إعداد د. عوض سليمية
الملخص
تُعد اتفاقية الدفاع المتبادل الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية وباكستان، الموقعة في 17 سبتمبر 2025، خطوة تاريخية تعكس تحولاً استراتيجياً في التوازنات الإقليمية والدولية. هذه الاتفاقية، التي تُعتبر أول اتفاقية ردع نووي معلنة بين دولتين إسلاميتين، تحمل دلالات متعددة. من ناحية، استياء الرياض من السياسات الأمريكية غير الموثوقة تجاه قضايا المنطقة، وعدم الالتزام بتعهداتها تجاه الحلفاء. كما أنها تشير إلى رغبة المملكة في تعزيز استقلاليتها الاستراتيجية بعيداً عن الضمانات الامريكية التي لم تحقق الاستقرار المنشودة، من ناحية أخرى، الاتفاقية تحمل رسالة واضحة لإسرائيل، مفادها أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة من التوازنات الجيوسياسية، حيث لم يعد مقبولاً تجاوز الخطوط الحمراء التي تحددها الدول الإقليمية. أظهرت النتائج أن هذه الاتفاقية تمثل نقطة تحوّل استراتيجية في الشرق الأوسط وآسيا، وتعيد رسم موازين القوى الإقليمية وتربك حسابات القوى الكبرى. ردود الفعل الإسرائيلية تؤكد أن الاتفاق يُقرأ كتحوّل في معادلات الأمن والردع في المنطقة. من ناحية اخرى، تمثل الاتفاقية فرصة استراتيجية للسلطة الفلسطينية، للدفع بالقضية الفلسطينية الى صدارة الأجندة الإقليمية والدولية، وتوظفها للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، وتحقيق مكاسب ملموسة للشعب الفلسطيني على المستويين السياسي والميداني.
المقدمة
في خطوة تعكس ترسيخ التعاون الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان، وقّعت الدولتان اتفاقية دفاع مشترك تُلزم الطرفين باعتبار “أي هجوم على إحداهما بمثابة هجوم على الأخرى”. وهو إجراء من شأنه تعزيز الردع المشترك وتقوية عقود من التعاون العسكري والأمني بين البلدين. تأتي هذه الاتفاقية في أعقاب الضربة العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت قطر الحليف الموثوق لواشنطن، بالتزامن مع استمرار هجمات اسرائيل على العديد من الدول العربية، والتهديدات المستمرة بإخضاعها للهيمنة الاسرائيلية.
تعليقاً على هذه الاتفاقية، أعرب زلماي خليلزاد -الدبلوماسي الأمريكي السابق الذي يتمتع بخبرة طويلة في أفغانستان وباكستان، عن قلقه بشأن الاتفاقية، قائلاً إنها تأتي في “أوقات خطيرة”. وكتب على X: “باكستان تمتلك أسلحة نووية وأنظمة إيصال يمكنها ضرب أهداف في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل. كما أنها تعمل على تطوير أنظمة يمكنها الوصول إلى أهداف في الولايات المتحدة” (The Associated Press).
تتناول هذه الورقة أهمية الاتفاقية الدفاعية الموقعة حديثاً، حيث تسلط الضوء على توقيتها ودلالاتها الاستراتيجية في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج والعالم العربي. كما تتطرق إلى الفوائد المحتملة لهذه الاتفاقية، بما في ذلك دعم القضية الفلسطينية عبر توظيف الدعم الدولي والإقليمي لتعزيز الموقف الفلسطيني أمام السياسات الإسرائيلية.
دلالات التوقيع
تصور الرياض هذه الاتفاقية باعتبارها تطوراً طبيعياً لعلاقات استراتيجية تاريخية قائمة بين الشقيقين منذ عقود، وليست اتفاقاً موجهاً ضد أي دولة من دول العالم. “هذا الاتفاق هو نتاج سنوات من المناقشات. إنه ليس رداً على دول معينة أو أحداث معينة، بل هو إضفاء الطابع المؤسسي على التعاون العميق والطويل الأمد بين بلدينا”، صرح مسؤول سعودي رفيع المستوى لرويترز عندما سُئل عن توقيت الاتفاق. ومع ذلك، فإن توقيت الاتفاقية لم يكن صدفة، ويحمل دلالات واضحة في وقتٍ تزايدت فيه مخاوف دول الخليج العربية بشأن موثوقية الولايات المتحدة كضامنٍ أمنيٍّ لها منذ فترة طويلة. وقد زاد الهجوم الإسرائيلي الاخير على قطر من هذه المخاوف. وبالتالي، تحتاج دول الخليج الى شريك موثوق يمكن اللجوء اليه عند الحاجة في مواجهة اسرائيل، الدولة النووية الوحيدة في المنطقة، والتي كثّفت عملياتها العسكرية منذ احداث 7 أكتوبر 2023. وامتدت لتشمل إيران ولبنان وفلسطين وقطر وسوريا واليمن وشواطئ تونس.
تاريخياً، تُعد العلاقات بين الرياض وإسلام آباد راسخة ومتعددة الأبعاد، تشمل الجوانب الاقتصادية والدينية والأمنية. وقد أشارت تقارير سابقة إلى دعم سعودي محتمل لبرنامج الأسلحة النووية الباكستاني خلال مراحل تطويره، مما أثار تكهنات حول إمكانية إدراج المملكة تحت مظلة الحماية النووية الباكستانية على غرار اليابان والولايات المتحدة، كوريا الشمالية وروسيا الاتحادية. خاصة في ظل التوترات المتزايدة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، والشكوك المتزايدة حول امتلاك طهران للمواد اللازمة او اقترابها من عتبة تصنيع القنبلة النووية. وصفت المبعوثة السابقة لباكستان في الامم المتحدة مليحة لودهي الاتفاقية بأنها “تطور مهم”، مشيرةً إلى “تداعياتها بعيدة المدى” على كلا البلدين. وأضافت: “في هذه المرحلة، من الواضح أن باكستان قد تولت دور ضامن الأمن، ليس فقط للمملكة العربية السعودية، بل للشرق الأوسط أيضًا”. وترى، انه بعد العدوان الإسرائيلي على قطر، بدأت الدول العربية تبحث عن ضمانات أمنية من جهات أخرى”. وقالت لودهي: “لقد أصبح دور الولايات المتحدة كضامن للأمن موضع تدقيق في الآونة الأخيرة، وتضررت مصداقيتها بشدة” (DAWN,2025).
