Skip to content Skip to footer

خذلان الإيمان بين الهزة الأرضية وحقيقة ما يحدث في جنوب لبنان


بقلم جو كريم

  1. قسوة الخذلان في أوقات الشدة

الخذلان هو أن تعرف الناس عند الضرورة والحاجة، ولكنهم لا يظهرون إلا في الأوقات التي يكون فيها النفع محدودًا. عندما تأتي الهزة الأرضية، نجد الجميع يسارعون إلى الله بالدعاء والذكر، وهذا أمر طبيعي للإنسان في لحظات الخوف. لكن المؤسف هو أن نفس هؤلاء الناس يغفلون عن إخوةٍ لهم في جنوب لبنان، وهم جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، يعيشون تحت وطأة القصف الإسرائيلي والصراعات يوميًا، دون أن يحركوا ساكنًا لمساعدتهم.

قال الله تعالى في كتابه الكريم: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ” (سورة الحجرات، آية 10). هذه الآية تذكرنا بأن الإيمان يربط المؤمنين ببعضهم كأخوة، ويجب علينا أن نكون عونًا لبعضنا في أوقات الشدة والضيق.

  1. الظلم المستمر واللامبالاة

في جنوب لبنان، نرى أناسًا يعيشون حياةً مليئة بالخوف والدمار، وهم يتعرضون لأشد أنواع العذاب والظلم بسبب القصف الإسرائيلي المستمر. الأرض هناك تهتز، ليس بالمعنى الحرفي للزلازل، بل بقصفٍ متواصل يُدمر بيوتهم ويهدد أرواحهم. ومع ذلك نكتفي بالمشاهدة، دون أن يدفعنا هذا الألم للتفكير فيهم أو للتحرك لدعمهم أو حتى الدعاء لهم بصدق.

  1. غياب العمل الإنساني

الدعاء هو الوسيلة الأقوى للمؤمن، ولكن ماذا عن العمل؟ أين التضامن العملي الذي يعبر عن فعالية هذا الدعاء؟ ندعي الإيمان والتقوى، لكن الإيمان بلا عمل ليس له قيمة. في جنوب لبنان، الذي هو من لبنان، الحاجة إلى العمل تتجاوز الحدود. الخذلان هنا يتجلى في عدم تقديم الدعم المادي أو المعنوي لمن يحتاجونه في هذه الأوقات العصيبة، بالرغم من أننا قادرون على ذلك.

وكما ورد في الإنجيل المقدس: “لأنّه كما أنّ الجسد بدون روح ميت هكذا الإيمان أيضاً بدون أعمال ميت” (يعقوب 2: 26). هذه الآية تذكّرنا بأن الإيمان الحقيقي يحتاج إلى أن يظهر من خلال أعمالنا، وليس فقط من خلال الدعاء أو القول.

  1. النفاق في الإيمان

الإيمان الحقيقي يظهر في المواقف الصعبة. إذا كنا نؤمن بالله حقًا، فلماذا نتردد في مساعدة الآخرين في أوقات حاجتهم؟ إيماننا يجب أن يدفعنا للعمل، وليس فقط للدعاء. فالله يحب أن يرى في عباده التضامن والتكافل، وليس النفاق الذي يظهر في أوقات معينة فقط. جنوب لبنان هو امتحان حقيقي لهذا الإيمان، حيث يُختبر صدق الإنسان في التضامن مع إخوته تحت القصف.

الختام: دعوة للتغيير

حان الوقت لنراجع أنفسنا ونتخذ موقفًا جادًا. لا يكفي أن نعرف الله عند الحاجة فقط، بل يجب أن نكون يد العون لأخوتنا المحتاجين دائمًا. لنعمل بما يعكس إيماننا الحقيقي، ولنكن جزءًا من الحل وليس جزءًا من المشكلة. التضامن والعمل المشترك هما السبيل لرفع المعاناة عن إخوتنا في جنوب لبنان، فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. لنكن صادقين في إيماننا، ولنحول هذا الإيمان إلى أفعال ملموسة تعكس محبتنا لله ولإخوتنا في الإنسانية.

إشترك معنا في النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية في صفحتنا على
الويب للحصول على آخر الأخبار.