Skip to content Skip to footer

“كتابُ أبي”، تحيّةٌ منارة

أتساءلُ على غير عادتي: أما كان لأبي أن يقف مكاني يحدّثكم عن الكتاب “كتابُ أبي”؟ لو فعل، أسمعه يقول، كما ردّد لي دائمًا: “أقرأه هذا الكتاب يا عماد، كما لو كان بطلُه واحدًا غيري، وأحبّه!”

دعوني أعترف لكم، أنّي آخذ ما قاله أبي على محمل الشهادة، لِما كان قاسيًا في تقبّل مادّة قراءاته.

“كتابُ أبي” لم أدوّنه غداةَ ارتحاله. لكنّي اليوم أتلوه فعلَ المحبّةِ  في الاحتفاليّة هذه.

يوم صدر كتابي “البابا الذي أحببت”، قال لي رجلٌ في عمر والدي ومن أترابه:

– هيدا الكتاب عن بيّك أو عن بابا روما؟

– عن بابا روما، أجبت.

– أكيد، لأنّو شو عندو بيّك تكتب عنّو.

وكان “كتابُ أبي”، صدى إجابتي يومها:

“هيئتك ما بتعرف شي عن بيّي”.

ورفض أبي أن أُصدر الكتاب. “بتوزّعو عالأربعين” قال. أجبتُه: “لا، عالأربعين بعملّك غيرو”. وصدر الكتاب لمناسبة يوبيل زواج أبي وأمّي الذهبيّ، العام ٢٠١٥.

لكنْ عندما جاء “الأربعين”، وجدتُ أنّ ما يمكن إصدارُه، لن يكون في قيمة “كتابُ أبي”. ولأنّ “كتاب أبي” لم يأخذ حقّه أدبيًّا، رأى الأحبّةُ في “لقاء”، أن يكون هو موضوع أمسية “لقاء ٩٢”.

تعتبرُ الغالبيّة أنّي ب “كتابُ أبي”، أقمتُ فعلَ وفاء لأبي، وكرّمتُه. ولأجله أستحقّ الثناء. في اعتباري أنا، لكلّ ابنٍ وابنة، “كتابُ أبي” خاصّته، في فكره ومحبّته، وفي تاريخه المعيوش مع أبيه، خصوصًا متى ارتحل الأخير، وعاش الابنُ حالةَ الفقد. لكن في حالتي أنا، من دون ادّعاءٍ أنّ أبي مثالٌ، وهذا خبرتُه في عمق، سجلّ أبي مليءٌ إضاءاتٍ إنسانيّة ومهنيّة، كما مواقفُ يُتوقّفُ عندها، لأجل مروراتها في حياتي، أردتُ تدوينَها، ليكون الرجل أنموذجًا، قد لا يُحتذى، لكن جديرٌ أن يُعرف. لأنًي أؤمن كم أنّ كلّ امرئٍ حالةٌ إنسانيّة فريدة.

“كتابُ أبي”، التصدّرَ سلسلة “منارات”، يسجّل اسمَ أبي منارةً، تضيئني أوّلاً، ومن ينضمّ إلى اكتساباتٍ منه لا يخبو وهجها.

نحتفلُ به الليلةَ بمحبّة المنتدين اللكلّ واحدٍ منهم قصّتُه مع أبي.

في ارتحال أبي، لم ننعِ المطران.المطران ميشال عون، الأحبّ يونس من وقتِ عرفه، كان في جانبنا منذ اللحظات الأولى. اتّصل قال: “أنا معكم، حطّوني بالتفاصيل”.

الشيخ محمّد حيدر، الواقف على اهتمامٍ بمعرفة أبي منذ يعرفني. ويعرفه قلبًا وقيَمًا.

الشاعر جورج لطيف الأبدى رغبته الشاعريّة والنقابة في وداع أبي، لم يقف إلاّ فعلاً مُحبًّا ومواهبيًّا لأجله ولنا.

الدكتور ناجي، ناجي كما في بيتنا، إلى أنّه ابنُ عمّو إميل، إميل الحايك الأقرب إنسانًا والأشبه شخصيّةً بصديقه يونس، لم نلتقِ يومًا (ناجي وأنا) إلاّ كان أبوانا موضوع القسم الأوّل من لقائنا.

ميرڤت، إنْ أحدّثكم عنها، أقُلْ ما ردّدته على مسامعي تكرارًا: كان عمّو يونس يحبّ صوتي ويشجّعني. وكان من القلائل الذين يعبّرون.

وليد الحلّ منقذًا في توعّكِ آية الصحّي، لا يسعني إلاّ الانحناء لمحبّتكَ “لقاء” وجهوزيّتكَ الملبّية!

لا يسعني أيضًا وأيضًا إلاّ الانحناء أمام فيض قلب الأب الرئيس سيمون عبّود الذي لا يني يضع نفسه والأنطش في تصرّفنا… وهذا في أهل جبيلَ من طبيعته الحبيب!

الأحبّاء الحاضرين فينا قبل بيننا، أعرفتم أبي يونس شخصيًّا أو من خلالنا، كم أمتنّ لكم وأثمّن وجودَكم الليلةَ احتفاءً ب “كتابُ أبي”، التجدون فيه إن شاء الله ما فاتكم من معرفته، راجيًا أن تُبعدوا عنّي حكمًا مفادُه: “هلكنا، معجوق ببيّو”!

د.عماد يونس الفغالي

إشترك معنا في النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية في صفحتنا على
الويب للحصول على آخر الأخبار.