ترامب في السعودية

المهندس ساسين القصيفي

قَصَدَ الرئيسُ الأميركيُّ، أن تكونَ، أوَّلُ زيارةٍ خارجيَّةٍ له، الى دُولِ الخليج العربيِّ، بِدءًا من السعوديَّة. وهذه دلالةٌ كبيرةٌ، على أهميَّة الشرقِ الأوسطِ، في الاستراتجيَّةِ الأميركيَّةِ الجديدةِ.
ويعودُ ترامب الى سعوديَّةٍ ومنطقةٍ، مختلفتان تمامًا عن تلك التي زارَهما سنة 2017. فكثيرٌ تغيَّرَ، في السعوديَّةِ والمِنطقةِ وكذلك في أميركا والعالم.
فالسعوديَّةُ، بدأت تُنوِّعُ في اقتصادِها كما وفي علاقاتِها، فيما الخطةُ – الرؤيةُ 2030 ، للأميرِ محمد بن سلمان، بدأت تُؤتي ثمارها .
أمَّا المنطقةُ، فتغيَّرت استراتجيًّا،
فإيران، لم تَعُد اللاعب الأساس في الإقليم. والنظامُ الأسَديُّ في سوريا انهارَ. وحزبُ الله باتَ يُلَملِمُ جِراحَهُ. والحوثيُّون لم يَعُد باستطاعتهم تهديدَ أمنِ دُولِ الخليج. وحركةُ حماس أصبحَت خارجَ المُعادلاتِ العسكريَّة. والحشدُ الشعبيُّ في العراق لم يعُد قوَّةً مُتفلِّتة. وإيرانُ المكلومةُ، تفاوضُ الأميركيِّين على مشروعِها النوويِّ كما وعلى دورِها الإقليميِّ.
بالمقابل، عادَ النفوذُ الخليجيُّ، الى لبنان وسوريا… وأصبحت المنطقةُ خارجَ نطاقِ المساوماتِ والمقايضات.
وفي العالم،
هناك الحربُ الإقتصاديَّةُ الكبرى التي انخرطَ ترامب فيها، في إطار خطتِّه لِجَبْه الإندفاعَةِ الصينيَّة عالميًّا. والدورُ السعوديُّ، يمثِّلُ ثقلًا عربيًّا وإسلاميًّا جامعًا. ومن هنا أهميَّة هذه الزيارة على العلاقة بين الطرفين، خاصَّةً من خلالِ الإتفاقاتِ الإقتصاديَّةِ الكبيرةِ، والعُقود الامنيَّة النوعيَّة، مع أميركا، وهذا ما يُؤشِّرُ الى عودةٍ أميركيَّةٍ مُظفَّرةٍ الى المنطقة، وسَتَدفَعُ من خلالها النفوذَ الصينيَّ الى الإنكفاءِ.
وحيث أنَّ الإقتصادَ، لا يكتملُ، إلا بالسياسَةِ، وبالأدوارِ الإقليميَّةِ. فمن هنا أهميَّةُ رسمِ خطوطِ النفوذِ الدوليَّة في الإقليم، ومن خلالها، لَمُّ شَمْلِ خرائط الإقليمِ المُبعثَرَةِ، بين تأثيرٍ إيرانيٍّ وتركيٍّ وآخر اسرائيليٍّ…
في هذا الإطار،
لا بدَّ من خطَّةٍ واضحةٍ، لحلِّ القضيَّةِ الفلسطينيَّة.
وكان لافتًا ايضا ، إعلانُ إلغاءِ العقوباتِ الأميركيَّة على سوريا. وهذه خطوةٌ أتَتْ بمسعى سعوديِّ، وستدعَمُ النظامَ الجديدَ، في انطلاقتِهِ للإنخراطِ مُجدَّدًا في مشروعِ حَدْثَنَةِ سوريا، ونبْذِ مشروعِ التطرُّف.
أمَّا لبنانيًّا، فشدَّدَ الرئيسُ ترامب، على دعمِ الحكومة، في تقدُّمها لبسطِ سلطتها الشرعيَّة على كامل الأراضي اللبنانية، وفقًا للقرار الدولي 1701.
وفي النهاية،
فَمِنَ الرياض، ترتسِمُ هذه الايَّامُ، ملامِحَ الشَّرقِ الأوسطِ الجديد!
وهنا تأتي المسؤوليَّةُ السعوديَّةُ الكبيرةُ. فَعَليها إغلاقُ أبوابِ التطرُّفِ، في الإقليمِ واستطرادًا في العالم الاسلامي، وفَتْح النَّوافِذِ لِرياحِ التَّطوُّرِ والحداثةِ، لانتشالِ المِنطقةِ من هشاشةٍ اقتصاديَّةٍ واجتماعيَّةٍ وسياسيَّةٍ وتنمَويَّةٍ وتَربويَّةٍ، فلا يعُدُ الإقليمُ منطقةً منكوبةً.
وإذا كان اتفاقُ كوينسي التاريخيِّ، بين الملكِ المؤسِّسِ عبد العزيز والرئيسِ الأميركيِّ روزفلت، قد أنجَزَ مُهمَّتَهُ، وأضحى بِحُكمِ المُنتهي، بفعل التغيُّراتِ الدوليَّةِ،
فإنَّ بلورةَ إتفاقٍ جديدٍ بين الطرفين، يقومُ على التخادُمِ المَصلحيِّ، صارَ ضرورةً موضوعيَّةً، وحاجةً ذاتيَّةً للطرفيْنِ، للعقودِ القادمة.
فهل سينجحُ الطرفانِ، في الإتفاق، لانتزاعِ شعوبنا من ثقافةٍ، تحوَّلت عبئًا على حامليها؟
أنا متفائلٌ!