنت المعارضة الاسرائيلية التصاقها بخطوط حكومة اليمين المتطرف وظهر زعيم المعارضة يائير لابيد كــوزير لإعلام الحرب، وتبنى نهجاً أكثر توافقاً مع حكومة المتطرفين إن لم يكن أكثر تطرفاً. هذا التحول في موقف لابيد يُظهر مدى تأثير القضايا الأمنية على الخطاب السياسي في إسرائيل، حيث تتراجع الخلافات الداخلية أمام الأولويات الاستراتيجية للدولة. في مقاله على صحيفة The Jerusalem Post، كتب لابيد، “نتنياهو خصمي السياسي، لكن قراره بضرب إيران في هذه اللحظة هو القرار الصائب”.
من وجهة نظر Cambanis& Ali-Khan فإن إيران وحلفاؤها باتوا يواجهون تحديات داخلية من خصومهم المحليين وربما من ناخبيهم الساخطين. هذه التحديات الداخلية، في الوقت الراهن، هي أكثر التهديدات الوجودية لأعضاء محور إيران، وربما تخلق حالة من المنافسة العنيفة داخل إيران ولبنان واليمن. لكن الشعب، الذي تم اختبار صموده بطرق متعددة على مدى العقود الأخيرة، لم يكن مستعدًا لتقبل مشهد طائرات مقاتلة أجنبية وقاذفات قنابل وطائرات بدون طيار تخترق المجال الجوي لبلده وتلقي المتفجرات كما تشاء. من ناحيته، يجادل Mehdi Parpanchi على موقع Iran International، أن سيطرة المؤسسة الدينية تضاءلت قبضتها. بينما سعت الدولة إلى إثارة الحزن على قادة الحرس الثوري والعلماء النوويين الذين اغتالتهم إسرائيل، لكنها قوبلت باللامبالاة. وعلى الرغم من ممارستها للرقابة والسجون، لكنها لم تعد تثير الخوف أو الإيمان؛ ويضيف، هذا النظام في حالة تدهور هيكلي، يتعرض لضغوط من الأعلى بسبب الإذلال العسكري ومن الأسفل بسبب الثورة الثقافية.
من ناحية اخرى، وعلى الرغم من عدم تبني إدارة ترامب سياسة تغيير النظام في طهران والتي بدأ يتحدث عنها نتنياهو، إلا ان ترامب المح بطريقة غير مباشرة الى إمكانية تغيير النظام. في تغريدته التي نشرها على تروث سوشال، كتب ترامب: “ليس من الصحيح سياسياً استخدام مصطلح ‘تغيير النظام’، ولكن إذا كان النظام الإيراني الحالي غير قادر على جعل إيران عظيمة مرة أخرى، فلماذا لا يكون هناك تغيير في النظام؟”. ومع ذلك، لم يسعى ترامب لإسقاط النظام لعدة اسباب. من بينها، أن الرأي العام الامريكي لا يؤيد إشعال حرب جديدة مع إيران؛ فقد أظهرت نتائج استطلاع رأي نشره الصحفي المستقل Elliott Morris أن ما نسبته 57% من الامريكيين المستطلعة آراءهم لا يؤيدون تدخل عسكري أمريكي ضد إيران مقابل 21%. مقارنة بالدعم الذي حصلت عليه الادارات الامريكية السابقة في حروبها على كل من (افغانستان، العراق، القاعدة وداعش).

