الاشتباكُ الهنديُّ – الباكستانيُّ

المهندس ساسين القصيفي

على إثرِ عمليَّةٍ إرهابيَّةٍ، قامَ بها إسلاميُّون باكستانيّون، في الجزءِ الهنديِّ من كشمير، والتي راحَ ضحيَّتها عشراتُ القتلى والجَرحى، من السُوَّاحِ المَدنيِّين الهندوس، اندلَعَت اشتباكاتٌ حاميةٌ بين الطرفيْن، قبل أنْ يتمَّ التوصُّل الى إتفاقٍ لوقفِ إطلاقِ النار في اليوم الثالث.
ولكنْ، وفي قراءةِ ما وراءَ قَعْقَةِ السِّلاحِ،
يضَع المراقبون، هذه الحرب، في إطارِ جَبهِ الإندفاعةِ الإقتصاديَّةِ الهنديَّة، من قِبَلِ عَدوُِّها الَّلدود الصِّين، عبْرَ جارَتِها باكستان، والتي أصبحت تُمَثلُّ، رأسَ حربةٍ للصين، في مشروعِها الامبرطوريِّ التَّوسُّعيِّ.
فَمشروعُ الصِّينِ الإمبرياليِّ، الحِزامُ والطريقُ، يَمُرُّ عبرَ كشمير الباكستانيَّة، وهو المَنفذُ الوحيدُ لتصديرِ المُنتجاتِ الصينيَّةِ الى إفريقيا وغربِ آسيا… إذا ما أَقفَلَت الولاياتُ المُتَّحدةُ مضيقَ “مالاكا” بِوجهِها، هذا الذي يربطُ بحرَ الصينِ الجنوبيِّ بالمحيط الهندي، حيث تعبرُ من خلالِهِ حاليًّا، مُعظمُ صادراتِ الصينِ.
الهندُ من جِهَتها، والتي اقتصادُها يشهدُ ازدهارًا مُطََّرِدًا، في الحقبةِ الأخيرة، مع نموٍّ سَنَويٍّ، يفوقُ 6%، تُحاول ان تكونَ مَقرًّا رئيسًا لتوطينِ الصناعاتِ الغربيَّة، مُستغلَةً أنموذَجها الديمقراطيِّ، ومَوقِعها الجغرافيِّ، كما واليدُ العامِلةُ الماهرةُ والرَّخيصةُ، خاصَّةً في مجال الإلكترونيات…
وبالعودةِ الى الإشتباكاتِ العسكريَّةِ، وبعيدًا عن التحليلاتِ العاطفيَّة، فلقد كشفَت هذه الحربُ المحدودةُ، نقاطَ ضعفٍ للترسانَةِ العسكريَّةِ المُتطورةِ لدى الجانبين، ومن خلالهِما، بين السلاحِ الغربيِّ والصينيِّ، في أولِّ تجربَةٍ عمليَّاتيَّةٍ.
فباكستانُ، والتي باتَت معظمُ أسلحتِها، في العقدِ الأخير، مستوردةً من الصين، استطاعت عبر الطائرة الصينية «J10C» ان تُسقطَ طائرَةَ الرافال الفرنسيَِّة كما والسوخوي 30 الروسيَّة، وكلتاهما من الجيلِ الرابِعِ المُتطور.
فيما استطاعت الهندُ، تدميرَ شبكةٍ دفاعيَّةٍ باكستانيَّةٍ » «HQ9، من صنعٍ صينيٍّ، بِمُسيِّراتٍ اسرائليَّةٍ. وهذا النظامُ الصينيُّ المُتَطوِّرُ، للدفاعِ الجويِّ البعيدِ المدى، يتألفُ من راداراتٍ متقدمةٍ، ومراكز قيادة، وأنظمَةِ اعتراضٍ مُتعدِدَةِ الطبقاتِ، صمَّمَتهُ الصينِ، لحمايةِ أجوائها من التهديداتِ الجويَّة المُعقَّدةِ.
وهذا النظامُ الدفاعيُّ، يُمثِّلُ فخرَ الصناعةِ الصينيَةِ، للدفاع الجوي.
بينما تُعتبرُ الرفالُ والسوخوي 30، فخر الصناعاتِ الجويَّةِ الفرنسيَّة والروسيَّة.
وفي النهايةِ،
فأنَّ نتائجَ هذه المواجهَةِ، المَحدودةِ زمنيًّا، ستُدُرَّسُ طويلًا في مراكزِ الأبحاثِ العسكريَّةِ الدوليَّة، إذ إنَّها تُعبِّرُ عن ساحةِ اختبارٍ ميدانيَّةٍ، بين أنظمَةِ تسليحٍ، غربيَّةٍ وصينيَّةٍ.
وفي هذا التنافسِ على النُّفوذِ والهَيْبَةِ، في الأسواقِ الدوليَّةِ،
الصينُ، ليست في وضعٍ مُريحٍ، وكذلك الأوروبيّونَ والرُّوس،
بينما أميركا، تُراقبُ عن كَثَبٍ، مَزهوَّةً بتقنيَّاتِها من الجيلِ الخامسِ، المَدموجةِ بالذكاء الإصطناعي،
والعيْنُ تبقى على تايوان… وَتَوَتُّرَاتِ الشَّرقِ الأوسَطِ…