قرعت الولايات المتحدة جرس الإنذار الأول بشأن مستقبل المساعدات المقدمة إلى لبنان، حيث أعلنت الإدارة الأميركية عن تبنِّيها صيغة عمل جديدة تقوم على مراقبة أداء الحكومة اللبنانية وانتظار نتائج ملموسة قبل المضيّ قدماً في تقديم الدعم المالي والعسكري. وفقاً لهذه الصيغة، لن تصل أي مساعدات إلى الجيش اللبناني أو المؤسسات الحكومية الأخرى بناءً على وعود فقط، بل ستكون مشروطة بتحقيق إصلاحات فعلية. هذه الخطوة، وإن لم تكن مفاجئة تماماً، تأتي بعد سنوات طويلة من حكم النظام الفاسد الذي وضع لبنان في صدارة الدول التي تعاني من تفشي الفساد.
مصادر مقربة من الإدارة الأميركية كشفت، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، عن أن هذه الخطوة تأتي في إطار إعادة تقييم سياسة توزيع وصرف أموال المساعدات، بهدف ضمان وصولها إلى الجهات الصحيحة. وأوضحت المصادر أن المساعدات لن تتوقف بشكل كامل، لكنها ستكون مرتبطة بتحقيق نتائج محددة تنتظرها واشنطن من الحكومة اللبنانية الجديدة، فإذا أظهرت الحكومة اللبنانية أداءً إيجابياً وقامت بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، ستكون المساعدات الأميركية في طريقها إلى لبنان.
أضافت المصادر، أنه “منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطة، أعادت الإدارة الأميركية تحديد أولوياتها فيما يتعلق بمسألة المساعدات الخارجية، وقد قام فريق عمل داخل الإدارة بإجراء تقييم شامل للمساعدات التي كانت تُرسل سابقاً إلى لبنان، باستثناء تلك الموجهة إلى الجيش اللبناني، ووجد أن جزءاً كبيراً منها قد صُرف في غير مكانه الصحيح. نتيجة لذلك، قررت واشنطن عدم إرسال أموال قد يستفيد منها أفراد أو جهات تدور في فلك “الحزب”، الذي تعتبره الولايات المتحدة تنظيماً إرهابياً”.
في سياق آخر، من يراقب سلوك “الحزب” ما بعد الحرب، يجد أنه مستفحل للحصول على مصادر تمويل، وخصوصاً من إيران، والأمر ليس له علاقة بالسيادة كما زعم “الحزب” في أحداث طريق المطار ومنع الطائرات الإيرانية من الهبوط، بل هو يريد الحصول على الأموال الإيرانية بأي شكل من الأشكال ومهما كانت النتيجة أو الأثمان، لأنه أمام معضلة مالية كبيرة وضعته في مواجهة بيئته الحاضنة، وبات يشعر بأنه يفقد السيطرة على بيئته نتيجة عدم تأمين الأموال اللازمة لإعادة الإعمار، خصوصاً أن وعود “الحزب” أثناء الحرب كانت كبيرة جداً، إذ وعد بإعادة كل شيء إلى أجمل ممّا كان عليه، واليوم يقف عاجزاً أمام تحقيق وعوده.
مصادر مراقبة تعتبر أن مصادر تمويل “الحزب” تم تجفيفها بالكامل، وهو يعتمد فقط على بعض الأموال التي قد تأتي من إيران، لكن هناك استحالة في هبوط الطائرات الإيرانية في مطار بيروت، كما أن فقدان “الحزب” لأمواله هو نتيجة تراكمية لعوامل داخلية وخارجية، بما في ذلك العقوبات الدولية، الأزمة الاقتصادية في لبنان وإيران، تراجع الدعم المالي، والحرب الأخيرة التي أتت على معظم مداخيل اقتصاده السرّي وأدت إلى تقليص قدرة الحزب على الحفاظ على موارده المالية السابقة، مما أثر على نفوذه وقدرته على تحقيق أهدافه حتى السياسية منها داخل بيئته.
تتابع المصادر عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “إغلاق قنوات التمويل من خلال الجهود الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب أدى إلى إغلاق العديد من القنوات التي كان يعتمد عليها “الحزب” في جمع الأموال، مثل الأعمال التجارية الوهمية والتحويلات المالية غير المشروعة، وآخرها كان إقفال معامل الممنوعات ومعابر التهريب غير الشرعية على الحدود اللبنانية السورية، إضافة إلى ملاحقة المموّلين ورجال الأعمال المرتبطين بالحزب قضائياً أو تجميد أصولهم، مما قلَّل من تدفق الأموال”.