نصوص الاتفاقية- ما هو مُعلن
وفقاً لبيان وزارة الخارجية الباكستانية، “وقع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، ومعالي السيد محمد شهباز شريف، رئيس وزراء جمهورية باكستان الإسلامية، على “اتفاقية الدفاع المتبادل الاستراتيجي” “Strategic Mutual Defense Agreement”. وتهدف هذه الاتفاقية، التي تعكس الالتزام المشترك لكلا البلدين بتعزيز أمنهما وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم، إلى تطوير جوانب التعاون الدفاعي بين البلدين وتعزيز الردع المشترك ضد أي عدوان. وينص الاتفاق على أن أي عدوان على أي من البلدين يعتبر عدوانًا على كليهما (Ministry of Foreign Affair; Government of Pakistan, 2025). من الان فصاعداً، ستقوم باكستان بدور الشريك في حماية الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو دور وصفه القادة الباكستانيون بأنه شرف ومسؤولية إلهية في الوقت نفسه ((Siddiqui & Nazar,2025.
تتعلق النقاشات الجارية بمسألة توفير باكستان مظلة نووية للمملكة العربية السعودية، وهو موضوع أثار العديد من التساؤلات بين المتابعين والخبراء. وفي هذا السياق، أنهي مسؤول سعودي رفيع المستوى هذا النقاش؛ بعد تصريحاته لوكالة رويترز قائلاً: “هذا اتفاق دفاعي شامل يشمل جميع الوسائل العسكرية”. El Dahan) & Shah, 2025). من وجهة نظر مركز Belfer للعلوم والشؤون الدولية – جامعة هارفارد، جاء البيان بشكل فضفاض عمداً، فهو لا يؤكد ولا ينفي أي بعد نووي. من ناحية، يشير إلى أن الاتفاقية تغطي جميع أشكال التعاون العسكري بصفة عامة، لكنه لا يصل إلى حد توسيع نطاق الردع النووي الباكستاني ليشمل الأراضي السعودية بشكل صريح، من ناحية اخرى. ومع ذلك، لم يكن التوقيت مصادفة، فقد جاء بعد أسبوع من هجوم الدوحة، في وقت كان قادة الخليج يعبّرون فيه علناً عن قلقهم بشأن موثوقية الضامن الأمني الغربي التقليدي لهم، وبالتالي يُنظر الى هذا الاتفاق على نطاق واسع بمثابة إشارة إلى إسرائيل وربما إلى الولايات المتحدة أيضاً (Akhtar,2025). من جانبه، كتب سفير باكستان السابق لدى الولايات المتحدة الأمريكية (2008-2011)، حسين حقاني على منصة X ” يشير مصطلح “استراتيجي” في “اتفاقية الدفاع المتبادل الاستراتيجي” بين السعودية وباكستان إلى أنه يشمل الدفاع النووي والصاروخي”، واضاف، “لطالما استخدمت باكستان مصطلح “الأصول الاستراتيجية” في برامجها النووية والصاروخية.
المواقف الإقليمية والدولية وردود الافعال
أحدث هذا الاتفاق ردود فعل دولية متباينة تراوحت بين مُرحب لهذا الاعن ومُتحفظ وآخر ينتظر ويطلب مزيداً من التفسيرات. ومع ذلك، يرى محللون ان هذا الاعلان سوف يحدث تغييرًا في الحسابات الاستراتيجية لدول المنطقة. النقطة المهمة هي، أن إسرائيل تتمتع بدعم أمريكي غير مشروط. وبالتالي، في هذه المرحلة الحاسمة، تتجه الأنظار إلى مشروع “إسرائيل الكبرى” الذي يهدد بشكل صريح الدول الإسلامية في الشرق الأوسط. وبالتالي، فإن الشراكة الدفاعية الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية وباكستان الحائزة للأسلحة النووية يمكن أن تغير مسار التاريخ في الشرق الأوسط، وقد أذهلت هذه الخطوة المفاجئة أمريكا وإسرائيل وأوروبا والهند، الخصم اللدود (Raja,2025). على الصعيد الدولي، يؤكد الاتفاق على الدور المتطور للرياض كضامن للأمن ليس فقط لنفسها ولكن أيضًا لشركائها. بالنسبة لباكستان، يعزز الاتفاق صورتها كدولة رئيسية ذات أغلبية مسلمة لديها القدرة على المساهمة في الأمن العالمي والإقليمي. ويشير المراقبون إلى أن الاتفاقية قد تؤثر على تحالفات أوسع نطاقاً. ففي جنوب آسيا، قد تزيد من حذر الهند في تعاملها مع باكستان. وفي الخليج، قد تؤثر على الحسابات الاستراتيجية لإيران واللاعبين الإقليميين الآخرين. على الساحة العالمية، من المرجح أن تراقب الولايات المتحدة والصين وروسيا عن كثب كيفية تطور هذه الشراكة، نظراً لمصالحها العميقة في كلا المنطقتين (Alharbi,2025).
النقطة التي يجمع عليها المراقبون أن هذا الاتفاق سيقلب الهيكل الأمني القديم المُركّز على الولايات المتحدة في الشرق الأوسط رأسًا على عقب، ويُنشئ مخاطر وتحالفات جديدة، على النحو التالي:
اسرائيل: يُشكّل إدراج المظلة النووية الباكستانية رادعًا جديدًا ضدّ أعمالها العسكرية الإقليمية.
الهند: يُشجّع الاتفاق باكستان، ويُضيف حالة من عدم اليقين في النزاعات المُستقبلية، ويُخاطر بسحب الدعم العربي بعيدًا عن الهند. تنظر الهند الى هذه الشراكة بقلق لأنها ستعزز القدرات العسكرية لباكستان، على الرغم من أن إنفاقها العسكري يزيد سبعة أضعاف عن إنفاق باكستان (Khan,2025). كتب عضو مجلس الشيوخ الباكستاني السابق، مشاهد حسين، تعليقًا على منصة X حول موقف الهند من الاتفاقية: “الهند في حالة صدمة، لقد أُخذت على حين غرة”. واصفاً الاتفاقية بانها “أهم مبادرة عسكرية ودبلوماسية في الخمسين عامًا الماضية، بعد قمة لاهور الإسلامية”، بإعتبارها “أول اتفاقية دفاعية بين دولتين إسلاميتين”.
الصين: يُعدّ هذا مكسبًا استراتيجيًا غير متوقع – فرصة لتعميق النفوذ مع حليفين رئيسيين مع تهميش واشنطن.
الولايات المتحدة: أصبحت مصداقية واشنطن كضامن للأمن في الخليج الآن موضع شكّ جدّي (The Times of India,2025).
بالنسبة لروسيا: يمكن أن تستثمر في الاتفاق لتعزيز موقعها كطرف معزز في معادلات الامن الاقليمي خصوصًا مع استمرار الحرب الروسية الاوكرانية. وتهميش الدور الامريكي.
