النفايات تُغرِق بيروت.. ومواطنون يستنجدون بالمسؤولين لرفعها قبل أن تحلّ الكارثة

أزمة النفايات في بيروت، ليست مستجدة بل قديمة – جديدة، ويعود تاريخها إلى العام 2015 لكنها تعمقت في الآونة الأخيرة بسبب فشل الحكومات المتعاقبة في إدارة هذا الملفّ وعدم تطبيق خطّة بيئيّة مستدامة على مستوى الوطن، بل اللجوء إلى “القرارات الترقيعية”

كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:

تتفاقم أزمة النفايات بشكل لافت بفعل الحرب وتبعات النزوح من المناطق المستهدفة، لتصبح أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، شوارع مليئة بالقمامة المتراكمة على جوانب الطرقات، وبين السيارات، روائح كريهة تغزو أحياء العاصمة وتدفع المارة للشعور بالتقيؤ، أضرار بيئية وصحية مرتقبة في بلدٍ صنّف حديثاً بين أكثر 10 دول تلوثاً في العالم.

أزمة النفايات في بيروت، ليست مستجدة بل قديمة – جديدة، ويعود تاريخها إلى العام 2015 لكنها تعمقت في الآونة الأخيرة بسبب فشل الحكومات المتعاقبة في إدارة هذا الملفّ وعدم تطبيق خطّة بيئيّة مستدامة على مستوى الوطن، بل اللجوء إلى “القرارات الترقيعية”.

ومنذ العام 2019 يسير لبنان باتجاه إنحداري بملف النفايات في وقت تحاول وزارة البيئة وضع الأمور على السكة وإيجاد الحلول المناسبة عبر المجتمع الدولي والمانحين لتمويل القطاع، إلا أن الأمر يتطلب وقتاً طويلاً حتى تتوصل الى المعالجة الجذرية.

ومؤخراً اشتكى أهالي بيروت من تكدس النفايات في الشوارع وأمام المباني وعلى الأرصفة، ما تسبب بانبعاث الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات حتى وأن بعض السكان لم يتمكنوا من فتح شبابيك منازلهم ولا الجلوس على الشرفات.

ويقول محمد وهو من سكان منطقة رأس النبع أن “العيش في هذه المنطقة أصبح لا يطاق، النفايات في كل مكان، الروائح الكريهة وصلت الى منازلنا، وعمال التنظيف يغيبون عن المنطقة لأيام”.

أما منى فهي من سكان منطقة أرض جلول في الطريق الجديدة والتي أكدت أن النفايات تحاصر المنطقة، مطالبة برفعها بشكل يومي في ظلّ تداعياتها الصحية والبيئية الخطيرة.

وتقول منى “قبل أيام ظهر على بطن طفلتي التي لم يتعدَّ عمرها السنة تقرحات جلدية غريبة وبعد استشارة الطبيب ومعاينة هذه التقرحات رجّح أن يكون سبب العدوى بكتيريا ما أو تلوث في الجو نتيجة تراكم النفايات”.

وفي منطقة برج أبي حيدر علت صرخة المواطنين أيضاً من أزمة النفايات وتراكمها ومن الروائح الكريهة التي تحاصر المنطقة.

ويقول فؤاد، أحد سكان المنطقة: “ما بكفينا الحرب ومحاصرة الاسرائيلي، كمان بدن يحاصرونا بالنفايات، اذا انتشرت الأمراض والأوبئة مين بخلصنا منها، مين بعالجنا”.

ويضيف: “بدأنا نسمع عن أمراض جلدية وفيروسات تصيب أهل المنطقة وخصوصاً الأطفال، قد يكون سببها تكدس النفايات، واستغاث فؤاد بالوزارات المعنية والبلديات لرفع كل النفايات قبل أن تحل الكارثة الصحية والبيئية على بيروت”.

وللوقوف عند هذه الأزمة المتفاقمة والتي باتت تشكل خطراً داهماً على البيئة العامة تواصل “هنا لبنان” مع مصدر من بلدية بيروت والذي أوضح أن “ازدياد النفايات في المدينة أمر طبيعي ومتوقع في ظل الاوضاع والظروف الاستثنائية التي تمر على لبنان وتحديداً بيروت بسبب زيادة عدد السكان فيها، وزيادة حجم النفايات الذي ارتفع من 450 طناً إلى 650 طناً.

ويلفت المصدر إلى مشكلة أخرى تعرقل عملية رفع النفايات وهي زحمة السيارات في الشوارع وعرقلة السير سواء من خلال ركن السيارات بطريقة عشوائية أو التسكير على المكبات الأمر الذي يعيق مرور المركبات المخصصة لنقل النفايات.

كما يشير إلى أزمة انخفاض عدد عمال النظافة بسبب الحرب فمنهم من توجه إلى قراهم وبلداتهم أما العمال الأجانب لا سيما السوريين فعادوا إلى وطنهم.

إلا أنه ورغم كل الظروف والمشاكل التي يواجهها القطاع، ما زال العمال مستمرون في عملهم ويبذلون قصارى جهودهم من أجل احتواء الازمة ورفع النفايات ولو بإمكانيات محدودة.