هو مسلسل شيّق يقوم بتمثيله نخبة من الفنانين القديرين الذين نحب ونتابع بشغف.
ومع ذلك أسمح لنفسي بابداء بعض الملاحظات عليه ليس بقصد التجريح والإنتقاض منه بل بقصد النقد البناء والإهتمام بتوضيح بعض ما ورد فيه من مواقف وعبارات. وفي هذا المجال أورد ما يلي:
1- تكرارا “عبارة عادات وتقاليد” على لسان الممثل القدير والمحبوب عمَّار شلق (بدور سيف) يدفعني الى التساؤل : هل عاداتنا وتقاليدنا ، أيا يكن انتماؤنا الطائفي والمذهبي تبيح قتل الأخوات (وأحياناً الإخوة) ؟. أياً يكن السبب؟
2- الدين الإسلامي والقرآن الكريم لم يشرّع المعاملة العنيفة والتسلط الإستبدادي من الرجل على المرأة إلاَّ في بعض العشائر والعائلات البعيدة كل البعد عن العادات والتقاليد اللبنانية التي عُرفت بحب العِلم والإنفتاح على المعرفة. فمنذ عدة قرون كانت “مدرسة تحت السنديانة” تقوم قرب الكنائس والجوامع في أقصى أقاصي القرى اللبنانية. وقد أنتجت مفكرين وعلماء وأدباء وفنانين أكبر من طوائفهم ومجتمعاتهم الضيقة (جبران خليل جبران ، صليبا الدويهي، عمر فروخ وغيرهم)
3- تقول الممثلة ماغي بو غصن في اجابة عن سؤال حول بيئتها أنها ” من بلاد جبيل ” . كان الأجدر بها ( أتوجه هنا الى الكاتبة ندين جابر) أن تكون أكثر تعميماً في الجواب وأن تذكر على سبيل المثال لا الحصر، صعيد مصر، الريف الجزائري ، الريف المغربي والريف التونسي وبعض العائلات أو العشائر في الأرياف النائية من لبنان. علماً بأنها أصبحت تُقبل على التعلّم واستخدام وسائل الإتصال الحديثة والتكنولوجيا الأكثر تطورأً وأصبح هناك تنافس في النسبة الإحصائية للذكور المتعلمين والإناث بين منطقة وأخرى، بين بلدة وأخرى، بين جامعة وأخرى… متخطين الإنتماء الطائفي والمذهبي ومتبعين شعار ” لا فضل لمسيحيي على مسلم إلا بالتفوق العلمي والمعرفي.” وهذا ما أظهرت بعض شخصيات المسلسل (رباح – يونس- يسار- ملك وغيرهم…)
لكنهم أظهروا عجزاً فاضحاً وغير مقبول مقابل جهل وتسلط واستبداد الجهلة متزعمي العائلة “حلم”.
4- وأكثر ما أثار اشمئزازي الدور التربوي الفاسد الذي لعبه دكتور بلال فأذا هو: رئيس زمرة من المخبرين، يخطط للشر ويترك لحقده وفساده العنان ويستغل طيبة وثقة الآخرين به وبمركزه للمزيد من الأذى والإجرام غير آبه بمشاعر التعاطف والحنو التي لا أتركها في قلبه وعقله: هو يخطط ببرودة أعصاب فيقتل رهف على يد أخيها سيف ويخطف فرح تحت التهديد والضغط والإرهاب ويتسبب بموت والدة يسار. فهل هذا دور المربي في المدارس والجامعات اللبنانية؟
أخيراً! أختم بمحادثة حصلت في بداية ثورة 1975 : كانت إحدى صديقاتي في فندق في باريس تشاهد التلفاز … وأعلن المقدّم عن برنامج وثائقي عن لبنان. أصاغت السمع وانتظرت أن ترى مشاهد عن الآثار التاريخية والمعالم الجغرافية والإنجازات الحضارية والفنية والثقافية والفكرية في الوطن العزيز. ولكن جنّ جنونها حين رأت راعياً في أقصى الجرود وبضعة أولاد حفاة عراة يحوم عليهم البعوض والذباب فوقفت وصرخت بالحضور: هذا ليس لبنان… هذا من نسج بعض وسائل الإعلام المغرضة. ودارت عليهم تريهم بعض من صور لبنان الجميل الحديث ، فرجاءً لا تجعلوا هذه الحادثة تتكرر وأظهروا وجه لبنان كما نعرفه ونتمسك به الى أبد الآبدين ودهر الداهرين . آمين
يولند بيروتي
قرطبا في 8/4/2024