تركيا: قد يدفع الاتفاق تركيا لإعادة تقييم سياستها الأمنية في المنطقة، ومحاولة تعزيز التعاون مع السعودية وباكستان لتفادي التهميش.
باكستان: يوفر الاتفاق طمأنينة في وقت يعاني فيه الاقتصاد الباكستاني من ضعف في الاداء. إن الاتفاق مع إحدى الدول الأكثر ثراءً وتأثيراً في العالم يعزز مكانة إسلام أباد الدولية، ويوفر فرصاً محتملة للاستثمار في تحديث الدفاع (Alharbi,2025).
من ناحيتها، تواجه الرياض تحديات أمنية متزايدة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية الناتجة عن السياسات الإسرائيلية العدوانية، التي تشمل توسيع نطاق الصراعات إلى عدة دول؛ منها، لبنان وسوريا والعراق واليمن، بالإضافة إلى التصعيد المستمر ضد الشعب الفلسطيني، ولا سيما في قطاع غزة. وفي الوقت ذاته، تعاني الولايات المتحدة من انشغالها في نزاعات متعددة حول العالم، مما أثار شكوكاً لدى دول الخليج بشأن مدى إمكانية الاعتماد الكامل على واشنطن كحليف استراتيجي. هذه المعطيات دفعت الرياض إلى تعزيز شراكاتها الدفاعية لضمان تحقيق مصالحها الوطنية وحماية الامن القومي الخليجي والعربي. لذلك، فإن توقيع الاتفاقيات الدفاعية في هذا التوقيت يعكس استراتيجية مدروسة تهدف إلى مواجهة التحديات الإقليمية المتزايدة، وتعزيز الاستقلالية في اتخاذ القرارات الأمنية، مع الاستفادة من الفرص التي توفرها التحالفات الدولية الجديدة، منها على سبيل المثال:
- تعزز نفوذ الرياض في التقلبات الشديدة الحاصلة في منطقة الشرق الاوسط، كما تساهم في تحقيق استقلالية أكبر في صياغة سياسات مستقلة بعيداً عن واشنطن والغرب.
- رسالة ردع لاسرائيل، وربما في مرحلة معينة يصبح تهديداً مباشراً.
- رسالة قوية لواشنطن مفادها، من الان فصاعدا؛ لا حاجة لنا بمظلتكم الامنية والعسكرية.
- رسالة واضحة لإيران.
- إبطاء و/أو الغاء مسار التطبيع مع اسرائيل؛ طالما توفرت المظلة النووية الباكستانية للعربية السعودية فلا داعي للسير في مسار التطبيع مع اسرائيل حتى تعترق بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
- تمنح الاتفاقية العربية الرياض، وبالتالي الدول العربية ورقة ضغط جديدة لصالح القضية الفلسطينية على المستوى الاقليمي والدولي، وتعزز من الحضور العربي في القضايا العالمية.
ردود الافعال
أولاً: الموقف الاسرائيلي
وصف عضو مجلس الشيوخ الباكستاني السابق، مشاهد حسين، الاتفاقية بانها “أهم مبادرة عسكرية ودبلوماسية في الخمسين عامًا الماضية، بعد قمة لاهور الإسلامية”؛ بإعتبارها “أول اتفاقية دفاعية بين دولتين إسلاميتين”. وفيما يتعلق بإسرائيل، أشار حسين إلى أن الاتفاقية ستشكل رادعًا لها؛ “فمع القدرة العسكرية الباكستانية والقوة الاقتصادية العربية مجتمعتين، لا تستطيع إسرائيل فعل أي شيء” (DAWN,2025).
في هذا السياق، تحدثت صحف إسرائيلية عن تحدٍ مباشر للتفوق الإسرائيلي وتغير في الحسابات الاستراتيجية لدول المنطقة خاصة بعد ان تعرضت قطر لضربتين في عام واحد “ايرانية واسرائيلية”. اعتبرت صحيفة The Times of Israel ان توقيت الاتفاق بدا وكأنه إشارة إلى إسرائيل، التي يُعترف بها على نطاق واسع بأنها الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط والتي تخوض حربًا متعددة الجبهات في غزة وإيران ولبنان وسوريا واليمن منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتضيف الصحيفة، لم تُقرّ إسرائيل فورًا بالاتفاقية، التي تُعدّ أول قرار دفاعي حازم تتخذه دولة خليجية منذ هجوم قطر. كما لم تُقرّ الولايات المتحدة، التي لطالما كانت الضامن الأمني لدول الخليج، فورًا بالاتفاقية.
وعلق Yoel Guzansky، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، على طريقة تقييم دول الخليج لقدرتها على مواصلة التحوّط من المخاطر بدلًا من الاعتماد حصريًا على الولايات المتحدة”؛ يقول، “من المرجح أن تؤثر هذه الديناميكية ليس فقط على توازن القوى في الشرق الأوسط بل أيضًا على طريقة تقييم دول الخليج لقدرتها على مواصلة التحوّط من المخاطر بدلًا من الاعتماد حصريًا على الولايات المتحدة.
على هذا النحو، فإن مخاوف اسرائيل من الاتفاقية يمكن العثور عليها في النقاط التالية:
- قد تخلق محورًا أمنيًا جديدًا موجه نحوها وسيعمل على تحييد نفوذها في منطقة الخليج (Haaretz, 2025)
- سيبطئ أو يعقد مسار التطبيع مع السعودية في إطار اتفاقيات أبراهام.
- تصريحات إسرائيلية غير رسمية وصفت الاتفاق بأنه “رسالة ضغط موجهة لواشنطن أكثر من كونه تهديدًا مباشرًا لإسرائيل” (The Jerusalem Post, 2025; Haaretz, 2025)
ثانياً: الموقف الامريكي
في اواخر شهر حزيران يونيو 2025، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة وباكستان اتفقتا على العمل معًا من أجل السلام في الشرق الأوسط، وذلك عقب مكالمة هاتفية جرت بين وزير الخارجية الأمريكي روبيو ورئيس الوزراء الباكستاني شريف. هذا التطور جاء بعد حرب دامت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل (Imran,2025). على الرغم من هذا الاعلان، لم نرى أي تحرك امريكي-باكستاني مشترك لانهاء العدوان القائم على قطاع غزة على اقل تقدير. هذا يعني ببساطة ان اعلان واشنطن كان في سياق العلاقات العامة فقط، بالنظر لاستشعار البيت الابيض بوجود تداعيات على حضور باكستان وتدخلها في الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني.
