Skip to content Skip to footer

فارس سعيد – ما حذّر من أمر إلّا وأصاب – فارس لا يترجل

لا تفصيل في تحديد الموعد مع الدكتور فارس سعيد في قرطبا ” شرّفوا الساعة ٣٠ ٧ وأهلا وسهلا ” .
نصل ، “الداعي” صاحب دار الروابط للإعلام والصحافي انطوان صعب صاحب موقع جبيل تو داي .
الباب مفتوح ، وعلى هدير السيارة يخرج اليك أحد المرافقين محييا ، “والدكتور” عند الباب منتظرا
ومرحبا .
تلج البهو الواسع . تسلّم على الزوار الضيوف . يصطحبك الدكتور إلى الديوانية وانت تنظر بإعجاب الى مئات الصور العائلية التاريخية التي تتصدر حيطان الأجداد والآباء ، وتتجمّع عندك في لحظة واحدة عظمة تاريخ هذا البيت ، مخزون هذا البيت من الأمجاد ورسوخ العلاقات مع البيوتات السياسية اللبنانية من كل الطوائف والمذاهب والمشارب ، وكل أهل القرار والشهرة .
بيت يشهد على استمرار الزعامة والمرجعية ، وعلى الخدمة المجانية في الطب كما في الشأن العام لكل طالب خدمة ومساعدة.
من صور اللباس و اللحى والشوارب والعقال للشخصيات الجالسة سعيدا في بيت سعيد ، تسترجع مقام ومنزلة قامات الرجال وهامات الأبطال لحقبة من الزمن تمتد من إعلان لبنان الكبير الى يومنا هذا . وهي مستمرة دون انكفاء في احتضان الزعامة والمرجعية .
تبدأ الجلسة ورفيق الدرب الصحافي انطوان صعب مع الدكتور سعيد بالسؤال عن مصير الحرب في غزّة ؟ وكيف يدفع أبناء غزّة أرواحهم من أجل قضية قومية إسلامية مسيحية دون الوفاء بالعهود في الوقوف الى جانب القضية العربية المحورية ،،، قضية فلسطين والقدس ؟ .
ويأتي الجواب تفصيلا لهذه الحرب ، وأنّ الضربة الأولى الناجحة لقيادات غزة أصابت هيبة دولة إسرائيل في الصميم بعيون الدول والشعوب مما حدا بالولايات المتحدة الاميريكية الدفع بأساطيلها الحربية الى البحر المتوسط ، وتسخير الإعلام الغربي في نصرة إسرائيل واستعجال زيارات كبار رؤساء الدول الفاعلة الى الكيان الصهيوني دعما وتأييدا …
ويبدو اليوم ، وللأسف الشديد ، أن غزّة وأهلها قد تُركوا مِمَّن كان يُفترض بهم أن يكونوا من أوائل المساعدين بالسلاح والمال وحتى المقاتلين المحترفين ، وهذا لم يحصل ، حتى ان وكالات الانباء العالمية حملت اخبارا أن إيران لن تدخل حرب غزة ، وأنّ اميريكا ” فكّت” عنها تجميد العشرة مليارات من الدولارات . .
والعرب من جهتهم لهم حساباتهم الفردية ، فأصبح أهل غزة وحيدين في مواجهة دولة ظالمة توسعية على حساب أرض فلسطين ، وهذه النتيجة مؤسفة جدا . لأن الكل يحارب بأجساد الفلسطينيين والغزاويين لمآرب اقليمية ودولية لا علاقة لها بنصرة القضية الفلسطينية في الحرب الدائرة لأكثر من شهر ونصف .
وعن عدم دخول حزب الله في هذه الحرب قال :” هذا موقف جيد يراعي فيه رغبة جميع المكونات لهذا البلد التي عبّرت جهارا ومرارا بخطورة الدخول في حرب غزة وإسرائيل لأنها ستكون مدمرة ، وكذلك النصائح الكثيرة التي اسديت الى لبنان عن طريق موفدين دوليين بعدم الانزلاق الى هذه الحرب ، حتى إن “السيد” قال ، ان قيادة غزة أعلنت الحرب على إسرائيل دون معرفته أو إخباره ، وآخر الأخبار هو موقف ايران بعدم دخول الحرب الإسرائيلية الفلسطينية ، ولكن ذلك لم يمنع حزب الله اما بالمباشر أو بالواسطة أن يرد على الاعتداءات الإسرائيلية ضمن ما يسمّى ب ” قواعد الاشتباك”؟
وعن قطف ثمار تحييد لبنان وعدم زجه في الحرب المدمرة من قبل حزب الله لأن جميع المفاوضات لهذا التحييد كانت تتم مع” الحزب” بالواسطة إن لم يكن بالمباشر ، قال:
