جورج كريم _ الروابط
في سفر التكوين أن الله كان يرى بعد كل يوم من الخَلق ” كل شي حسنٌ وحسنٌ جدا “
وفي سفر تكوين « الوطن « لم نجد حتى تاريخه أيّ شيءٍ حسنٌ.
وما يغالب الأمة العربية بدولها ودويلاتها من حروب مدمرة، سببه انها قامت وتكوّنت على كل شيء فاسد، ولم يكن فيها من شيء حسن.
كلّ شيء فاسد تحت سماء الوطن. حتى صار الفساد والإفساد عنوانا هذا الزمن.
عشعش الفساد وتكاثر في مفاصل الدولة ومؤسساتها السياسية وفي معظم الإدارات الرسمية.ضرب جيلاً بكامله، ووصل به الأمر الى المقامات والمؤسسات الدينية وما يتفرع منها وعنها.
وكاد ” المريبُ أن يقولَ خُذوني “.
فرافعو شعار مكافحة الفساد لم يقدموا غير العبارات واليافطات، ويكادون يخافون السؤال: من أين لكم هذا الثراء وقد ولدتكم أمهاتكم فقراء!؟
وسارقو المال العام يبنون القصور، ويمارسون الفجور، ويشترون ضمائر الناس وأصواتهم الإنتخابية ليصيروا نواباً، لما للنائب من حصانة وامتيازات يمارسها، ينتفع بها، ويورّثها.
ويخبروننا بين الحين والآخر عن فساد في الدواء، أو عن بيع أدوية انتهت صلاحيتها، ولا يسمّون لنا اسم شركة أو شخص أوقف وأدين وأودع السجن.
وفساد الألبان والأجبان وحليب الأطفال، قصة مسرحية تتكرر في عدة فصول.
وكذلك الأمر بالنسبة لفساد المبيدات الزراعية، وما أفتاه الطب، بأنها تؤسس لأمراض سرطانية عند الإنسان.
ناهيك عن شركات تعبئة مياه الشفه غير المرخّص لها وتعد بالمئات؟!
وعن الفساد في النظام الوطني العام، ومنتجه التبعية والإرتهان.
وعن الفساد السياسي، ومنتجه تمثيل نيابي غير صحيح.
وعن الفساد التربوي، ومنتجه ولاء للمذاهب والأحزاب وليس للوطن والدولة.
وعن الفساد البيئي، ومنتجه ملوثات واوبئة وأمراض.
وزراء كُثر في وزارات تعاقبت، حلّوا ضيوفاً فولكلوريين على شاشات التلفزة، وتحدثوا عن الفساد في وزاراتهم والإدارات التابعة لها، ولم يذكروا اسم مخالف أو مفسد، وكذلك بموضوع اللحوم الفاسدة توزع على السوبرماركات والمطاعم الفخمة، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق ويجب أن لا يكون اي غطاء سياسي أو مظلة فوق أحد عندما يتعلق الأمر بصحة المواطن وغذائه، وتالياً يجب عدم التهاون مع المسؤولين عن المواد الغذائية الفاسدة واحالتهم على القضاء المختص.”
هل نطمئن أن زمن المتاجرة بصحة المواطن، من الطفل الرضيع الى العجوز المسن قد ولى وانتهى؟
وان معاقبة المتاجرين المفسدين والتجار الفاسدين أصبحت في عهدة قضاء عادل ونزيه؟
وهل نقرأ ونسمع غداً أسماء المخالفين والعقوبات المشدّدة بحقّهم؟ أم تبقى الشمس في سماء الوطن تشرق على الأشرار والأخيار معاً؟!
ويبقى كل شيء تحت سماء الوطن فاسداً !