لم يصدر عن واشنطن حتى الان أي تعليق حول الاتفاقية الجديدة. ومع ذلك لن تمر واشنطن على هذا الاعلان مرور الكرام، بالنظر لموقف باكستان من اسرائيل، في هذا السياق، اشار تقرير نشرته الــ CNN بتاريخ 18 سبتمبر، الى ان توقيع الاتفاقية الدفاعية المعززة تأتي في الوقت الذي تزداد فيه حذر دول الخليج العربية بشأن موثوقية الولايات المتحدة كضامن أمني لها منذ فترة طويلة. وقد زاد هجوم إسرائيل على قطر من تلك المخاوف. ولذلك تستشعر واشنطن بالقلق لعدة اسباب، منها:
- ولادة تحالف عسكري اقليمي: الولايات المتحدة كانت تشعر بالقلق من أي تحالفات جديدة في منطقة الخليج وآسيا الجنوبية قد تساهم في تقويض استراتيجياتها الإقليمية؛ التقارب بين باكستان والسعودية يمكن أن يؤدي إلى إنشاء قوة عسكرية جديدة تؤثر على مصالح واشنطن في المنطقة.
- مخاوف من تعميق التعاون مع الصين وروسيا: في السنوات الأخيرة، كانت هناك تكهنات حول أن باكستان قد تستخدم هذه الاتفاقيات العسكرية مع السعودية لتقوية تعاونها مع الصين، وهو ما يمثل مصدر قلق إضافي للولايات المتحدة، التي ترى أن الصين تشكل تحديًا استراتيجيًا لها في منطقة المحيط الهندي وشرق آسيا. بالإضافة الى النفوذ الروسي المتنامي في دول الجنوب العالمي والذي يثير قلق الولايات المتحدة.
- العلاقة مع الهند: الولايات المتحدة تسعى في الغالب إلى الحفاظ على علاقة متوازنة مع الهند من جهة، وبين باكستان من جهة أخرى. وطالما ان واشنطن خسرت نيودلهي لصالح روسيا (قمة شنجهاي الاخيرة واعتراف ترامب بذلك” وهي الان في طريقها لخسارة باكستان النووية، فإن هناك مخاوف من ان تلعب العربية السعودية دوراً في مزيد من التقارب بين كل من الهند، الصين وباكستان وروسيا. بالنظر لموثوقية العلاقة التي تجمع الرياض مع هذه الدول؛ وحجم المكاسب الاقتصادية الناجمة عن هذا التقارب لخدمة مصالح الاطراف.
- تعزيز الدور السعودي في المنطقة: تعتبر الرياض من الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، ولكنها تسعى أيضًا إلى تعزيز علاقاتها مع دول أخرى بعيداً عن المظلة الامريكية، مما قد يسبب توترات في العلاقات الأمريكية السعودية إذا شعرت واشنطن أن هذا التعاون قد يؤدي إلى تحولات في معادلة التحالفات التقليدية في المنطقة.
ثالثاً: ردود الفعل الايرانية
لم تصدر إيران موقفاً رسمياً حتى الآن بشأن الاتفاقية الدفاعية، إلا أن الصحف الإيرانية المقرّبة من النظام أشارت إلى أن هذا التحالف يأتي رداً على السياسات الأمريكية غير الموثوقة والسياسات الإسرائيلية الهادفة إلى زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي. واعتبرت وكالة تسنيم الحكومية أن الاتفاقية ربما يكون ردًا على الغارة الجوية الإسرائيلية الأخيرة على العاصمة القطرية، فضلاً عن تصعيد الحرب في غزة. وأوضحت الوكالة أن السعودية، التي كانت تسعى سابقًا لتعزيز شراكتها الدفاعية مع الولايات المتحدة، تتجه الآن نحو تنويع خياراتها الأمنية عبر التعاون مع باكستان، الحليفة النووية. وفي ظل غياب موقف رسمي إيراني، يبدو أن طهران تراقب التطورات بحذر، وهو ما يعكس حسابات موزونة تحتاج الى مزيد من الوقت للتقييم حول تداعيات هذه الاتفاقية على التوازنات الإقليمية.
قبل توقيع اتفاقية الدفاع مع باكستان، أرسلت إيران علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، في زيارة إلى الرياض، وتقول المصادر ان الرياض ربما ابلغته بموعد إعلان الاتفاق، حيث أن المملكة العربية السعودية تشهد منذ عام 2023 انفراجاً في العلاقات مع إيران بوساطة صينية (Ahmed & Gambrell,2025). في هذا السياق، كشف موقع العالم الاخباري الايراني ان اتصالاً هاتفياً جرى بين وزير الخارجية السعودي بن فرحان بوزير الخارجية الايراني عراقجي، أطلع الامير فيصل الوزير الايراني على الاتفاقية الدفاعية السعودية الأخيرة مع باكستان.
رابعاً: الموقف الهندي
تتمتع المملكة العربية السعودية بعلاقة قوية ومتينة مع الهند، حيث تسعى الرياض باستمرار إلى تعزيز هذه العلاقات وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين. وهو ما اكده مسؤول السعودي رفيع المستوى؛ “علاقتنا مع الهند أقوى من أي وقت مضى. وسنواصل تعزيز هذه العلاقة والسعي للمساهمة في السلام الإقليمي بكل ما في وسعنا”. وهذا يعكس تبني الرياض المتعمد لسياسة خارجية متعددة المحاور في جنوب آسيا.” (Geopolits,2025)
في اول تعقيب رسمي على الاتفاقية اعلنت وزارة الخارجية الهندية انها “ستدرس تداعيات اتفاقية الدفاع السعودية الباكستانية على أمنها القومي واستقرارها الإقليمي والعالمي” (News Nation,2025). وكشف موقع The Times of India، ردًا على هذا التطور، أن الهند كانت على علم بأن اتفاقية كهذه قيد المناقشة بين المملكة العربية السعودية وباكستان. وقال Randhir Jaiswal، المتحدث باسم وزارة الخارجية، في بيان: “لقد اطلعنا على تقارير عن توقيع اتفاقية دفاع مشترك استراتيجي بين المملكة العربية السعودية وباكستان. وكانت الحكومة على علم بأن هذا التطور، الذي يُضفي طابعًا رسميًا على اتفاقية طويلة الأمد بين البلدين، كان قيد الدراسة”. وأضاف Jaiswal، أن نيودلهي ستُقيّم جميع التداعيات الاستراتيجية والأمنية للاتفاقية، مع تأكيد التزامها بالأمن القومي على جميع الجبهات. “سندرس تداعيات هذا التطور على أمننا القومي، وكذلك على الاستقرار الإقليمي والعالمي. ولا تزال الحكومة ملتزمة بحماية المصالح الوطنية للهند وضمان الأمن القومي الشامل في جميع المجالات”.
