جورج كريم
الناس يصرخون :” علّقوا المشانق ” . لَمْ يَعُدْ بامكان مجتمعنا تحمّل خسارة أبنائه من زهرات الشباب والصبايا .
لم يعد بإمكاننا تحمّل الجريمة المنتشرة على الأراضي اللبنانية بفعل الفلتان الأمني وبعض الحمايات من بعض الجهات ؟
لم يعد بإمكاننا تحمّل الخوف المستدام على أطفالنا حتى بتنا نخشى عليهم في المدارس والأندية الرياضية واللقاء ات في احتفالات المناسبات ؟
لم يعد بإمكاننا تصوّر بلدنا وقد انحدر إلى هذه المستويات من الجرائم البشعة المروعة بعد أن كان موئل سلام واطمئنان ” ونيّال مَن إلو مرقد عنزة بجبل لبنان “
لقد شهد لبنان في تاريخه عدة إعدامات كانت تفضي إلى استتباب الأمن بسبب الخوف من عقوبة الإعدام خصوصا في الجرائم الفردية .
آخر إعدامات حصلت في لبنان كانت في عهد الرئيس اميل لحود ، حيث شنق في باحة سجن رومية اللبناني أحمد منصور المحكوم في جريمة قتل ثمانية من زملائه وجرح خمسة آخرين حينما أطلق النار عليهم في مكاتب صندوق دعم أعضاء الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة ببيروت عام 2002.
والثاني بديع حمادة الملقب بأبي عبيدة أعدم رميا بالرصاص بعد إدانته بتهمة قتل ثلاثة عسكريين لبنانيين، كما يعتقد بوجود صلة له بجماعة عصبة الأنصار الإسلامية في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين. أما الثالث ريمي زعتر فقد أعدم رميا بالرصاص بتهمة قتل ثلاثة أشخاص أثناء سرقة مسلحة.
رغم الضغوط الدولية التي تصاعدت على لبنان وخاصة من الاتحاد الاوروبي لتخفيف حكم الإعدام على لسان الرئيسة الإيرلندية رئيسة “الاتحاد”
ورغم تنديد منظمة العفو الدولية بقرار إعدام اللبنانيين الثلاثة ودعوتها الرئيس لحود إلى تخفيف الحكم الصادر بحقهم و24 آخرين محكومين بنفس العقوبة في السجون اللبنانية. فقد أكد مصدر رسمي في حينه بإن هؤلاء الرجال ارتكبوا جرائم غير عادية هزت المجتمع اللبناني وبالتالي حكم عليهم بالإعدام.
يشار إلى أن عقوبة الإعدام لم تلغ مطلقا من القانون في لبنان، لكن تنفيذها كان نادرا وبلغ فقط ثلاث حالات خلال 35 عاما حتى عام 1994 إثر اعتماد قانون حرم القاضي من مراعاة أسباب تخفيف الأحكام فتم تنفيذ 14 إعداما خلال أربع سنوات.
وبموجب القانون اللبناني يصبح حكم الإعدام ساري المفعول بعد تصديق رئيس البلاد ورئيس مجلس الوزراء
من المسلّم به في عِلْم النفس “أن كافة الغرائز لدى الإنسان تخرج عن السيطرة، عند غياب تطبيق القانون وفقدان الدولة لهيبتها، وهو ما يحصل حاليا في لبنان، فيلجأ صاحب الأفكار الشريرة والنوايا الانتقامية حتى أحيانا المسالم والخلوق، إلى شريعة الغاب للانتقام ولو من أقرب أقربائه، دون تفكير بعقلانية أو ما هو معيب أو مخالف للقانون”.
لأن الانفلات الأمني يسمح للناس القيام بأي أمر ممنوع أو محرّم، فيرتكبون جرائم لتصفية حسابات وانتقام وأذى، لأنهم يعلمون أن ليس هناك قانون يردعهم، وهذه الأفعال تتزايد خلال الأزمات المالية والضائقة الاقتصادية، وهو ما يحصل حاليا في لبنان، خاصة على صعيد العائلات، وذلك بعد ثلاث سنوات ونصف من الأزمة النقدية وإفلاس الشركات وفقدان فرص العمل”.
بعد آخر إعدام عهد الرئيس لحود تكاثرت الجريمة في لبنان وتناسلت على أيدي المجرمين الذين قاموا بجريمة القتل على أصدقاء وأهل وزملاء وشارك فيها أحيانا زوج ، زوجة ،أشقاء وأقارب سواء بدافع السرقة أو العشق ، أو الانتقام أو التخلّص من مديونية وكلها كانت تستهون وتستبيح القتل بسبب فقدان هيبة الحكم والقانون الرادع ن لمثل هذه الأفعال المروعة .
علّقوا المشانق قبل فوات الأوان .
إفرضوا هيبة السلطة قبل الانقضاض عليها .
أعطوا الاطمئنان للناس والثقة في النفوس ، وهذه من أبسط واجبات الدولة والقيّمين على السلطة والأحكام .
المواطنون كفروا بكل شيء في هذه الدولة ؟ وقد سلبت أموالهم ارزاقهم فحافِظوا على أرواحِهم أعناقِهم .
علّقوا المشانق قبل فوات الأوان لأن كل شيء ينبئ بالأسوا من الفقر والفلتان …