في البيع والشراء

كل ما في هذا العالم أصبح على كفّتي ميزان البيع والشراء.
الزعيم يكدّس الأموال من أتعاب مناصريه بالجمع ويبيعهم خدمات بالمفرّق.
رجل الدين يبيعهم نصائح إلهيّة ليست ملكه بالمال ويشتري منهم خضوعهم له.
السياسي يشتري المركز بالتبعيّة والولاء ويبيع المناصرين وعوداً في غالبيتها كاذبة.
الغني يشتري أتعاب الفقير ويبيعه ما يأكل ويلبس.
قصة البيع والشراء بالمال صارت القاعدة بعدما فقدت المجتمعات موازين القيم والأخلاق والمبادئ.
صاحب الأخلاق لا دور له في كل مجتمعات العالم الحالي بعد تحوّل هذه المجتمعات إلى عبادة المال. كل من على هذه الأرض (ناقص الكل قلّة)، يعيشون بلا أخلاق ولا مبادئ ولا قيم. يعيشون فقط لكسب المال.
تجارة بكل شيء، والهدف واحد، إنّه المال. لم يعد في ثقافة أحد أن هناك من الأمور غير خاضعة للبيع والشراء.
أوقفوا العمل بالديانات إن كنتم غير قادرين على إقناع البشريّة أن الإيمان لا يُشترى بالمال، والأخلاق لا تُشترى بالمال، والمبادئ لا تُشترى بالمال، والقيم لا تُشترى بالمال.

ما هو دور الديانات وأربابها الأرضيّين يعيشون برغد العيش، وأتباعها يعانون من الفقر والعوز والجوع والمرض؟
كيف تستقبل دور العبادة السارق الوجيه أو الثري الذي يطعم حيواناته وإلى جانبه جار جائع؟
يُريد العالم أن يرى رجل دين شبيه بذلك المطران الذي وقف بعد الإنجيل المقدّس ليلقي كلمة رثاء في ثري كان يعيش مع هرّة في قصره الكبير، ويده لم تمتد يوماً للمساعدة في أي مجال.
اقتصر رثاء المطران على الصمت لدقيقة واحدة تقريباً كان خلالها يبحث في ذاكرته عن حسنة واحدة في الميت المسجّى أمامه ليرثيه بها، ولمّا لم يجد، أطلق كلمة مفردة دوت كالرعد في الكنيسة. قال لهم بالعامّية: شيلوه. أي أخرجوا به من الكنيسة إلى المدفن.
من لا نفع له بالحياة أي نفع سيكون له بعد الممات؟!
الباقون في الذاكرة هم الذين لم يبيعوا ضمائرهم ولا أخلاقهم ولا مبادئهم بالمال لأن هذه القيم لا تُباع. أمّا الذين باعوا فحسابهم مع المُشتري وليس مع الشرفاء الأنقياء.