من ناحيته وصف وزير الخارجية الهندي السابق Kanwal Sibal الاتفاقية بأن الاتفاقية تطور خطير ذو تداعيات عديدة على الهند؛ وأشار إلى أن الهند تعتبر هذا تهديدًا للأمن القومي، وتساءل على قناة X عما إذا كانت متابعة عملية سيندور في حال رعاية باكستان لهجوم إرهابي آخر في الهند ستُعتبر هجومًا على المملكة العربية السعودية. “في ظل التوترات بين باكستان والهند، تُعتبر هذه الخطوة السعودية مغامرة استراتيجية للغاية. ستشعر باكستان بالجرأة، وكذلك منظماتها الجهادية، لاستهداف الهند. تعني هذه الاتفاقية تدفق الأموال من المملكة العربية السعودية إلى باكستان لتعزيز قواتها المسلحة. يجري إعادة تأهيل باكستان استراتيجيًا.
خامساً: الموقف الصيني
لم يصدر حتى الان موقفاً رسمياً صينياً يعبر بشكل مباشر عن موقف بكين من الاتفاقية. ومع ذلك اشارت عدد من الصحف الصينية الى اهمية هذا الاتفاق، واعتبرته موجهاً نحو السياسات الاسرائيلية وحالة عدم الموثوقية في السياسات الامريكية تجاه القضايا العربية. في هذا السياق ذكرت صحيفة South China Morning Post الصادرة من هونج كونج في تقريرها بتاريخ 18 سبتمبر، ان هذا الاعلان جاء بعد اسبوع واحد من الهجوم الاسرائيلي على العاصمة القطرية- الدوحة دون ان تتحرك انظمة الدفاع الامريكية، ونقلت عن علي شهابي- محلل سياسي سعودي بارز معروف بقربه من ولي العهد، تأكيده ان الاتفاق يشمل المظلة النووية الباكستانية “هذا يسمح للسعودية بالاستفادة من المظلة النووية الباكستانية”. واشار التقرير الى تقرير سابق صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في يونيو، يُقدر أن باكستان تمتلك 170 رأسًا نوويًا، إلى جانب أسطول من الصواريخ الباليستية، بما في ذلك صاروخ شاهين-3، الذي يمكنه الوصول إلى إسرائيل (Hussain,2025). وكتب Han Jitao في صحيفة CRI News تحت عنوان “الولايات المتحدة غير راغبة وعاجزة في الوقت الذي تبدأ فيه السعودية استكشاف بنية أمنية جديدة في الشرق الأوسط”، وصف Li Zixin -باحث مساعد في المعهد الصيني للدراسات الدولية، الاتفاقية بانها تطوراً مهماً في التعاون الدفاعي بين المملكة العربية السعودية وباكستان وأنها تعزز التعاون الاستراتيجي بين البلدين. مضيفاً، ومن الواضح أن هذا الأمر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصراعات المسلحة الجارية في الشرق الأوسط، ولا سيما الضربة العسكرية المباشرة التي شنتها إسرائيل مؤخراً على قطر، والتي زادت من المخاوف الأمنية بين دول الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية. ويرى Jitao، إن السعي إلى مزيد من التعاون مع باكستان هو رد مباشر على خيبة الامل الكبيرة السائدة في اوساط قادة دول الخليج بسبب المواقف الامريكية السلبية من قضايا الامن والدفاع في المنطقة. بالمثل سلطت صحيفة شينخوا Xinhua الضوء على مزيد من مزايا هذه الاتفاقية بما فيها تنويع سياسات المملكة الدفاعية والامنية (Huaxia,2025).
بشكل عام، – الموقف الصيني يبدو متحفّظًا حتى الآن، إذ لا يوجد دعم صريح أو إدانة رسمية، لكن الرأي السائد في اوساط النخب الصينية تميل لتأييد الاتفاق ودعمه، باعتباره نتاجًا لتحولات أمنية في المنطقة بعيداً عن التحالفات مع واشنطن. بكين قد ترى هذا النوع من الاتفاقات فرصة لتعزيز نفوذها الدبلوماسي، وإضفاء نوع من التوازنات الاستراتيجية في المنطقة، دون الانخراط العلني في أي جانب من الجوانب المرتبطة بالتحالف، يقول مراقبون.
سادساً: الموقف الروسي
تشير التحليلات إلى أن الموقف الروسي يتقاطع بشكل كبير مع الموقف الصيني فيما يتعلق بالاتفاقية، وعلى الرغم من عدم صدور أي تعليق رسمي من موسكو حول هذه الخطوة. لكن يمكن فهم الموقف الروسي في سياق التوترات المستمرة مع واشنطن وحالة الصراع غير المباشر في أوكرانيا. تعتبر موسكو هذه الاتفاقية بمثابة تطور إضافي يضعف الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي، خاصة في ظل التحولات الجارية نحو نظام متعدد الأقطاب. من الجدير بالذكر أن باكستان، التي تربطها علاقات استراتيجية مع الصين، كانت جزءاً من اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون الذي انعقد في مدينة تيانجين الصينية. وتربطها علاقات جيدة مع موسكو.
في هذا السياق، رصد موقع RT روسيا اليوم الحكومي ردود فعل مُرحبة بهذا الاتفاق جاء تحت عنوان “”رسالة نووية إلى واشنطن وإسرائيل”.. الاتفاق الدفاعي بين السعودية وباكستان يثير تفاعلا”، رصدت فيه مجموعة من ردود الافعال عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي وصفت الاعلان بأنه “رسالة ردع لاسرائيل” و”رسالة الى واشنطن”. ووثقت أحد التعليقات تقول “أن السعودية “قطعت الطريق على أي تهديد، ووضعت حداً لعنتريات نتانياهو، كما أوصلت رسالة لأمريكا مفادها: لا يمكننا الوثوق بكم!”. كما سلطت قناة TRT World الروسية على ما وصفته باحتفالات وسائل الاعلام السعودية بالاتفاقية الموقعة، بإعتبارها “مظلة ردع” تتيح للطرفين استخدام قدراتهما العسكرية الكاملة دون استثناء. واظهرت TRT تغريدة لوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، شقيق ولي عهد السعودية، على حسابه الرسمي على تويتر، “السعودية وباكستان… جبهة واحدة ضد أي معتدٍ… دائمًا وأبدًا”.
