مجتمعنا جماعات يكاد عدد من أفرادها -بجانب لاجئين ونازحين- يفقدون روح قوميتهم وموالاتهم للوطن الذي ابصروا فيه هم وآباؤهم نور الوجود. ومن خطل الرأي واعوجاج المنطق، أن تظن جماعة ما أنها في غنى عن سواها، أو أن تعتبر أن العزلة أو الانكماش، خير لها من الاختلاط والامتزاج. فحتى إذا بلغت درجة من رفعة شأن أو عزة سيادة، تظل محتاجة إلى المجموعات الأخرى لأنها جزء لا ينفصل عن الامة، ولأن صرح الوئام والسلام، لا يرتفع، ولا يزدهر ويبقى، ما لم يتكاتف الجميع على تشييده، ويتعاونوا على حراسته وحفظه.
هناك اليوم، خمس فئات من اللبنانيين، وإن هم لم يفصحوا كلهم عما يختلج في صدورهم وعقولهم من مشاعر واتجاهات. الفئة الأولى يبحث أفرادها عن الحياة أكثر مما يعيشونها. الفئة الثانية تبحث عن رحيلها عن هذه الحياة لايمانها بأنها تنتقل بذلك، حتما، إلى حياة ما بعدها حياة. الفئة الثالثة تعيش من قلة الموت. الفئة الرابعة يعيش أعضاؤها، وإن مرتهنين، على أنقاض الفئات الثلاث. الفئة هذه متوارثة أكثر من سواها، ونرى حتى الساعة أفرادها يغنمون مما تبقى من كنوز البلاد ويترعرع أبناؤهم بين جمالاتها المتبقية وجمالات سواها، في حين أن الفئة الخامسة تحاول استلهام أرض الوطن وسماءه أو ما سلم منهما، ثم يكره بعض أفرادها على مغادرة البلاد.
ادعو الفئة الخامسة إلى أن تنشط، بغياب “الوزراء المعنيين” الذين قد يلهثون وراء “نظرائهم”(؟!!) ،لإعتاق الشعب من العسف والهوان، فيلهب أركانها النفوس والعزائم، بأقوال كلها بلاغة وقوة وإباء. ليرسل ادباؤنا وقادة الفكر النير ، الخطب والقصائد الهادفة، فتنتعش القلوب الضعيفة الهادئة وتتحرك الهمم الفاترة المستكينة وتتحفز للوثوب في إطار ثورة حقيقية جامعة.
إلام يطوح بنخبنا غياب “وزارات” وهمية، إلى ديار المهجر، وما تكاد أقدامهم تستقر في مواطنهم المضيفة، حتى تتألق شموس شهرتهم وتبزغ انوار عبقريتهم ويضطلعوا بأدوار إستشرافية رائدة؟
د.جهاد نعمان، جبيل
articles.jihadnaaman.com
استاذ في المعهد العالي للدكتوراه