المهندس ساسين القصيفي
ليس تفصيلًا، أنْ يُنْتَخَبَ، قائدُ الجيش، العماد جوزيف عون، رئيسَا للجمهوريّة اللبنانيَّة.
بعيدًا عن الزواريبِ الإنتخابيَّة الدَّاخليَّة، فهذا الانتخابُ يُمَثِّلُ، من جهةٍ، انتهاءَ مرحلةٍ، كان قد قَبَضَ فيها، المِحوَرُ السُّوريُّ – الإيرانيُّ، على كلِّ تلابيبِ الحياةِ السياسيَّةِ اللبنانيَّة، في العقود الثلاثة الأخيرةِ. ومن جهةٍ أخرى، يُدَلِّلُ هذا الإنتخابُ، على بِدْءِ مَسَارٍ سياسيٍّ، برعايةٍ عربيَّةٍ -غربيَّةٍ، ستكون إحدى تجلِّياتِهِ، إنهاءُ مفاعيلِ غَزوةِ 7 أيار الغيرِ مَجيدةٍ، وما لَحِقَها من أعرافٍ غير دستوريَّةٍ، حكَمت الحياةَ السياسيَّة اللبنانيَّة، بعد اغتيالِ الشهيدِ رفيق الحريري.
إنَّه مسلسلُ الهزائمِ الإيرانيِّ في الإقليم.
فَبعدَ عمليَّةِ طَوفَان الأقصى، وما تَبِعَها من حربٍ للعَدُوِّ الإسرائليِّ، على حركةِ حماسٍ، تحوَّلَت غزَّةُ بنهايتها، الى صَفْصَفٍ، لا حياةَ فيها. أمَّا في لبنان، فكانت نتيجةُ حَربِ الإسنادِ، التي بدأها حزبُ الله، والتي راحَ ضحيَّتُها، الكثير من رجالات الحزبِ ومقاتليهِ، مع دمارٍ شِبهِ شاملٍ لمناطق نفوذه، أنْ أصبحَ الحزبُ في وضعيَّةٍ مُرغَمٌ فيها، على التوقيع على إتِّفاقٍ، يُخرجُ سلاحَهُ، من الوظيفةِ الإقليميَّة. كما وكانت من النتائجِ المباشرَةِ لِهذه الحرب، أن انهارَ النِّظامُ السُّوريُّ، ومغادرة رئيسِهِ الى موسكو. الى ذلك، فقد تَقَطَّعَت طُرُقِ الإمدادِ، للنفوذِ الإيرانيِّ في الإقليم.
ويبقى التحدِّي الأكبر، امامَ الرئيسِ العتيدِ، مع الحكومَةِ المُنتَظَرَةِ، هو تطبيقُ مُندرَجاتِ القراراتِ الدوليَّةِ، في حصريَّة السلاح، وترسيمِ الحدود، وضَبطِ المعابر، على كافةِ التخومِ البريَّة والبحريَّة، بحيث لا يعودُ يُنظَرُ الى لبنان كدولةٍ فاشلةٍ. كما وإنَّ إعادةَ بناءِ هيكليَّة الدولةِ الإداريَّة، على أسُسِ حديثةٍ، تحاكي التَّطوُّراتِ التقنيَّة العلميَّةِ العالميَّة، بات واجبًا مُلِحًّا، على أنْ يكونَ، بعيدًا عن الفسادِ والمُحاصصةِ، اللذانِ طبَعَا إدارةَ الدولة، خاصَّةً في العقودِ الثلاثة الأخيرة. وواجبُ على الرئيس مع الحكومةِ المُقبلةِ، أن يَستَغِلَّا الإندفاعةَ العربيَّة والغربيَّة، تجاهَ لبنان، لِتفعيلِ الإقتصادِ، وضَخِّ الأموال النظيفةِ، في شرايين اقتصاده ومصارفه، ليعود لبنان جزءًا فاعلا في النظام المصرفي العالمي.
وكلُّ ذلك لا يتمُّ، ما لم تحصل، إعادة بناءٍ للحياةِ السِّياسيَّة، بعيدًا عن المَصلحَةِ الكَيْديَّةِ أو الإقصاءِ التَّرهيبيِّ، مثلما دأبت عليه، الطغمَةُ الحاكمةُ، في العقود الأخيرة.
وفي النهايةِ،
وبعدَ فراغٍ غير مُبرَّرٍ، لا دستوريًّا ولا أخلاقيًّا، دام لأكثر من سنتيْن، في مركز الرئاسة، فهل استنتَجَ اللبنانيون، مدى فداحة الجريمةِ الدستوريَّة التي أرتكبها البعضُ، في محاولته لفرضِ مرشَّحهِ، ومعطِّلًا انتظامَ الحياةِ السياسيَّةِ والإقتصاديَّةِ والإجتماعيَّة في البلد؟!
وهل الشُّعوبُ اللبنانيَّةُ، والتي كانت قد اصطفَّت مذهبيًّا وطائفيًّا، تحت شعاراتٍ حواريَّةٍ رنَّانةٍ، ووطنيَّةٍ زائفةٍ، في موقفها من انتخاب الرئيس، ما زالت بحاجةٍ كل ستِّ سنواتٍ، الى “هوكستين” جديد، لِيُبلِّغَ الإملاءآتِ الأميركيَّة، ويَمشي!؟
والسؤال الأهمُّ الذي يطرحُ نفسَه: ما فائدةُ هذا اللبنان، في صيغةِ أزماتِه المُستدامةِ، التي يتخبَّطُ فيها ؟َ!
أسئلةٌ كثيرةٌ، وما من مُجيبٍ، فَلننتَظِر وَلْنَرَ…
مع كاملِ التَّمنيَّاتِ، بالنَّجاحِ للرئيس الجديد مع الحكومة المُقبِلَة، في عمليَّة الإنقاذ المَرجُوَّة!
09-01-2025