سابعاً: تأثير الاتفاقية على مسار التطبيع العربي الاسرائيلي
يمكن النظر الى الاتفاقية كخطوة ذات أبعاد استراتيجية قد تؤثر على ديناميكيات العلاقات الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بمسار التطبيع بين إسرائيل والدول العربية. هذا التعاون العسكري يعكس توجهًا نحو تعزيز التحالفات الثنائية بعيدًا عن الضغوط الامريكية الرامية إلى تحقيق السلام الإبراهيمي دون الاعتراف بالدولة الفلسطينية. مع تصاعد أهمية القضية الفلسطينية حول العالم كعامل رئيسي، يمكن ان تضيف هذه الاتفاقية الفوائد التالية:
- إبطاء او إلغاء مسار التطبيع السعودي–الإسرائيلي، إذ يمنح الرياض أوراق ضغط إضافية قبل أي التزام رسمي تجاه إسرائيل.
- يوجه رسالة بأن السعودية قادرة على تنويع تحالفاتها الأمنية بعيدًا عن الاعتماد الحصري على واشنطن، مما يعزز موقعها التفاوضي.
- قد يدفع بعض الدول العربية التي سارعت للتطبيع (مثل الإمارات والبحرين والمغرب) إلى إعادة تقييم مسارها إذا ما شعرت بوجود محور أمني إسلامي جديد.
- ستنظر إسرائيل الى الاتفاق كعامل يحدّ من قدرتها على التوسع في مسار أبراهام، أو على الأقل كشرط يفرض عليها الاعتراف بحقوق الفلسطينيين.
- السلطة الفلسطينية تستطيع استثمار الاتفاق لتقوية حجتها أمام الدول العربية بأن التسرع في التطبيع دون إنجاز سياسي حقيقي للقضية الفلسطينية سيكون مكلفًا إقليميًا.
ثامناً: الموقف الاوروبي
يمثل اتفاق الدفاع المتبادل بين المملكة العربية السعودية وباكستان تطوراً مهماً ليس فقط بالنسبة للتوازنات الأمنية في الخليج وآسيا، ولكن أيضاً بالنسبة للسباق العالمي على النفوذ بين الولايات المتحدة والصين. لذلك، قد يتبع ذلك المزيد من اتفاقيات الدفاع المتبادل بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا. في ظل الحملات المستمرة التي تشنها إسرائيل، والتي من المرجح الآن أن تكون أيضاً لموازنة نفوذ الرياض وإسلام أباد، ترى العديد من دول الشرق الأوسط حاجة ملحة لتعزيز قدراتها الوطنية على الردع (ISPI,2025).
لم تصدر بروكسل أي تصريح رسمي بشأن الاتفاقية حتى الآن، ويبدو أنها تقوم بتحليل تفاصيل الاتفاق بعناية. من المحتمل أن تنتظر موقف الولايات المتحدة لتحديد توجهها في السياسة الخارجية، وهو نهج مألوف في مثل هذه الحالات.
ومع ذلك، ذكرت صحيفة الــ Financial Times في تقريرها بتاريخ 19 سبتمبر، ان اتفاقية القنبلة الاسلامية” جاءت في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تغيرات جذرية بسبب إسرائيل غير المقيدة، وإيران الجريحة، والولايات المتحدة غير المتوقعة. والهجوم الاسرائيلي على قطر، حليف رئيسي للولايات المتحدة، في 9 سبتمبر عندما وقف الرئيس ترامب مكتوف الأيدي. وتضيف الصحيفة، هذا الهجوم في قلب الدوحة صدم قادة دول الخليج؛ وكشفت أن أحد المسؤولين السابقين المطلعين على الحوارات التي جرت بين المسؤولين الباكستانيين والإسرائيليين حول العقيدة النووية الباكستانية، قوله “لطالما كان الأمريكيون والإسرائيليون يشعرون بقلق شديد من أن برامج باكستان النووية والصاروخية قد تشكل تهديدًا لإسرائيل، وهذه الاتفاقية قد تزيد من هذه المخاوف”. من وجهة نظر Elizabeth Threlkeld، مديرة برنامج جنوب آسيا في مركز ستيمسون Stimson بواشنطن، “هذا إعلان مهم للغاية، حتى وإن كانت العديد من تفاصيل الاتفاق لا تزال غير واضحة”. “إنه يعزز مكانة باكستان كلاعب أمني رئيسي في الشرق الأوسط، بينما يقوي قدرة باكستان على الاعتماد على المملكة العربية السعودية كشريك في مجال أمن الطاقة والدعم الاقتصادي”. وفقاً لموقع DW الالماني.
من وجهة نظر Simon Henderson – معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، سيثير الاتفاق الباكستاني-السعودي قلق واشنطن بسبب الترتيب النووي المأمول مع الولايات المتحدة، والذي من المرجح أن يكمل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية إذا أصبح ذلك ممكناً مرة أخرى. كما أنه سيعيق الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، الذي يهدف إلى إنشاء طريق تجاري بحري وبري يربط الهند وإسرائيل عبر السعودية والأردن. ويرى ان تفاصيل ومغزى اتفاق الرياض سيصبح أكثر وضوحًا عندما يصل رئيس الوزراء الباكستاني قريبًا إلى نيويورك لحضور دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
فرص الاستثمار الفلسطيني في الاتفاق
- استخدام الاتفاق كورقة ضغط لربط أي مسار تطبيع مع إسرائيل بشرط اعلان اسرائيل قبولها بحل الدولتين والاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
- تعزيز البُعد الإسلامي للقضية الفلسطينية من خلال التعاون مع باكستان والسعودية ضمن إطار منظمة التعاون الإسلامي.
- استغلال الاتفاق للضغط على واشنطن من عدسة أن تجاهل الحقوق الفلسطينية سيؤدي إلى تقارب أمني إسلامي عربي مستقل، وربما تقارب مع روسيا او الصين وحتى هندي بعيداً عن المظلة الأمريكية.
- تسويق الاتفاق بإعتباره معادلة ردع جديدة تحد من التوسع الإسرائيلي وتعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية.
- طلب دعم مالي وأمني مباشر من السعودية وباكستان لمشاريع تنموية وأمنية في الضفة الغربية والقدس الشرقية لتعزيز الصمود الفلسطيني.
