دولة الرئيس المكلّف الدكتور نوّاف سلام .


جورج كريم

أجمل تحيات الظهيرة ، وعساه المطر ينهمر حياة للطبيعة والناس.
وعساك ، دولة الرئيس تثلج قلوب اللبنانيين وخاصة الجيل الجديد بحكومة من الناس الأحرار ، الأكفاء النزهاء الشرفاء.
لقد ابتلي لبنان دولة الرئيس منذ العام 1975 بحكومات حزبية ظاهرة أو مستترة . في ظاهرها الإحتكام لخطاب القسم والبيان الوزاري وفي باطنها طائفية ومذهبية ومنفعية وارتهان لخارج يفضّل مصلته الإقليمية والدولية على مصلحة لبنان وشعب لبنان.

دولة الرئيس المكلّف.
خذ وقتك الكافي “وحبّة مسك” لتأليف حكومة تخاطب خطاب القسم لفخامة الرئيس عون.
أنتَ ما زلتَ في المربع الأول من الوقت لتأليف الحكومة. فلا تستعجل وتندم حيث لا يعود ينفع الندم، وفي التأني السلامة.
لقد وضع الناس آمالا كبيرة مع بداية العهد السابق انعشت قلوب اللبنانيين وخاصة الشباب الصاعد الواعد بالبقاء في لبنان تعلّماً وعملاً ، فأصيبوا بخيبة مدمّرة قضت على مستقبلهم وطموحاتهم داخل البلد ، وانتهينا معه بانهيار كامل لمؤسسات الدولة ونهب المال العام وسرقة أموال الناس وصرنا على شعار ” فاقة بعد عز”.

لقد عانى لبنان دولة الرئيس من حكومات الأحزاب الفاسدة ، المأجورة والمسعورة مذهبياً وطائفياً ومناطقياً. حكومات احتكرت خيرات البلد واطبقت على مصالح العباد.
وصار لكل وزير دولة من المستشارين الحزبيين العشائريين والأقربين، وسقطت كوادر وتراتبيات كل ادارة من المدير العام الى الحاجب، وأصبح بعض الحجّاب ” المحميين” في بعض الوزارات على سلطة من الإمرة وتسيير المعاملات.

لقد تمّ احتكار الوظائف العامة من الفئة السادسة الى الفئة الأولى ومن المياومين الى الدائمين في الملاك على اسم زعيم كل طائفة الذي احتكرها ” لجماعته” ضمن طائفته أو مذهبه .
ولم يعد لأصحاب الكفاءة والنزاهة والأخلاق من فرصة الدخول الى الوظائف العامة وشبه العامة إلأ بعد تقديم امتحان الدخول في الولاء والطاعة لهذا “الزعيم ” أو ذاك في تقاسم اقطاعيات الأحزاب الطائفية والمناطقية والتشبيح والسلبطة و”آه من كلمة الزعيم دولة الرئيس”.

لقد قضت الأحزاب في الأمة العربية على دولها وشعوبها خراباً ودماراً وتهجيراً، قضت على متنوعاتها الدينية التي كانت تعطي ألقاً ونكهة مجتمعية طيّبة الشًّم والمُذاق.

فالأحزاب في مجتمعاتنا العربية ولبنان من بينها لم تعرف يوماً لا الديمقراطية ولا الحرية ولا تداول السلطة، بل عرفت الهيمنة واحتكار السلطة والتسلّط حتى ضمن البيئة الواحدة والطائفة الواحدة والمذهب الواحد والحزب الواحد.
وهذه هي الأحزاب ، من منشأ واحد، ودين واحد، ومذهب واحد تدمّر العراق ، وتدمر سوريا ، وتدمر فلسطين ، وتدمر لبنان.

وهذه دول أخرى في العالم الواسع لا تعتبر الدين اساس الدولة، ولا محل عندها لأحزاب دينية طائفية مذهبية كما عندنا وفي العالم العربي ، فتسمو بشعوبها الى رسالة الإله الخالق في المحبة والمودة والرحمة والعدل وحب القريب ونصرة الملهوف وعون الضعيف والمساواة في العيش والمواطنة والحرية، وقد تمكنت هذه الدول بمجتمعاتها بلوغ اعلى مراتب الأخلاق والقيم الانسانية حيث لا جريمة ولا مريض محتاج ولا مواطن مقهور، وحيث حكوماتها تعمل لمصلحة الدولة الجامعة دون تمييز في المناطق ولا الأفراد.

دولة الرئيس المكلّف .
خذ وقتك بتأليف الحكومة ولا تخضع للإبتزازات الطائفية والحزبية.
الشعب توّاق الى حكومة فيها توازن البلد ولكن لست ملزماً بتمثيل الأحزاب كما من قبل بوزراء مطواعين لأسيادهم وليس لمنطق الدولة.
ليكن خيارك للوزراء على التوازن الوطني المنصوص عنه في الدستور ، ولكن ، إختر أنتَ بالتفاهم مع فخامة الرئيس الوزراء على مثالكما، على نهجكما ، على نظافة كفكما وعلى خروجكما من مستنقع المذهبية والمناطقية الذي تتلبّسه الأحزاب من أجل بقائها في التوريث والإقطاعية والإستمرارية الحزبية المشبوهة والتي أوقعت البلاد في حروب وحروب قاتلة ما زلنا نحن في الداخل اللبناني نعاني من آثارها السلبية دون الخروج من نفقها .

دولة الرئيس ، في كل طائفة الكثير الكثير من الكفاءات االعلمية والمهنية والأخلاقية لا تجدها في الأحزاب ومهما ادّعى الحزبيون بكفاءاتهم ونظافة أياديهم؟!
خارج الأحزاب “دولة الرئيس” قِيَم ومُثُل وطنية لم تأتِ يوماً بضرر على الوطن ولا على أي فرد من أفراده.
ليكن خيارك دولة الرئيس من “أوادم الناس” الأحرار والشرفاء ونشدّد على “الأحرار والشرفاء” لتبدأ مسيرة النهوض بالوطن وبناء الدولة على أسس علمية حضارية حرّة متقدمة تكون لجميع المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات وأن ننتهي من مواطن عادي مقهور ” بسمنه” ونظيره مواطن حزبي طائفي “بعسل”.
لقد ذاق الشعب الأَمرّيَن فيما سبق ، فهل له مع عهدك أن يتذوق ولو بعض حلاوة ؟!