في لحظة مفصلية تشهد فيها المنطقة تحولات سياسية ودبلوماسية كبيرة، جاءت القمة العربية الإسلامية التي انعقدت في الرياض لتشكل محطة فارقة في مساعي وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان. لم تقتصر القمة على كونها مناسبة لتبادل الآراء بين القادة العرب والإسلاميين فحسب، بل مثّلت منصة قوية لدعم لبنان في محنته، وفتح آفاق جديدة للتعاون العربي والدولي في مواجهة الأزمة الراهنة. كانت القمة بمثابة تأكيد على التضامن العربي مع لبنان في مواجهة التحديات الكبرى التي يواجهها جرّاء التصعيد العسكري الإسرائيلي، وفي هذا السياق تميز لقاء رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بكونه علامة فارقة في مسار الدعم الدولي للبنان.
عقدت القمة العربية الإسلامية في الرياض في 10 نوفمبر 2024، لتكون بمثابة تحرك دبلوماسي عربي وإسلامي واسع النطاق بهدف تكثيف الجهود الرامية إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان. القمة لم تقتصر على مجرد كلمات التضامن، بل شهدت طرح حلول استراتيجية لدعم لبنان في مرحلة صعبة تهدد استقراره وأمنه على جميع الأصعدة.
ورغم تعقيدات الوضع اللبناني والصراع المستمر، فإن اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي كان أبرز ملامح القمة. اللقاء جاء ليؤكد التزام المملكة العربية السعودية الثابت تجاه لبنان ورعايتها المستمرة له في محنته، وهو ما شدد عليه رئيس الحكومة في كلمته أمام القمة.
دور السعودية ودعمها الثابت للبنان
حسب مصادر دبلوماسية مطلعة، كانت نتائج هذا اللقاء محورية، وستتبعها خطوات دبلوماسية دقيقة لتوسيع نطاق الدعم السعودي للبنان في محنته. الأوساط اللبنانية التي تابعت عن كثب أجواء اللقاء نقلت عن ميقاتي ارتياحه الكبير لمواقف ولي العهد السعودي الذي أكد دعم المملكة الكامل للبنان، وتعهد بالوقوف إلى جانب اللبنانيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر.
وفي هذا السياق، أشار ميقاتي إلى التقديرات الدولية التي تتحدث عن أضرار فادحة لحقت بالاقتصاد اللبناني، وتسببت في معاناة إنسانية كبيرة جراء الحرب المستمرة، حيث تقدر خسائر لبنان الإنسانية والمادية بحوالي 8.5 مليار دولار حسب تقديرات البنك الدولي.
وفي كلمته أمام القمة، وصف ميقاتي الوضع الراهن في لبنان بأنه “أزمة تاريخية مصيرية غير مسبوقة تهدد حاضره ومستقبله”، مشيرًا إلى أن لبنان يواجه تحديات تهدد وجوده بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي.
التزام القرار 1701
في سياق الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار، أكد ميقاتي في كلمته على أن الأساس هو وقف العدوان الإسرائيلي فورًا، وضرورة الإعلان عن وقف إطلاق النار. وأكد أن الحكومة اللبنانية متمسكة بالتزامها الثابت والراسخ بالقرار الدولي رقم 1701، بكل مندرجاته، بما في ذلك تعزيز انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، وتعاون الحكومة اللبنانية الوثيق مع القوات الدولية لحفظ السلام.
الميزة الأساسية لهذه النقطة تكمن في أهمية الالتزام التام والشامل بالقرار 1701، دون أي تعديل أو تغييرات. على الرغم من بعض التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن وجود مفاوضات لتعديل القرار 1701، أكدت المصادر اللبنانية أن لبنان لن يوافق على أي تعديل للقرار الدولي، وهو ما أبلغه المسؤولون اللبنانيون للمبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين خلال لقاءاتهم الأخيرة.
ما بعد قمّة الرياض
تتجه الأنظار إلى ما بعد قمة الرياض، حيث يترقب اللبنانيون نتائج اللقاءات الدبلوماسية والقرارات التي ستتخذ على الصعيدين العربي والدولي بشأن لبنان. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي يواجهها لبنان، فإن المواقف التي تم التأكيد عليها في قمة الرياض تعكس تضامنًا عربيًا ودوليًا مع لبنان في محنته، وتؤكد على ضرورة التزام المجتمع الدولي بتحقيق الأمن والاستقرار للبنان عبر تنفيذ القرارات الدولية المعتمدة، بما في ذلك القرار 1701، دون أي تعديل.