المهندس ساسين القصيفي
كلُّ قدِّيسٍ في الكنيسَةِ، له عيدٌ واحدٌ، هو يومُ نياحَتِه أو استشهادِه، وربَّما عيدٌ آخرٌ، هو يومُ العثورِ على رُفاتِهِ، أو تاريخُ معجزةٍ حدَثَت باسمه،
لكنَّ للقديسةِ مريم العذراء، أعيادٌ كثيرةٌ، منها: عيدُ البشارة بالميلاد، وعيدُ دخولها الهيكل، وعيدُ نياحَتِها…. وذكرى صعودِها بالنَّفسِ والجَسَدِ الى السماء، وهو العيدُ الذي نحتفلُ به غدًا.
وقد كرَّمَ المسيحيون أجْمَعين، أُمَّنَا البتولُ مريمُ العذراءِ، منذُ السَّنواتِ الأولى للمسيحيَّةِ، لأنّ الله أكرَمَها منذ البِدء، عندما قال لها المَلاكُ: “الروحُ القُدُسُ يَحِلُّ عليك، وقوَّةُ العَليُّ تُظَلِّلُكِ. لذلك القدُّوسُ المولودُ منكِ، يُدعى ابن الله”.
وعندما كانَ المسيحُ على الصَّليبِ، ورأى يسوعُ أمَّهُ، والتلميذَ الذي كان” يُحِّبُه ” يوحنّا الحبيب واقفًا، قال لأمِّه: يا امرأة هُوَذا ابنُكِ. ثم قال للتِّلميذِ: هُوَذا أمُّك. ومن تلكَ السَّاعةِ، اتّخَذَ المسيحيُّونَ، من القِدّيسَةِ مَريم، أُمًّا شفيعةً لَهُم، لدى الآبِ السَّمَاويِّ. لذلك تكادُ لا تَجدَ جماعةً مسيحيَّةً، لم تَبْنِ كنيسةً على اسم السيِّدة العذراء.
ما أعذبَ التأمُّلاتِ، وما أمجَدَ الألقابَ، التي وَرَدَت عن العذراءِ، في كتبِ الآباء:
هي الملكةُ القائمةُ عن يَمينِ المَلك، العذراءُ الدَّائمةُ البَتوليَّة، الطَّاهرةُ، المَمْلوءةُ نعمةً، القدِّيسَةُ مريم، الأمُّ القادِرَةُ، المُعينَةُ الرَّحيمَةُ، أمُّ النُّورِ، أمُّ الرَّحمَةِ والخلاص، الكَرمَةُ الحقَّانيَّة…
ومن ظهوراتِ العذراءِ العَجائبيَّةِ والشِّفائيَّةِ: لُورْدْ في فرنسا، الى فاطيمَةُ في البرتغالِ، الى ميديغوريه في البوسنة، الى المِكسيكِ وروسيا وبولونيا والبرازيل….الى مِصرَ، حيث كانت آخر ظهوراتِها في كنيسَةِ الزيتون سنة 1968، حيثُ جَذبَت إليها مشاعرَ الجَماهيرَ، بنورِها الملائكي، ولم يُصدِّق الرئيسُ عبد الناصر هذه الظاهرة، الى أنْ أمَرَ بقَطْعِ الكهرباء عموماً عن تلكَ المِنطقةِ وذهَبَ بنفسه ليْلًا، مع قداسَةِ البابا كيريلوس السَّادِس، لكنيسَةِ الزَّيتون، فأيقنَ وتأكّدَ، بِنفسِهِ، من ظُهوراتِ العذرَاءِ، بأنوارِها العَجائبيّة، مُتنقّلةً فوق قِبابِ الكنيسَةِ. لكنّه طلبَ بإقفال الكلامِ عن هذه الظاهرة منعاً ” للفتنة “، فكانَ أن سَكَتَ البابا وصمَتَ الأقباط، لكنَّ الفتنةَ اشرأبَّت وما تزالُ. لكنَّ الله يَرَى ويَعمْل!
الى لبنان وسوريا، حيث لكّلِّ مقامٍ للسيَّدِةَ العذراء، ظاهرةً عجائبيَّةً تاريخيَّةً، مُرتبطةً بالوِجْدانِ الجَمْعيّ المَسيحيّ. من مَقامِ سيّدَة زحلة، الى حريصا، الى سيّدة النوريّة في حامات، الى سيّدة الحُصنِ في اهدن، الى سيّدة الشلّال في جزّين، الى سيّدة بشوات في دير الاحمر، الى سيّدة المَنْطَرَة في مغدوشة، الى المُجَمَّعِ الروحيِّ باسم سيِّدة العناية في ادونيس جبيل، الى سيّدة صيْدنايا في سوريا…
وما زال المؤمنون يُنشدون بشارةَ السَّلامِ الملائكيِّ وهم يتلون صلاة الورديةّ: السَّلامُ عليكِ يا مريم، يا مُمتلئة نعمةً، الرّبُّ معك، مباركةٌ أنتِ في النساء ومباركةٌ ثمرةُ بطنِك سيّدنا يسوع المسيح…
تضرَّعي لأجلنا





