Skip to content Skip to footer

قراءةٌ في القرارِ الدَّوليِّ رقم 2722


أصدرَ مجلسُ الأمنِ الدَّوليِّ، الاسبوعَ الفائت، القرارَ رقم 2722 ، الذي أدانَ بأشدِّ العباراتِ، الهَجَماتِ التي يَشنُّها الحوثيُّونَ، على السُّفنِ التِّجاريَّة في البحر الأحمرِ، ومضيقِ بابِ المَندِب، وطالَبَ بأن يَكُفَّ الحوثيّونَ فورًا، عن جميعِ هذه الهَجَمات، التي تُعيقُ التِّجارةَ العالميَّةَ، وتُقَوِّضُ الحقوقَ والحريَّاتِ المِلاحيَّةَ كما والسِّلمَ والأمنَ الإقليميَّيْن.
المُلفِتُ، هُو عَدَمُ استعمالِ حقِّ النَّقضِ الفيتو، من قِبَلِ روسيا والصين لِمَنعِ صُدورِ هذا القرار، لا بل لَحَظنا مُمَاهاةً مع الإرادةِ الأميركيَّة!
والسؤال الذي يَطرحُ نفسه: لماذا هذه الإستكانةُ الى الرَّغبَةِ الغربيَّة؟
واضحٌ انَّ روسيا والصين، يَتَعاطيان مع مِلَفَّاتِ الشَّرقِ الأوسَطِ، من مُنطلَقِ مصالِحِهما الخاصَّة، وهما عادةً، يُتقِنانِ الدُّخولَ في حَفَلاتِ المُزايَداتِ الكلاميَّة، التي لا تُسمِنُ ولا تُغني، فيما يُحجِمانِ او يَفشلانِ في المُشاركةِ الإيجابيَّةِ الفعَّالةِ، على أرض الواقِعِ المأزومِ.
فروسيا، مُهتَمَةٌ جدًّا، باستمرار انسيابِ نفطِها ” المُهرَّب” عبرَ الهند، الى الاسواقِ الاوروبيَّة، عُبورًا بالبحرِ الاحمر. كما وأنَّها تُؤثِرُ الوصولَ الى تفاهماتٍ دوليَّةٍ بالإشتراكِ مع أميركا، بخُصوصِ نفوذِها في أوكرانيا او في تقاسُمِ المصالِحِ في سوريا، على دعمِ مَهرجانِ إطلاقِ الصَّواريخِ الحوثيَّة، عبرَ البحرِ الاحمر.
والصينُ، التي بدأ اقتصادُها يتراجَعُ في نُمُوِّهِ، ودَفْقُ صادراتِها مستمرٌّ بالإنخفاضِ، خاصَّةً الى الولايات المُتَّحِدة، إضافةً الى ازديادِ التَّوَتُّرِ حولَ تايوان، فتراها مُهتمةً، بإيجادِ حلولٍ تَتَّسِقُ مع مصالحِها الكُبرى، بالحوارِ مع واشنطن، أكثرَ بكثيرٍ من دَعمِ جماعَةٍ، تُعيقُ شَريانَ صادراتِها الى أوروبا وأميركا، عبر مضيقِ بابِ المندب.
سَبَقَ لدُوَلٍ كثيرةٍ وكبيرةٍ، أن قاوَمَت مِزَاجَ الزَّمن، لكنَّها وجَدَت نفسَها، في الَّلحظاتِ الحَرِجَةِ من التَّاريخ، وكأنَّها في عينِ العاصفةِ،
وهكذا يَحِسُّ المُراقبُ، أنَّ إيرانَ – الدولةَ الرَّاعيةَ للحوثيِّين- تُرِكَت وحيدَةً في هذه الجُزئيَّةِ من الحربِ، حيثُ لم تَشفَع لها، لا إتفاقيَّةٌ استراتجيَّةٌ مع الصِّين ولا صداقَةٌ مَصلَحيَّةٍ مع روسيا.
من جهةٍ اخرى، فإنَّ الغَربَ مُجتَمعًا، يَعتبرُ أنَّ تأمينَ خطوطِ الإمدادِ البحريَّة، تقعُ ضمنَ مسؤوليَّاتِهِ في الحفاظِ على أمنهِ القوميِّ، وذلك منذ حَوَالَيْ خمسَةِ قرونٍ. وكلُّ عملٍ عَدائيٍّ على خُطوطِ الإمدادِ هذه، يُجابهُهُ بقوَّةٍ وحزمٍ !
ليس انتصارًا، ذلك الاستعراضُ الدَّائمُ لإطلاقِ الصَّواريخِ، على طريقَةِ الرَّفيقِ كيم جونغ أون في كوريا الشَّماليَّة. فالشَّعبُ اليَمَنيُّ بحاجَةٍ ماسَّةٍ، الى النُّهوضِ بِمُرتَكزاتِ الحياةِ الاساسيَّةِ، وهي كلُّها شِبهُ مَفقودَةٍ.
اليمنُ، عسيرٌ في الجُغرافيا، وَوَعْرٌ في التاريخِ… فمن سيَبني يَمَنُ المُستقبَلِ، ليكونَ السَّعيدَ بِرَفاهيَّة أبنائه؟
حبَّذا لو تُدركُ الشُّعوبُ مصالِحَها، قبلَ الانزلاقِ الى مرحلةِ فَوَاتِ الأوان!

المهندس ساسين القصيفي

إشترك معنا في النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية في صفحتنا على
الويب للحصول على آخر الأخبار.