يولا هاشم/ المركزية – بعد مضي شهر على سقوط نظام بشار الاسد، تمر سوريا بمرحلة اللا دولة، مرحلة مفرغة من جهازي الشرطة والجيش بشكل رئيسي مع شبه فراغ مالي واقتصادي، سمتها حكومة الإنقاذ المؤقتة بمرحلة تيسير أعمال مؤسسات الدولة السابقة الإدارية والخدمية.
ويسعى القائد العام للإدارة السورية الجديد أحمد الشرع الى توحيد الجيش، وهي مهمة ليست بالسهلة في ظل وجود خمس فصائل منتشرة في سوريا: الفيلق الخامس واللواء الثامن وهاتان الفرقتان ما زالتا تحتفظان بسلاحهما في درعا بقيادة احمد العودة – “رجال الكرامة” و”لواء الجبل” هما اكبر فصيلين في السويداء – الجيش الوطني السوري ويمثل الفصائل التي وحدتها تركيا في ريف حلب الشمالي – جيش سوريا الحرة الذي احتضنته الولايات المتحدة الاميركية بجوار قاعدتها في التنف في جنوب سوريا – قوات سوريا الديمقراطية التي تملك السيطرة على ربع سوريا والدعم الاميركي القوي والتأييد الواسع في صفوف الاكراد. فهل ينجح الشرع في تجنيب سوريا الفوضى؟
المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ”المركزية” ان “سوريا تعبت من الحروب وبأن تكون منصة تُستخدم من قبل أجندات أكانت سابقا سوفياتية ولاحقا ايرانية ومن ثم روسية أو بأن تكون عاملا مزعجا الى الجيران والدول العربية. وبالتالي لن يسمحوا بأن تكون سوريا قاعدة جديدة لايران او روسيا، او لن يقبل بديكتاتورية تستبدل اسماء بأسماء”، مشيرا الى ان “الشرع يعي هذا الامر ويرى ان العقبة الاساسية هي الفوضى والتي سببها انتشار السلاح، ولضبطه يجب توحيده تحت شعارات معينة”.
ويعتبر ان على “الشرع إعادة توحيد البندقية ضمن شرعية دفاعية واحدة وفي إطار ومفهوم الدولة، لحماية الشعب السوري والاراضي السورية. حتى ان الشرع فاجأ الجميع عندما قال أنه مستعد لأن يحلّ جبهة النصرة ويتحوّل الى العمل الشرعي. إلا ان الكثير من هذه الفصائل لن تقبل وتريد مكاسب والحصول على حوافز، وبالتالي فإن حلها وإعادة توحيد البندقية سيتطلب وقتاً طويلاً جدا، لكن في النهاية الشعب السوري تعب من الحروب ويريد بناء اقتصاده وحماية مواطنيه لأن الفوضى الامنية والعسكرية ستؤدي الى مشاكل وستدفع الشعب السوري للوقوف مرة جديدة في وجه هذا الفلتان الامني وسيطلب مجدداً الاستعانة بدول من هنا وهناك وستقع سوريا في دوامة جديدة تتحول الى صومال جديدة”.
ويرى العزي ان “هذه البندقية لن تتوحد سريعا لأن هناك فصائل كثيرة تسيطر على مناطق مختلفة من سوريا، إلا ان توحيدها سيعطي على المستوى الداخلي نوعاً من الاطمئنان للمكونات الشعبية المختلفة بكافة مشاربها وبناء الثقة بهذا النظام. أما على المستوى الخارجي، فمن الواضح أنه تم تكليف تركيا ببناء هذا الجيش السوري الجديد الذي سيكون عديده من 80 ألفاً وصولاً الى 300 ألف مقاتل ولاحقاً سيُدَعَّم بسلاح غربي وبموافقة أميركية عليه. وربما عندما ضربت اسرائيل السلاح الروسي، فهم الجميع ان روسيا فقدت سوق الاسلحة في سوريا ولن يتسلح هذا الجيش من جديد بالسلاح الشرقي. سيبقى يتعامل معه لكن ليس كما كان في السابق”.
