جورج كريم
هل تكون زيارة هوكشتاين لساعات معدودة الى بيروت ولقائه مع المسؤولين في الحكم والمعارضة هي لغسل اليدين قبل اقتراف الإثم الإسرائيلي بالإعتداء على لبنان من بوابة جبهة الجنوب ؟
مما لا شك فيه أن معظم الوسطاء الغربيّين وخاصة الأميريكيّين يعملون من خلال مصلحة اسرائيل .
وهناك بون شاسع جدا بين النظرة للحل في حرب غزة بين الوسطاء الأميريكيين والمفاوضين الفلسطينيين ، وهذا دليل على غياب النتائج الملموسة حتى اليوم لا في المفاوضات المصرية ولا القطرية .
وما يسعى اليه الوسيط هوكشتاين شبيه بما كان يسعى اليه كيسنجر سواء مع الرئيس حافظ الأسد أو الرئيس أنور السادات.
من يقرأ كتاب ” النظام العالمي ” لمؤلفه هنري كيسنجر يستخلص فكرتين اساسيتين : الأولى دعم مطلق لاسرائيل والثانية ازدراء للعرب وقادتهم .
ويقول البروفيسور توماس شوارتز واضع كتاب ” هنري كيسنجر والقوة الأميريكية ” أنه يمكن فهم السياسة الأميريكية من خلال رجل ، وأن كيسنجر كان لا يمانع باستعمال القوة مع العرب اذا فشلت الديبلوماسية الناعمة في الموافقة على اتفاقات لمصلحة إسرائيل.
وفي كتابه ” كيف راوغ كيسنجر القادة العرب ” لمؤلفه مارتن إنديك سفير اميريكا لدى إسرائيل لمرتين يتحدث عن كيسنجر بعيون اليهود بأنه الرجل الثقة لمصلحة إسرائيل العليا ، وأنّ القادة العرب كانوا يعتقدون أن يهوديته ذات الأصل الإلماني كفيلة بدفع إسرائيل إلى قبول تنازلات كبيرة ؟!
لقد تمكن هوكشتاين سابقا بفضل ديبلوماسيته الناعمة إلى تحقيق مراحل الترسيم البحري انطلاقا من نقطة ” المفاوضات الإطار” الى التوقيع النهائي بين ” دولة اسرائيل” و”دولة لبنان” . فانتهى الكيان المغتصب ، وانتهت قصة الترسيم البحري وتحديد البلوكات البحرية البترولية والغاز دون طلقة رصاصة واحدة . ونالت إسرائيل كل ما تريده. وها هي تستخرج الطاقة من بلوك كاريش ولبنان ما زال عالقا بين شركة توتال وتقاريرها وبين أن لا بترول ولا غاز في مياه لبنان ؟
لساعات معدودة حل هوكشتاين الأمس بين زعماء لبنان حاملا رسالة واحدة لعدة أطراف مختلفة ، ومضمون الرسالة هو لمصلحة إسرائيل بما يتعلق بتوسيع رقعة القرار ١٧٠١ وآلية تطبيقه العسكرية والأمنية وما قيل ويقال بمطالبة تراجع حزب الله والفصائل المسلحة إلى شمال الليطاني ، وما زلنا نتذكر تحذيرات العميد ريمون اده من أطماع إسرائيل بالجنوب ومياه الجنوب وخاصة مياه الوزاني منذ مشروع هرتزل لقيام لدولة إسرائيل .
هوكشتاين في بيروت بقفازات من حرير ، وديبلوماسية ناعمة ، وشروط واضحة ، واسابيع محددة للانخراط في مشروع وقف إطلاق النار بشكل نهائي وتطبيق القرار ١٧٠١ بكامل بنوده وربما مع زيادات لوجستية مستجدة لضمان أمن المستوطنات الإسرائيلية مع الحدود اللبنانية ، لأنه ليس بمقدور إسرائيل أن تعلن حربا مثل الحرب على غزة كل سنة أو سنتين .
اليوم هو اليوم المناسب لتحقيق أقصى المطالب بدعم اميريكي وبريطاني واوروبي وصمت عربي اسلامي في الشارع ولدى الحكّام لم يحدث مثله منذ الصراع العربي الإسرائيلي؟!
فهل يكون هوكشتاين قرأ جيدا فيما كتبه كيسنجر عن نفسه مفاوضا او ما كتبه الآخرون عنه في التفاوض ؟.
وفي الحالتين تبقى الأفضلية لمصلحة إسرائيل وشعب إسرائيل.