- الاستفادة من الغطاء السياسي الجديد لتعزيز التنسيق مع دول إسلامية أخرى، وتوسيع دائرة الدعم للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
- من منظور مؤيد لفلسطين، يؤكد هذا الاتفاق على حقيقتين. أولاً، تسعى الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى استعادة استقلاليتها الأمنية، وثانياً، تزداد شكوك المنطقة في موثوقية الولايات المتحدة لأسباب واضحة. ورغم أن الاتفاق قد لا يوفر مظلة نووية بشكل صريح، إلا أنه يرمز إلى التضامن الإسلامي في وقت يواجه فيه الفلسطينيون عنفاً هائلاً. ومع ذلك، فإن الحذر ضروري للغاية. يجب على باكستان أن تتجنب الانجرار إلى الخصومات الخليجية التي تصرف الانتباه عن القضية الأساسية المتمثلة في مواجهة العدوان الإسرائيلي ودعم فلسطين. إذا تمت إدارته بحكمة، يمكن أن يعزز الاتفاق الردع الجماعي ضد الضغوط الخارجية، ولكن يجب أن يتماشى بعناية مع النضال الأوسع من أجل تقرير المصير الفلسطيني. (Khan,2025).
الاستنتاجات
- اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان تمثل نقطة تحوّل استراتيجية في الشرق الأوسط وآسيا، هذه الخطوة تعيد رسم موازين القوى الإقليمية وتربك حسابات القوى الكبرى. وهي ليست مجرد تفاهم ثنائي بل خطوة تحمل أبعادًا استراتيجية إقليمية ودولية.
- إلى جانب أبعادها الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية والسياسية، تمثل اتفاقية الدفاع المتبادلة فرصة استراتيجية للسلطة الفلسطينية، للدفع بالقضية الفلسطينية الى صدارة الأجندة الإقليمية والدولية، وتوظفها للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، وتحقيق مكاسب ملموسة للشعب الفلسطيني على المستويين السياسي والميداني.
- ردود الفعل الإسرائيلية تؤكد أن الاتفاق يُقرأ كتحوّل في معادلات الأمن والردع في المنطقة.
- ردود الفعل الإسرائيلية تؤكد أن الاتفاق يُقرأ كتحوّل في معادلات الأمن والردع في المنطقة. ومتوقع ان يكون للاتفاقية أثرًا مباشرًا على مسار التطبيع العربي مع إسرائيل. فهو يمنح السعودية موقعًا تفاوضيًا أقوى، ويضع ملف القضية الفلسطينية مجددًا في قلب أي مسار تفاوضي. بعبارة اخرى، يعكس الاتفاق تحوّلًا استراتيجيًا يُعيد رسم التوازنات في الشرق الأوسط على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
- يعزز الاعلان المشترك حضور وتأثير دول مجلس التعاون الخليجي في القضايا الاقليمية والدولية، ويوحد السياسة الخارجية تجاه اسرائيل.
- نعتقد ان الاتفاقية ستفرض نفسها على أجندات القوى الكبرى. فبينما تنظر واشنطن بعين القلق إلى تراجع اعتماد الخليج عليها، يتعامل الأوروبيون مع الاتفاق كمصدر استقرار محتمل على الرغم من مخاطره المحتملة على سياساتهم. في الوقت نفسه ترى كل من بكين وموسكو ان هذا الاعلان يعزز التوجه العالمي نحو عالم متعدد الاقطاب قادر على مواجهة الهيمنة والنفوذ الامريكي في الجنوب العالمي.
- تنظر إيران الى الاتفاق بإعتباره نقطة تحوّل في التوازنات الإقليمية، ومصدر تهديد مباشر لنفوذها، ومع ان الرياض وإسلام آباد سعت لتقديمه كخطوة دفاعية لحماية الامن والاستقرار. إلا ان هذا التناقض يدفع المنطقة لدخول مرحلة جديدة نحو سباق تسلح نووي للحفاظ على النفوذ والتحالفات، هذا الوضع الناشئ، يفتح المجال أمام الفلسطينيين لإعادة وضع قضيتهم في قلب التوازنات الجديدة التي تؤسس لها الرياض واسلام اباد.
References
The Washington Post (2025, September) Pakistan, Saudi Arabia sign defense agreement to treat an attack on one as attack on both. https://www.washingtonpost.com/world/2025/09/17/pakistan-saudi-arabia-defense-agreement-israel/dc0026f0-93fe-11f0-8336-4757e168ec2a_story.html
Ministry Of Foreign Affairs (2025). Government Of Pakistan. Joint Statement on the State Visit of Prime Minister of the Islamic Republic of Pakistan, Muhammad Shehbaz Sharif, to the Kingdom of Saudi Arabia. https://mofa.gov.pk/press-releases/joint-statement-on-the-state-visit-of-prime-minister-of-the-islamic-republic-of-pakistan-muhammad-shehbaz-sharif-to-the-kingdom-of-saudi-arabia
Naveed Siddiqui & Nuzhat Nazar (2025) Pakistan, KSA sign Strategic Mutual Defence Agreement. Business Recorded, September 18, 2025. https://www.brecorder.com/news/40383352/pakistan-ksa-sign-strategic-mutual-defence-agreement.
Irfan Raja (2025). Is the Pak-Saudi defence pact a turning point in the history of the Middle East? 19 Sep.,2025. Middle East Monitor. https://www.middleeastmonitor.com/20250919-is-the-pak-saudi-defence-pact-a-turning-point-in-the-history-of-the-middle-east/
The Guardian (2025). Saudi Arabia and Pakistan sign mutual defence pact as regional tensions escalate. https://www.theguardian.com/world/2025/sep/18/saudi-arabia-pakistan-mutual-defence-pact
Haroon Janjua (2025). What’s behind the Pakistan-Saudi Arabia defense pact? DW. 19Sep., 2025. https://www.dw.com/en/whats-behind-the-pakistan-saudi-arabia-defense-pact/a-74062506
Simon Henderson (2025). Will Saudi Arabia’s New Defense Agreement with Pakistan Have Proliferation Consequences? Washington Institute for Near East Policy. https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/will-saudi-arabias-new-defense-agreement-pakistan-have-proliferation-consequences
The Jerusalem Post (2025). Saudi Arabia, nuclear-armed Pakistan sign mutual defense pact. https://www.jpost.com/middle-east/article-867839
Kashif Imran (2025). US, Pakistan agree to work together to promote peace in Middle East. Arab News, 27 Jun. 2025. https://www.arabnews.com/node/2605998/pakistan.
Defence Pact: Pakistan- Saudia Arabia declare Joint response to any aggression. The Times of India. 18 Sep. 2025.
The Times of Israel (2025). Saudi Arabia signs mutual defense pact with nuclear-armed Pakistan. https://www.timesofisrael.com/saudi-arabia-signs-mutual-defense-packed-with-nuclear-armed-pakistan/
Geopolits (2025). The Saudi–Pakistan Mutual Defence Pact: Shifting the Foundations of Regional Security. 18 Sep 2025. https://geopolits.com/news-details.php?url=the-saudipakistan-mutual-defence-pact-shifting-the-foundations-of-regional-security
DAWN (2025). Here is what analysts have to say about the Pak-Saudi defence agreement. https://www.dawn.com/news/1942902/here-is-what-analysts-have-to-say-about-the-pak-saudi-defence-agreement
Husain Haqqani.