المصدر: موقع Elliott Morris
في أحدث تصريحاته بعد إعلان وقف إطلاق النار، حذّر الرئيس ترامب من أن الصراع بين إسرائيل وإيران قد يتجدد “ربما قريبًا”، حتى مع شعور البلدين بالضجر من استمرار الأعمال العدائية، يقول ترامب: “لقد تعاملتُ مع الطرفين، وكلاهما منهك… هل يمكن أن يبدأ من جديد؟ أعتقد أنه يمكن ذلك يومًا ما. ربما يبدأ قريبًا”. في هذا السياق، يبدو أن إدارة ترامب وحكومة نتنياهو متوافقتان بشكل وثيق على الأهداف، ولكنهما أقل اتفاقًا على الوسائل، كلاهما يشتركان في هدف منع إيران من الحصول على سلاح نووي؛ وإنهاء نفوذها في المنطقة. أما فيما يتعلق بالوسائل، فقد أراد ترامب تجنب الحرب — فهو يريد أن يكون رئيسًا يسعى إلى السلام من خلال القوة، ولديه أشخاص يتحدثون في أذنه عن دعم إسرائيل وفي الأذن الأخرى عن الابتعاد عن حروب الشرق الأوسط. بينما يرى نتنياهو أن هناك فرصة مواتية للقضاء على التهديد النووي الإيراني وحتى تغيير النظام باستخدام الوسائل العسكرية؛ كمقدمة لإعادة رسم خارطة الشرق الاوسط.
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتهاء وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة 12 يومًا، إلا أن هذا الإعلان لم يعالج الأسباب الجذرية التي أدت إلى اندلاع الحرب. ورغم الضربة الأمريكية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، لم تعترف طهران بخروج مفاعلاتها النووية عن الخدمة، وعاد قادتها للتأكيد على أن بلادهم لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم وفقًا للمعايير الدولية. في المقابل، أعلن كلا الطرفين الإسرائيلي والإيراني تحقيق الانتصار، مما يعكس استمرار التوترات وعدم الوصول إلى حل جذري للأزمة. وفي الوقت ذاته، لا تزال المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران متعثرة، حيث لم يتم تحقيق أي تقدم ملموس في ظل الجمود الذي يسيطر على المحادثات.
الاستنتاجات
- مسألة وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترامب يبقى هشاً، وهناك العديد من التساؤلات التي لم تجد إجابات واضحة حتى الآن. أبرزها مدى تأثير الضربات الإسرائيلية والأمريكية على البرنامج النووي الإيراني، وهل نتائج الضربة كافية لإقناع نتنياهو بعدم العودة للحرب من جديد. بالإضافة إلى ذلك، يبقى مصير اليورانيوم المخصب بنسبة 60% مجهول. هذا يعني ببساطة ان مبررات اسرائيل العلنية للحرب ما زالت قائمة.
- كشفت حرب الـ 12 يوم عن تباين واضح في القدرات العسكرية والاستراتيجية بين إيران وإسرائيل، سجلت لصالح الاخيرة. وإذا كان هناك ما يمكن استنتاجه من الضربات التي شنتها إسرائيل على إيران، فهو أن نتنياهو تجاوز “مبدأ بيغن” ويسعى لتغيير النظام الإيراني وليس فقط تدمير القدرات النووية والصاروخية الايرانية.
- أظهر حلفاء إيران المفترضون فشلاً في تقديم دعماً حقيقياً في اللحظات الحرجة؛ بينما وفرت واشنطن لحليفتها الموثوق اسرائيل كل الاحتياجات اللازمة بما فيها ضربة مباشرة على مفاعلات إيران النووية.
- على الرغم من الضربات الإسرائيلية التي ألحقت أضراراً جسيمة بالبنية التحتية الإيرانية، إلا أن المجتمع الإيراني أظهر مرونة نسبية في مواجهة هذه التحديات، مما عكس قدرة نسبية على التكيف مع الأزمات. في المقابل، واجهت إسرائيل تحديات متزايدة على صعيد الجبهة الداخلية، حيث بدأ القلق ينتشر بين المواطنين من احتمالية الانخراط في حرب استنزاف طويلة الأمد، الامر الذي أثر على الثقة العامة وبدأت الضغوط تتزايد على القيادة السياسية والعسكرية لاتخاذ خطوات حاسمة.
- بالنظر لعدم توصل الاطراف الى إتفاقية شاملة لمعالجة قضية الملف النووي والبرنامج الصاروخي الايراني وسط جمود سياسي كبير، تبقى احتمالية استئناف الحرب بين الطرفين الايراني والاسرائيلي أمراً قائماً.





