كتب العميد الركن المتقاعد زخيا الخوري :
بعد حصول التحوّل الاستراتيجي الكبير في المنطقة ، يعيش لبنان مرحلة فاصلة في تاريخه الحديث ، مرحلة يعكس فيها الشعب اللبناني عزيمته وإرادته على إعادة بناء وطنِهِ وتعزيز سيادته وإستقراره ، فبالرغم من التحديات التي مرّ بها في العقود الأخيرة، من أزمات إقتصادية وتهديدات أمنية ، بدأ يشعر بالأمل بإعادة إنتظام المؤسسات بِدأً من إنتخاب رئيس للجمهورية ليشكل علامة فارقة في إعادة بناء المؤسسات التي إهتزّت بسبب الصراعات بين الأحزاب ، وتعميم ثقافة الفساد ، ليبدأ لبنان مرحلة جديدة من الإصلاحات السياسية بين الشعب والدولة ، لا سيّما مع تشكيل حكومة جديدة تعمل على برنامجها لتحمل على عاتقها إعادة بناء الإقتصاد ومحاربة الفساد ، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين ، وتعزيز الإستقرار السياسي والأمني .
بعد الصراع المرير مع العدو الإسرائيلي تم الإعلان عن وقف إطلاق النار بين لبنان والعدو المحتل ، وحددت مهلة الإنسحاب ،لتكون خطوة أساسية نحو تهدئة الأوضاع الأمنية في جنوب لبنان ، ولكن نوايا العدو المحتل غير سليمة ، فعلى راعي وقف إطلاق النار أن يلتزم بالمهل المتّفق عليها ، لأنه بعد الإلتزام بالإتفاق ، حقٌ للمواطنين الجنوبيين أن يعودوا إلى بيوتهم وأرضهم ولو كانت مهدّمة أو محروقة . ولكن أيضاً على المواطنين وضع ثقتهم بالدولة رئيساً وحكومةً وإعطائهم الفرصة للضغط على الدول الراعية لتنفيذ الإنسحاب الكامل ، بدل أن نتلهّى بالنزول إلى الشارع ،وقطع الطرقات ،وتأسيس لمشاكل طائفية ومذهبية ،أو الإصطدام مع القوى الأمنية والجيش.
كلنا لبنانيون ، فلا غالب ولا مغلوب ، وإن لبنان اليوم يقف عند مفترق طرق تاريخي ، بين تحدّيات كبيرة وآمال بعيدة ، لكنه لا يزال رغم كل الصعوبات متمسكاً برؤيته لمستقبل يعمّه الإستقرار والإزدهار مع وقف إطلاق النار ، والإنسحاب الإسرائيلي ، والإنتخابات الرئاسية ، والحكومة الجديدة ، فبدأ لبنان يخطو خطوات نحو إستعادة سيادته وتعزيز مؤسساته.
بالحوار وحده نتمكّن من وضع إستراتيجية دفاعية للدولة ، حاضنةً لجميع مكوناتها لمواجهة أي تحدّي خارجي .
فبالممارسة والرؤية المستقبلية نطرح السؤال :
هل نريد دولة المؤسسات لجميع أبنائها أو لا نريد؟