سيعمل حزب الله على استثمار هذا الموقف بأكثر ما يستطيع لقطف ثماره في السياسة والمكاسب في الداخل اللبناني وعنده حلفاء من كل الطوائف قد يقفون إلى جانبه في تحقيق ما يصبو اليه . ويستطرد ، على اللبنانيين التمسك باتفاق الطائف لأنه الضامن الوحيد للدولة والسلم الأهلي والوحدة الوطنية . والطائف حافظ على التوازن الوطني ، وعلى مكاسب ومناصب كثيرة للمسيحيين ، واي إخلال به كالدعوة الى الفدرلة المقنعة باللامركزية أو استقلال جبل لبنان عن بقية المناطق ومن ثم الدعوة الى مجلس تعاون بين المقاطعات اللبنانية.. وما شابه ذلك من طروحات عند بعض المفكرين او مِمّن خرجوا من صفوف ألأحزاب ، أو من فئويات طائفية مناطقية أو من جماعات يائسة من المشاركة الوطنية المتساوية مع الفريق الآخر …الخ إنما هو يقود بالنتيجة ، وخلال سنوات قليلة ، الى زوال لبنان الكيان والدولة ، والى سقوط فكرة لبنان الوطن للأقليات المضطهدة في هذا الشرق وينتهي الأمر الى هجرة واسعة وخاصة عند المسيحيين وينتهي لبنان بلد التنوع والرئيس الجمهورية المسيحي الوحيد في الشرق العربي .
وعن تقديره لموعد انتخابات رئيس الجمهورية قال : لا شيء جدي يؤشر في الوقت الراهن الى العجلة في اجراء هذه الانتخابات . لأن ما يجري في الأقليم يشبه ما حصل بعد الحرب العالمية الثانية من مؤتمرات ورسم الخرائط وتقاسم الحصص بين دول الحلفاء المنتصرة على دول المحور والممانعة … وعلى لبنان أن يعمل بهدي المثل :” عند تغيير الدول إحفظ راسك” ، فعلينا بالوحدة الفعلية والتماسك بجغرافية الوطن وسيادته واستقلاله.
وعن الحملة الحالية على البطريرك الماروني الراعي قال : منذ نشوء البطريركية وهناك دوما جهات وفئات لا يعجبها بحسب مصالحها مواقف البطريرك الماروني التي تنبع دوما وبشكل ثابت من مصلحة لبنان العليا وكل اللبنانيين ، فينتظرون البطريرك عند كلمة من تصريح أو بيان أو حتى تأبين للتهجم عليه على خلفية الموقف وليس الكلمة بحد ذاتها واذا كانت “جونية لا يهمها هدير البحر” فالبطريركية المارونية لا يهمها اي تهجم أو انتفاد مغرض ومدسوس . وعند اعتابها تتكسر أمواج التطاول والافتراءات من كل “الجهات” .
وبسؤاله ختاما ، عن الحالة في منطقة جبيل ، قال : ثروة جبيل الأساسية هي ، هذا التنوع من الطوائف والأحزاب والفئات الثقافية وهو مصدر تعايش وغنى للقيم الإنسانية على صعيد الفرد من جهة وعلى الصعيد العام لمنطقة جبيل في التفاعل الإنساني والانمائي والاجتماعي والثقافي وهذا ما تدعو اليه الأديان السماوية” والشرعات” البشرية .
صحيح أن قضاء جبيل يفتقر الى الكثير من الخدمات الانمائية والعمرانية والحياتية ولكنّ الوحدة والمشاركة في العيش والتفاهم بين أبنائها يبقى هو المطلوب والأهم . وطالب “الخماسية الإعلامية الجبيلية ” التي زارته في تاريخ ليس ببعيد ، “وفيها مؤهلات إعلامية كفوءة، وتعرف تاريخ بلاد جبيل والعيش بين العائلات والبلدات في المنطقة،” طالبها بأن تجعل من منطقة جبيل مثالا للتمسك بالحريات العامة ، والالتزام بالدستور واتفاق الطائف ، والعمل على ترسيخ العيش المشترك بين الاجيال الطالعة عن طريق التلاقي والمؤتمرات والحوارات وتبادل الآراء بحرية ووضوح حول مختلف المسائل التي تثير الشك في الأخوة والنظراء في الخلق .
وختم : أن لا بديل لحماية الناس في أعناقهم وأرزاقهم سوى الدولة ، والدولة فقط ، بدستورها وقوانينها وجيشها . وأكد التمسك باتفاق الطائف لأنه افضل صيغة نظام للبنانيين.
الدكتور فارس سعيد رئيس ” لقاء سيدة الجبل ” ، يشعرك وانت تحادثه أن ليس عنده أعداء في السياسة بل أخصام ، ولا يتناول خصمه بالشخصي اطلاقا ولا بصغائر أموره .
يتكلم معك بهدوء. لا يُستفز على قول أو تعبير أو اتهام ؟! فقط يبتسم ويجاوبك بسؤال .
سياسي مثقف وقارئ جيد لأحدث الإصدارات السياسية والفكرية قلما تجد مثله في الطبقة السياسية ولا الحزبية .
ما أخطأ يوما في رهاناته وخاصة الكبرى لأنه في الحكم عليها يخرج من ذاته الى ذات الوطن .

الروابط

إشترك معنا في النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية في صفحتنا على
الويب للحصول على آخر الأخبار.