عون وسلام القراءة في كتاب واحد….وهذا ما ينتظر سعيد

بقلم جوزف القصيفي

أما وقد عين مجلس الوزراء كريم سعيد حاكما لمصرف لبنان بعد إتصالات ومشاورات بين القوى السياسية المحلية، كان للخارج فيها رأي وازن، فإن الانظار تتجه إلى ما سيقدم عليه الحاكم الجديد من إجراءات وتدابير لمواجهة اكبر أزمة نقدية ومالية عرفها لبنان في تاريخه الحديث،وهي واحدة من كبريات الازمات في العالم. إن المصرف المركزي في اي بلد في العالم هو صمام أمانه، والبوصلة التي تقوده إلى الملاذات آلامنة. وأن السياسات النقدية التي رسمها الحاكم السابق رياض سلامه، أدت بلبنان إلى سحيق الهاوية، وقعر القعر ، وإن التقارير الدولية من هيئات وشركات تدقيق مالي تؤكد مسؤولية سلامه المباشرة عن التدني الحاد في قيمة العملة اللبنانية وتبخر الودائع، إذا سلمنا جدلا انها تآكلت واستنفدت، وليست محتجزة، لأن لا معلومات رسمية أو على الاقل موثوقة في شأنها. ولكن تعيين حاكم لمصرف لبنان خلفا لرياض سلامه نزيل السجن،ليس نهاية المطاف، بل انه انطلاقة لمسار جديد يبدأ مع: أ-تعيين مجلس الحاكمية. ب- تعيين رئيس لجنة الرقابة على المصارف، واعضائها. ج- تعيين مديري الوحدات والدوائر في المصرف. لكن التحديات الحقيقية التي يتعين على سعيد مواجهتها هي آلاتية: 1- مصير ودائع المواطنين في المصارف اللبنانية.ووضع خطة واضحة تشرح للرأي العام كيفية استردادها، والروزنامةالزمنية التي ستلتزم بها الدولة لاعادة الودائع إلى اصحابها.وقبل ذلك ينبغي التعهد للمودعين بأن أموالهم لن تشطب بنسبة عالية خصوصا وأن معلومات قد راجت بأن على اللبنانيين أن ينسوا أمر الودائع وأن يفتحوا صفحة جديدة تتلاءم مع الوقائع العملية التي أفرزتها الازمة المالية المتفاقمة منذ العام 2019 حتى اليوم. 2- موضوع هيكلة المصارف وارساء قواعد جديدة تؤدي إلى استعادة القطاع المصرفي لدوره الذي يعاني من انعدام ثقة اللبنانيين به. 3- استعادة الودائع المهربة بعد السابع عشر من تشرين 2019،وهناك بيانات موثقة في مصرف لبنان بحجمها وأسماء اصحابها، ومنهم رجال مال واعمال ومصارف. وكان سبق لمصرف لبنان أن طالب اصحابها بإعادة نسبة مئوية منها، لكن المطالبة وقعت على أذن صماء. بطبيعة الحال،فإن كريم سعيد الذي يمتلك (C.V) يؤكد اهليته وكفايته العلمية والعملية لتبؤو هذا المنصب الرفيع والخطير، ليس ” سوبرمان” الذي سيستطيع وحده إعادة الأمور إلى نصابها بين ليلة وضحاها. وهو لكي يقلع بحاجة إلى دعم رئيس الجمهورية( وهو حائز على دعمه)، والانسجام مع الحكومة، ولاسيما التعاون مع وزارة المال وبالطبع القطاع المصرفي،عدا الدعم الخارجي. وبات معروفا أن سعيد حظي بتأييد واشنطن المباشر لتسلم هذا المنصب وهو تأييد مهم نظرا للدور الرئيس والمقرر الذي تضطلع به وزارة الخزانة الاميركية في منظومة النقد الدولي. وسينعكس ذلك حتما على العلاقة المستقبلية بين حاكمية مصرف لبنان وصندوق النقد الدولي. لكن إختيار كريم سعيد بالتصويت حاكما لمصرف لبنان، وإن كان إختيار صحيا لا يخرج على قواعد الدستور،فإن عدم تصويت رئيس الحكومة نواف سلام لمصلحته، وإن كان مشروعا، يدل إلى ان تعارض وجهات النظر على نحو يؤدي للاحتكام إلى التصويت،قد يصيب التضامن الوزاري أحيانا بانتكاسات في وقت لا تزال فيه البلاد تواجه صعوبات وتحديات تطاول سيادته واستقراره.لكن في مطلق الأحوال،فإن قطار التعيينات قد غادر محطته متجها إلى هدفه الرئيس وهو ملء الشواغر في الادارات، واستكمال تعيين الموظفين في المناصب القيادية في الدولة لمواكبة العهد الجديد في ما ينتظره في قابل الايام من ملفات وموضوعات هي في مسيس الحاجة إلى الحسم سريعا لتنطلق عجلة الدولة. وأن التصويت في مجلس الوزراء الذي لم يخالف الطائف، لا يمكن المراهنة عليه للقول أن تعاون رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مر بامتحان، طالما أن الاثنين يقرآن في كتاب واحد هو الدستور.