جورج كريم -الروابط.
رغم قدراتها العسكرية براً وبحراً وجواً لم تتمكن إسرائيل من حسم موضوع غزة عسكريا وفق ما كان مخططا ومقدرا له بحسب تقارير محايدة ومتخصصة بموازين القوى العسكرية للدول .
التخبط الإسرائيلي على الجبهة بدأ يلازمه تخبط سياسي بين الكتل والأحزاب السياسية داخل إسرائيل ، وظهرت تصنيفات من مثل ” الصقور” داخل الآلة الحربية وداخل الحكومة وكذلك داخل قيادة الجيش والمؤسسات الأمنية التابعة له .
ولا بد من إضافة التحولات السلبية التي تتوسع يوما بعد يوم تجاه إسرائيل في ما خص الرأي العام العالمي . أما الشارع العربي فتحصيل حاصل أنه ضد العدو التاريخي لشعوبه ، وهو إسرائيل .
وإذا كانت الأعمال العسكرية لإسرائيل منذ بدئها قد تمكنت من تقسيم غزة وتهجير سكانها بعمليات دموية مستمرة حيث هجرها أكثر من نصف سكانها ، فواضح أن اسرائيل باتت تلاقي صعوبات كثيرة في تحقيق ما يعرف في الحروب بالنصر العسكري.
من هنا ، بدأ رئيس الحكومة نتنياهو والفريق الضيّق الذي يخطط معه التفتيش عن حلبة جديدة للصراع يحقق فيها نصرا يرضي عنجهية الاسرائيليين ، فبدأ الكلام يتردد في اوساطه عن القيام بعملية كبيرة في رفح ورفع العلم الإسرائيلي على سواريها بعد تهجير سكانها الى سيناء وتشريدهم في خيم العراء الى ان تتدبر أمورهم مصر والأمم
المتحدة؟
ولكن ، يبدو أن هذا ” الحلم ” يحتاج إلى التأييد الأميركي الذي ما زال غامضا لعملية عسكرية واسعة النطاق تقتلع أكثر من مليون شخص من أرضهم بالإضافة الى رفض قاطع وصريح وعلني من مصر بعدم فتح أبوابها أو تقديم أراضيها لنازحين فلسطينيين جدد . والكلام عن خلافات بين الرئيس الأميريكي بايدن ونتنياهو لم يعد سرا أو طي الكواليس بل تناولتها الصحف العالمية ذات المصداقية في مصادر الأخبار .
بالاستناد لما اوردناه اختصارا أعلاه، عن الأزمة الميدانية والسياسية والحزبية التي يمر بها نتنياهو وعصبته العسكرية فقد لا يتأخر بالتحوّل في مغامراته نحو الشمال اي مع الحدود اللبنانية ، في عملية عسكرية مدمرة على نطاق واسع يقوم بها الطيران الحربي في صولات وجولات لا تلقى مقاومة فاعلة وناجحة من الجانب اللبناني .
لم يتوصل الموفدون بعد ، على رغم تعددهم وتنوعهم من الشرق والغرب إلى صيغة جامعة وضامنة لأي اتفاق لوقف اطلاق النار وتبادل الأسرى من جهة غزة ولا الى انتخاب رئيس الجمهورية من جهة لبنان . وكلما لاح أمل لا يلبث حتى يتبين بأنه نوع من السراب . ولم يعد خافيا أن بعض الموفدين يعرقلون كل اتفاق لا يتلاءم مع مصلحة بلادهم أو حلفائهم.
ولم يعد خافيا أيضا ، انكفاء بعض الدول الإسلامية عن دعم وتأييد غزة ، حتى باتت غزة تقاتل كما يقال “باللحم الحي” .
صحيح كما يقال في الكواليس الديبلوماسية أن العلاقات في تبادل الرسائل لم تنقطع بين اميريكا وطهران وهما لاعبان اساسيان في حرب غزة وأزمة الخليج العربي ، ولكن في حسابات ” النصر العسكري” عند نتنياهو وجماعته ، وفي أبعاد الحرب على غزة والصعوبات التي طرأت لتحقيق النصر المنتظر قد يصبح الجنوب اللبناني بديلا عن ضائع من رفح ؟ فهل ينعكس الأمر بمعكوس ” رفح” ليتحوّل الى “حفر” مقبرة جديدة للاسرائيليين ؟!
الأسابيع المقبلة قد تحمل أخبار الخيارات ؟ وقد يكون منها “الانقلاب” على الحرب وفرض التسويات والاتفاقات برعاية دولية واقليمية وضمانات .
ولكن البلد الصغير المتشتت في “الهوى” والمتشقق في الهُوية والتائه في “القرارات”سيخرج خاسرا في لعبة الأمم الى وصاية المستأثرين والمستفيدين والمستأسدين ؟!
تلك مصائر مؤلمة تمر على الشعوب بنهاية الحروب وقد يكون لنا منه بعض سيء المصير؟