لبنان في معركة البناء والسلام. بن فرحان حضور شاهد لدعم واعد



جورج كريم _ الروابط

ما تنشره الصحف في هذه الأيام حول تأليف الحكومة وسيل الشروط من بعض الأحزاب الطائفية يقابلها سيل آخر من أحزاب طائفية أخرى وقد باتوا يتصرفون كأنهم يطلبون من الرئيس المكلف ما يريدون وعلى الرئيس المكلف تدبير أمره بتحقيق مطلبهم.

هذه الصورة البشعة من التكالب على تقاسم ” قالب جبنة الحكم ” أدخلت اليأس من جديد بعد فرحة انتخاب العماد عون رئيسا ومعه خطاب القسم واختيار رئيس الحكومة نواف سلام بأكثرية داعمة. وكأن الذين انتخبوا الرئيس واختاروا سلام _ ولو بعضهم مرغما _ إنما فعلوا ذلك لتأمين مصالحهم ومكاسبهم وليس لإنقاذ البلاد من أزمة خانقة قاتلة قتلت العباد وهجرت الأولاد ونحن في عدوان آثم دمر جنوب ووسط البلاد .

لقد بات الناس يتمنّون على الرئيسين تأليف وزارة من “اوادم” الناس غير المرتبطين بأحزاب ولا المتعاطفين معهم ولا الواقفين على استشارتهم لا من قريب ولا من بعيد ، وكذلك غير المتأثرين بمرجعيات دينية او مذهبية وان تكون مرجعيتهم الوحيدة الدستور من جهة وبناء الدولة الحديثة من جهة أخرى .

إن توافد الزوار الدوليين من أعلى ألمراكز وليس آخرهم الرئيس الفرنسي ماكرون ، ورئيس منظمة الأمم المتحدة غوتيريتس ، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان آل سعود ، واليوم وزير خارجية الكويت عبدالله علي اليحيا وغيرهم ، لدليل قاطع على اهتمام الدول الفاعلة بالنهوض بلبنان ودعمه ماديا وعسكريا وخبرات ، وهم يولون اهتماما بوحدة الحكم وتوجهاته ، وتأليف حكومة من خارج المحاصصات والتنفيعات ونهب المال العام وأموال الهبات والمساعدات ، لتكون تطلعات الحكم وطنية سليمة دون الانحراف الى المحاور الإقليمية ذات النزعة الفتنوية اوإلاخلال بالامن الإقليمي ضد عجلة الاستثمارات العابرة للدول والحكومات في مشروع ازدهار منطقة المشرق العربي ، وقد عبر عن هذه التطلعات بشكل أو بآخر الرئيس الاميريكي ترامب في خطاب التسلّم من سلفه بايدن .

إن الجنوب اللبناني ما زال غير مستقر تجاه اطماع إسرائيل وقدرتها على معاودة الحرب ، ونحن نسمع كل يوم قيادات سياسية وعسكرية في إسرائيل تنادي بمعاودة الحرب في غزة ولبنان لاستئصال ” المخربين” بحسب ادعاءاتهم وتصاريحهم ، فإنْ لم يتمكن لبنان من تلبية طلب الدعم الدولي له بتأليف حكومة كفوءة على سمعة طيبة بوزرائها بعد السمعة الطيبة لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بسبب مواقف الأحزاب الجشعة من الحكم الذين تعودوا على الاستئثار بها لأكثر من ثلاثين سنة فباتوا أسرى منافع السلطة وخيراتها وسقط عندهم كل مفهوم للتضحية لإنقاذ بلدهم ، ولنا من السنوات العشر الأخيرة خير دليل وقد سقط الهيكل على رؤوس الجميع من موالين ومعارضين ومن متحالفين مع الخارج وغير متحالفين ؟!

لقد كان واضحا جدا تصريح وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان امس ، ومن على أبواب القصر الجمهوري لجهة تأليف حكومة قادرة على تحقيق الإصلاحات المطلوبة وعلى تنفيذ القرار ١٧٠١ وملحقاته والذي وقعه لبنان مع اسرائيل برعاية أميريكية مباشرة لجهة نزع سلاح الميليشيات والقوى غير الشرعية من جنوب الليطاني وشماله ، وكان سبقه الى مثل هذه التصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون وغوتيريتس وغيرهما من الدول الداعمة لاستقلال لبنان ونهوضه من أزمته .

أن ” جشع” الأحزاب والمستوزرين على الرئيس المكلف نواف سلام بدأ يثير نقمة عارمة عند الشعب اللبناني ، وصوت الناس في كل مكان يدعو رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الاسراع بتأليف حكومة من خارج الأحزاب والتقدم بها من المجلس النيابي لنيل الثقة وليمتنع عندئذ السادة النواب عن حجب الثقة ليس عن الحكومة بل عن الرأي العام ، ولتكن عندئذ ثورة بيضاء تأتي بطبقة سياسية نظيفة وكفوءة لإدارة شؤون البلاد كما حدث بعد نجاح الثورة الفرنسية الدموية، وها هي فرنسا دولة عظمى لشعب عظيم .

أن غنج الأحزاب اللبنانية لم يعد ينفع بل تحول الى مؤامرة على الوطن والدولة والشعب معا .

لقد كان تصريح وزير الخارجية السعودي بن فرحان بارقة أمل لمستقبل لبنان بما وعد به من دعم ومساعدة بالإضافة إلى ما سبق من وعد الاوروبيين عامة والفرنسيين خاصة وكذلك دول الخليج والعالم العربي ، وما على لبنان الرسمي والشعبي سوى ملاقاة هذه المبادرات والوعود بجدية وثقة تضع الأقوال بموضع الأفعال .. وينطلق لبنان في معركة البناء والسلام .