المهندس ساسين القصيفي
أعداؤنا يَهَابونَنا لأنَّنا نملكُ القوَّةَ… هذه خلاصَةُ خِطاب الرئيسِ الأميركيِّ جون كينيدي، عام 1963، من قَلْبِ برلين الغربِيَّة، والتي كانت مُحاصَرَةً، من قبَلِ السُّوفيِّيت والشيوعيِّين آنذاك.
وفي هذا الإطار، وبعدَ اكثر من ثلاثِ سنواتٍ على اطلاقِ اليَسَار الغربيِّ الحاكِمِ، العِنانَ لهوايتِهِ التَّاريخيَّةِ في محاربَةِ روسيا، عبر دعمِهِ التَّمَرُّدَ الأوكرانيَّ، على مُسَلَّمَاتِ الجغرافيا الطبيعيَّة، وانتشارِ الديموغرافيا التاريخيَّة، فها هو الرئيسُ الأميركيُّ، دونالد ترامب، والتزامًا بوعودِه الإنتخابيَّة، نراهُ يفرضُ شروطَ السَّلامِ، ووقفِ إطلاق النار، على الفريقيْنِ، وهو لم يُكمِل بعدُ المئةَ يومٍ مِن ولايتِهِ الجديدةِ.
في الواقِعِ، تقعُ الحربُ الروسيَّةُ الأوكرانيَّةُ، في سياقِ عقابيلِ ترسُّباتِ الحرب ِالباردةِ، والتي ما زالَت تَخُطُّ حدودَ الخرائطِ، لدى الكثيرين من السياسيِّين الغربيِّين، من الذين توقَّف عندهم الزمنُ، عندَ أسوارِ برلين.
وفي هذا السياق، حاولَ الرئيسُ الاوكرانيُّ، الإستمرارَ في نهجِهِ الإبتزازيِّ للغرب، بطريقَةٍ صَلِفَةٍ. لكنَّ الردَّ الاميركيَّ، كان واضحًا وعلنيًّا، بوجوب الإلتزامِ بشروط اميركا للسَّلام. وبالرغم من كلِّ الدعمِ الأوروبي، فبَعدَ قَرارِ وقفِ المُساعداتِ الاميركيَّةِ لأوكرانيا، تَداعَت جَبَهاتُ القتالِ بسرعةٍ، وحُوصِرَ الجيشُ الأوكراني في أرضِ المعركةِ، فَعَادَ زيلينسكي، صاغرًا مُطأطأ الرأسِ، طالبًا الوِدَّ، ومُمْتَثِلًا للإرادةِ الأميركيّةِ للسَّلام.
من جهته، لم يتأخر بوتين – وهوالغارقُ في الوحولِ الأوكرانيَّة، والخاضعُ للغَصْبِ الصينيِّ الإقتصاديِّ – في الردِّ الإيجابيِّ على المباردةِ الأميركيَّة، والتي تراها القيادةُ الروسيَّةُ، مَحَجَّةَ إنقاذٍ، من العُزلةِ الاقتصاديَّةِ والسياسيّةِ والثقافيَّةِ المفروضة على روسيا.
وفي النهاية،
وفي هذا العالم، الذي لا يحترمُ إلّا مَنطق القوَّةِ،
فإنَّ أميركا، ما زالت تُثبتُ، كما وفي زَمَنِ الرئيس جون كينيدي، انَّ العالَمَ يَهابُ، قُدُراتِها الإقتصاديَّةَ والتقنيَّةَ والنقديَّةَ والعسكريَّةَ… فيَستَجيبونَ لمطالبِها، خوفًا من عُقوباتٍ خانقةٍ او عوَاقبَ قاتِلَةِ.
ويبقى في الأخير،
أنَّ النصرَ الحقيقيَّ، لكلِّ مُجتمعٍ أو شعبٍ، لا يكون في إشعالِ المَعارك وقَتْلِ الناس، بل في طمأنةِ الشعوبِ على مستقبلها، وتأمين ظروفِ تَطوُّرِها وَرَفاهيَّتِها.
ونتساءَلُ،
متى يَحُطُُّ، قطارُ السَّلامِ في منطقتنا؟
وهل شعوبُنا، تَتُوقُ فعلاً الى السَّلامِ الحقيقيِّ على الأقلِّ مع ذاتها؟
مَا نلمُسُهُ مِمَّا يجري في دولِ الجوارِ، لا يدعو الى التفاؤل.





