مونسنيور منصور لبكي… و يسمو الصليب.
اليك بعضا مما علمتني…و بعضا من دين كبير..!
يا أبا اللحن الصاعد دوما، نحو عرش الخالق على أجنحة البخور المالئ الأثير، و طيوب القلوب، و طاقة اﻹيمان…
يا جُرحا في خاصرة الضمير ينزف ، أما حان لهذا الجرح الثخين أن يندمل فيطيب ؟
يا كلمة تغني الكلمة بايمان و فرح و رسالة خلاص و نبل تدبير…
فما زالت نفسك اﻷبية كالشمس مضيئة، و ان اصاب سهام السواد قلب الحق، او لطّخت وجهَك المنورَ فورةُ حقد عابرة، او هجماتُ شرسة توآلف أسود الديجور..!
وفي تأملي، أراك كنزا من الماضي النقي السعيد اذ تسري في عروقك أبدا طريقُ الجلجلة الصامت عدا اصوات السياط التي تفرقع على جسد انجازاتك الراقية.
يا علياء المجد و الشرف و نبل النضال،.
و ما كنتَ يوما رافضا للألم، او هاربا من الجهد، او كارها العمل. وهكذا كنت، والصليبُ المهشّمُ، المهمّشُ، المجرّح، المثقلُ بسهام الآلام يشهد دوما للّـه القدير..!
ربيبا للأمل كنتَ، ورفيقا للألم ما زلتَ، وسعيدا ترجو تلقي أكاليل اشواك الطرقات و وجع الضربات
و أنت تنتظر على الشوك قدوم الصبح مشعا بنور اﻻله،.
و قد ساطوا الحرب عليك، و ما أنت بالرسول المغلوب، و ﻻ الكاهن المغرور، و ﻻ خادم اﻻله بوجهين متنافرين أو متناقضين…
أنعم بك شابا قديرا، و كاهنا جليلا،” و رسوﻻ أمينا، فيك سمت و اكتملت و أثمرت بحق كافة الوزنات. و انت كاهن للأبد على رتبة ملكيصادق…
و في زماننا اليوم، تغيّرت كثيرا ملامح الكهّان كما تبدّلت غَيرة بطرس، و أورقت تينةُ يوضاس …نعم – لا تقارعوني و لا تنازلوني فأنا المسافر في كل نَفَسِ و القاطنُ في كلِّ شــريان- لقد أورقت …أورقت … في صناعة و حبك الأكاذيب، و اخراج الشــرِّ بوجوه مؤآمرات..!
في هذا اليوم الرائع، مناسبة الارتفاع و الارتقاء، و السموّ الالهيّ،
اقدم الصلاة تلو الصلاة، لا أحجاما و لا كميّات بل أفواجا مباركة من ينابيع عطاءاتك المتدفقات على الكنيسة خيرات أيّام القحط، يا ” أبا السنابل الحاملات المثقلات بنعم الالــه ” ،
وأفرش مروجا و حقولا بباقاتك الترنيمية الخلاّقة أبـدا الى السيّدة امنا ” مريم العذراء ” .
ففي حدائقها – والله يشهدُ كما كل الكائنات – كنت أنت من أجمل الباقات ، و لمّا تزَلْ من أعطر و أجمل و اودع الزهرات يا ربيعا حوّلتَ كل شتاء فينا و في الكنيسة جمعاء، في لبنان و العالم، الى حياة فيها الشكر و الامتنان الى الخالق الذي نعبد، و منها يتدفّق كل إقرار و ايمان بخالق المجرات و الاكوان …السيّد الالـه يسوع المسيح.
و الروحُ القدس المتفجّرُ نعما و بركاتِ من الابن و الآب، نعيشه دوما بفضل هدي نورك الرسولي، و نار طاقة كهنوتك البنّاءة الهادفة التي احرقت هشيم الكره و الحقد و البغضاء،
يرسم دوما لنا،
الرجاء المتجدد،
و يدفق زخم اﻹيمان فينا،
يا من علمتنا الصلاة نشيدا..!
و الصلاة بسمة..!
و الصلاة لمسة مساعدة..!
و لهفة اطمئنان..!
و مسيرة حب و تحنان..!
و علمتنا طبعا الصبر صليبا…نحمله أنّى حللنا و أنى كانت وجهة الترحال..!
و علّمتنا أيضا و أيضا أن ” نغفر لأخينا سبعين مرّة سبع مرّات ..!
لم ﻻ تتركنا نحمل عنك بضع خطوات هذا ” الصليب الثقيل” في طريق طال السفر فيها و طال الانتظار؟
و مهما يكُنْ من أمر ، يا شعوب اﻷرض، و يا كل اﻷحباّء و كافة القرّاء، فانَّ حبّة الحنطة ان لم تقع في اﻷرض الجيدة و تمت، فستبقى مفردة و لن تأتي بجليل و نقيّ الثمار..!
و ما أغنى ثمارك و أسمى حصادك … “مونسنيور منصور لبكي”..
و تبقى الناصرَ و المنصورَ، فأنت، في عيوننا، بلون زنابق الحقل، و في شعورنا بخجل الورد، و في عقولنا مسحة من ميرون العماد..!
و تستمرُّ عمادا، وقامة منتصبة كأرز الرب، و هامة كنسيّة فيها حصاد الخير و الصلاح و الايمان، و لها كل الانحناءات و الاعتبارات , و كصخرة بطرسية ﻻ تقوى عليها نيران الجحيم.
و على كل ما تقدم، انّي أشهد امام اللـّه، يا خير المُبشرين و المُرسلين انك أبَوْتَنَا سنينَ غوالٍ بالنقاوة و الطهارة و القداسة..
لذا، و بناء على كل هذا،
أنحني للّـه مردّدا معك ” أغفر لهم يا أبتاه لأنّهم لا يدرون ما هم فاعلون “…
أمين” . و ما أحقّها و أصوبها و أجملها من أمين..
البحّاثة في اللغات و الآداب و التاريخ
الدكتور كمال يونس