ISPI (2025). Saudi-Pakistan Mutual Defence Pact: Implications for India, IMEC, and US Influence in the Gulf. Italian Institute for International Political Studies. 19 sep.,2025. https://www.ispionline.it/en/publication/saudi-pakistan-mutual-defence-pact-implications-for-india-imec-and-us-influence-in-the-gulf-217398
Islamic Nato. Saudia Arabia-Pakistan defence pact, what it means for India. The Times of India (2025). http://timesofindia.indiatimes.com/articleshow/123978246.cms?utm_source=contentofinterest&utm_medium=text&utm_campaign=cppst
News Nation 92025). ‘Will study implications for our national security, regional, global stability’. https://english.newsnationtv.com/world/asia/will-study-implications-for-our-national-security-regional-global-stability-mea-on-saudi-pak-defence-pact20250918090017?utm_source=chatgpt.com
Jamal Alharbi (2025). New Saudi-Pakistan defense deal will have implications for entire region. Arab News.18 Sep.2025.
Munir Ahmed and Jon Gambrell (2025). Saudi Arabia Signs a Mutual Defense Pact with Nuclear-Armed Pakistan After Israel’s Attack on Qatar. Millitary.com. https://www.military.com/daily-news/2025/09/18/saudi-arabia-signs-mutual-defense-pact-nuclear-armed-pakistan-after-israels-attack-qatar.html
Yoel Guzansky (2025). Saudi Arabia and Pakistan: An End to Ambiguity? INSS. 18 Sep., 2025. https://www.inss.org.il/social_media/saudi-arabia-and-pakistan-an-end-to-ambiguity/
Munir Ahmed and Jon Gambrell (2025). Saudi Arabia Signs a Mutual Defense Pact with Nuclear-Armed Pakistan After Israel’s Attack on Qatar. The Associated Press. 18 Sep.2025. https://apnews.com/article/pakistan-saudi-arabia-defense-israel-india-11cd003a55eb7bec7431cb134f29db5d
Maha El Dahan and Saeed Shah (2025). Saudi Arabia, nuclear-armed Pakistan sign mutual defence pact. Reuters.18 Sep., 2025. https://www.reuters.com/world/asia-pacific/saudi-arabia-nuclear-armed-pakistan-sign-mutual-defence-pact-2025-09-17/
Rabia Akhtar (2025). Beyond the Hype: Pakistan-Saudi Defense Pact Is Not a Saudi Nuclear Umbrella. Belfer Center. https://www.belfercenter.org/research-analysis/beyond-hype-pakistan-saudi-defense-pact-not-saudi-nuclear-umbrella-0
Tom Hussain (2025). Saudi Arabia-Pakistan pact sends nuclear umbrella signal over Israel’s attack on Qatar. South China Morning Post 18 Sep 2025. https://www.scmp.com/week-asia/politics/article/3325972/saudi-arabia-pakistan-pact-sends-nuclear-umbrella-signal-over-israels-attack-qatar
Han Jitao9 2025). Flash Commentary | The US is both unwilling and powerless as Saudi Arabia begins exploring a new Middle East security architecture. 18Sep., 2025, CRI News, Global Information Broadcast. https://news.cri.cn/20250918/55d7c6bb-c797-49d1-ec4f-9c4140b32013.html?utm_source=chatgpt.com
Huaxia (2025). Explainer: Why Saudi-Pakistan mutual defense pact marks defining moment for regional security? Xinhua. 19 Sep.2025. https://english.news.cn/20250919/ba20bbcc55474f4ea73d969881f623be/c.html
Saudi experts and media hail ‘NATO-like’ defence pact between Islamabad and Riyadh. TRT World, 19 Sep.2025. https://www.trtworld.com/article/137cdeeb96c9
Financial Times (2025). Petrodollars and the ‘Islamic bomb’: how a Saudi-Pakistan pact was forged. 19 Sep. 2025. https://www.ft.com/content/a7f317cd-acb6-453b-bc1b-402c59343e1d
Saudi Arabia and Pakistan sign mutual defense pact as Gulf Arab states grow wary of US security guarantees. 18 Sep., 2025. CNN. https://edition.cnn.com/2025/09/17/middleeast/saudi-arabia-pakistan-defense-pact-intl-hnk
Kanwal Sibal. https://x.com/KanwalSibal/status/1968555063607181600
Al Arabiya. (2025, September). Saudi Arabia and Pakistan sign landmark defense pact. Al Arabiya News. https://english.alarabiya.net
Arab News. (2025, September). Saudi-Pakistan defense cooperation and its regional implications. Arab News. https://www.arabnews.com
Reuters. (2025, September). U.S. reacts cautiously to Saudi-Pakistan defense agreement. Reuters. https://www.reuters.com
The Jerusalem Post. (2025, September). Israeli officials concerned over Saudi-Pakistan defense deal. The Jerusalem Post. https://www.jpost.com
Haaretz. (2025, September). Saudi Arabia signs mutual defense pact with nuclear-armed Pakistan after Israel attacks Qatar. Haaretz. https://www.haaretz.com/israel-news/2025-09-18/ty-article-live/hostage-families-sleep-in-protest-tents-outside-netanyahus-jerusalem-residence/00000199-5a98-d907-a5db-7ffe51c30000?liveBlogItemId=18513391#18513391
Middle East Eye. (2025, September). European reaction to Saudi-Pakistan defense agreement. Middle East Eye. https://www.middleeasteye.net
Financial Times. (2025, September). Saudi Arabia, Pakistan and the shifting balance of power. Financial Times. https://www.ft.com
Sana Khan (2025). Saudi–Pakistan Defense Pact: Expanding the Security Chessboard. Modern Diplomacy, 20 Sep.2025. https://moderndiplomacy.eu/2025/09/20/saudi-pakistan-defense-pact-expanding-the-security-chessboard/
المراجع بالعربية
- باكستان والسعودية توقعان اتفاقية دفاع استراتيجي وسط توترات في الشرق الأوسط. وكالة تسنيم الايرانية. 17 سبتمبر 2025. https://2u.pw/vA08mg سبتمبر
- رسالة نووية إلى واشنطن وإسرائيل”.. الاتفاق الدفاعي بين السعودية وباكستان يثير تفاعلا. RT روسيا اليوم18 سبتمبر 2025، https://2u.pw/f5hFM





