التلوث البلاستيكي وأثره الصحي على النساء في غرب آسيا: قراءة في أزمة متفاقمة

في وقت تتعثر فيه المفاوضات الدولية لإقرار معاهدة ملزمة بشأن الحد من التلوث البلاستيكي، يتزايد الوعي في غرب آسيا بخطورة هذه الأزمة، ليس فقط على البيئة، بل على الصحة العامة للنساء على وجه التحديد. ويأتي هذا التحذير من ناشطات وخبيرات بيئيات، أبرزهن المهندسة والناشطة البيئية ماري تريز سيف، التي أكدت أن “التلوث البلاستيكي أصبح أزمة غير مرئية تعيشها النساء يوميًا، وتتغلغل في تفاصيل حياتهن الصحية من دون أن يدرين”.

عندما يصبح البلاستيك خطرًا يوميًا على صحة النساء

في دول غرب آسيا، حيث يتوسع استخدام المنتجات البلاستيكية بشكل غير مراقب، تعاني النساء من تعرض مفرط للمواد الكيميائية السامة التي تدخل في تركيب البلاستيك، سواء في مستحضرات التجميل، أو منتجات النظافة الشخصية، أو حتى عبوات المياه والأطعمة.

توضح المهندسة ماري تريز سيف أن “النساء في منطقتنا يواجهن خطرًا مضاعفًا، لأن كثيرًا من المنتجات المتداولة في الأسواق لا تخضع لأي رقابة صحية، وغالبًا ما تحتوي على مركبات كيميائية مثل الـ BPA والفثالات، المعروفة بارتباطها بأمراض مثل اضطرابات الهرمونات، والعقم، وسرطان الثدي”.

وتضيف: “الخطورة تكمن في أن هذه المواد تدخل الجسم بشكل صامت ومتكرر، وتراكمها على مدى سنوات يخلق آثارًا صحية جسيمة، تظهر في وقت متأخر، وتُصيب أجهزة متعددة في الجسم”.

النساء الأكثر تضررًا: تفاوت طبقي وصحي

ترى سيف أن النساء في المناطق المهمّشة والفقيرة هنّ الأكثر عرضة لهذه المخاطر، نظرًا لاضطرارهن إلى استخدام منتجات أرخص ثمنًا، وغالبًا ما تكون ذات جودة منخفضة وتحتوي على نسب عالية من المواد السامة.

وتضيف: “في الأرياف والمخيمات والمناطق العشوائية، لا توجد بدائل صحية ولا وعي كافٍ، ما يعني أن النساء والفتيات يتعرضن لمواد بلاستيكية سامة يوميًا، من دون أي حماية قانونية أو صحية”.

الدعوة إلى معاهدة دولية عادلة وملزمة

بصفتها ناشطة مشاركة في عدد من المبادرات البيئية الإقليمية، دعت المهندسة ماري تريز سيف إلى أن تكون المعاهدة الدولية المرتقبة ملزمة قانونيًا وشاملة للبعد الصحي، وليس مجرد اتفاق بيئي شكلي.

وتقول: “لا نريد معاهدة تحافظ على مصالح الصناعات الكبرى فقط، بل معاهدة تحمي صحة النساء، وتمنع المواد الكيميائية السامة في المنتجات اليومية، وتضع حدًا لإنتاج البلاستيك غير الضروري”.

وتُشدد على أن هناك حاجة إلى “إعادة التفكير في السياسات الصحية والبيئية معًا، لأننا لا نستطيع الفصل بين البيئة وصحة الإنسان، خاصة صحة المرأة التي تعيش في تماس مباشر مع البلاستيك في جميع مراحل حياتها”.

بين الأمل والتحذير

في ظل توقف المفاوضات الدولية، تؤمن المهندسة ماري تريز سيف بأن المجتمع المدني، وخاصة النساء المنظمات والناشطات، يمكن أن يصنع فارقًا من خلال الضغط والمناصرة والتوعية.

وتختم بالقول: “نحن لا نطالب برفاهية بيئية، بل بحقنا في العيش بكرامة وصحة في بيئة خالية من السموم. المعركة ضد البلاستيك هي معركة من أجل حياتنا ومستقبل بناتنا”.