ويضيف: “إذاً توحيد البندقية يتطلب احتضاناً داخلياً بالاضافة الى تأمين الغطاء العربي والدولي لهذا التوحد، ومن ثم الضغط من أجل منع اسرائيل من التوغل وقضم أراض جديدة بحجة انها تتخوف من بناء مجموعات تهددها في المستقبل، وعلى المجتمع الدولي وروسيا وتركيا والولايات المتحدة الاميركية توجيه رسالة صريحة للاسرائيليين بأن هذا التوغل سيدفع بالسوريين للدفاع عن أرضهم وإبقاء السلاح وهذه مشكلة ستؤثر على السوريين”.
كما ان على المجتمع الدولي والاميركيين تحديدا حلّ مشكلة سلاح “قسد”، وهو سلاح مخابراتي روسي- ايراني يمكن التلاعب فيه من اجل إبقاء الصراع مفتوحا في منطقة الجزيرة، خاصة وان الاتراك يسيطرون على مدن عربية بالكامل في هذه المنطقة ويتذرعون بأن هذه الإدارة هي من “قسد” والاتراك والتركمان والسريان والارمن، وهذا الكلام غير صحيح لأن هذا السلاح أتى من جبال قنديل لحماية والسيطرة في سوريا لمقارعة الاتراك وهم محقون لأنهم ليسوا ضد الاكراد انما ضد السلاح الذي يُحمَل ويقاد في سوريا ويوجَّه ضد تركيا. هاتان النقطتان إذا تم حسمهما سريعا سينخرط الاتراك في توحيد هذه الفصائل وسيسحب السلاح بالاضافة الى ان الفصائل الاخرى سيُنتَزَع من يديها كل الفتائل التي يمكن ان تقوم على اساسها”.
ويلفت العزي أيضاً الى أهمية “سحب سلاح فلول النظام التي شاهدناها كيف تحاول ان تفتعل مشاكل خاصة في مناطق الساحل وإحداث فتن طائفية تحت شعار ان هؤلاء العلويين يريدون حماية ايرانية او اي شيء آخر. هذه النقطة مهمة مثيرة، ومن يلعب بها هو الايراني والروسي والاحزاب وحتى حزب الله الذي يحاول ان يغزو من أجل تمرير السلاح ومساعدة المهربين عبر سوريا للوصول الى العراق، بالاضافة الى فتح طريق الكبتاغون امام تجار المخدرات. السوري يعي هذه النقطة لكنه يريد التوحيد ضمن مخطط يسحب فتيل الازمة الموجودة.
يضاف الى كل ما سبق، إعطاء تطمينات لهذه القوى العسكرية التي قاتلت وشاركت الثورة وادت الى الانتصار، وبالتالي عليهم جميعا ان يتوصلوا الى حقوق منصفة للجميع حسب العدد والمشاركات والتواجد الجغرافي”.
ويختم العزي: “كل هذا يتطلب أموالا، وسوريا مفلسة لأن النظام سرق أموالها كما انها لا زالت تقبع تحت العقوبات التي سترفع تدريجيا وستصلها مساعدات رمزية من الدول الاوروبية، كما ان الخطوة المهمة في هذا الاتجاه بدأت من خلال الدعم العربي والمؤتمر الذي تحددت خطوطه الكبرى في الرياض وكانت السعودية مهتمة جدا ومشكورة جدا لإعادة احتضان سوريا، لأن اي ابتعاد عنها سيؤدي الى إضاعتها مرة ثانية كما حدث في الـ2011، وبالتالي من الممكن ان تؤدي الى صراعات داخلية وتمزق وتفتح شهية الدول الاقليمية التي تريد ان تعود الى سوريا.
الشرع أعطى إشارات ايجابية للغرب، لكن على الدول المعنية عدم الضغط على القيادة العسكرية لأنها لن تتمكن في يوم وليلة من محو 14 عاما من النظام المجرم”.





