في سِرِّ قَلْبي تَسْكُنُ الْحَسَراتُ وَدَمًا تَسيلُ بِمُقْلَتي العَبَراتُ
هِيَ أسْطُري تُبْكي الْحُروفَ بِلَوْعَةٍ وَتَذوبُ حُزْنًا في فَمي الْكَلِماتُ
لا الشِّعْرُ أسْعَفَني لِأرثي شاعِرًا كَلّا وَلا الْفُصْحى وَلا الْأبْياتُ
فَرَكِبْتُ بَحْرَ مَشاعِرٍ مَجْروحَةٍ بِسَفينِ أحْزاني وَلا مِرْساةُ
وَيَلوحُ طَيْفٌ باسِمٌ وَمُنَوِّرٌ وَلِنورِهِ تَتَرَنَّحُ النَّدَواتُ
فَأُكَحِّلُ الْجَفْنَ الْقَريحَ بِنَظْرَةٍ لِتَزولَ عَنّي تِلْكُمُ السَّكَراتُ
تِبْكبكَ طُلّابُ الْقَوافي مُبْدِعًا وَالْفِقْهُ وَالْمِحْرابُ وَالْحَركاتُ(1)
تَبْكيكَ رُوّادُ الْبُيوتاتِ التي أسَّسْتَها وَالْعودُ والنَّغَماتُ
تَبْكيكَ يا طَرَبَيُّ كُلُّ مَنابِري وَإلى الْقُلوبِ تَغورُ مِنْكَ عِظاتُ
بِتْنا عُطاشَ السَّمْعِ نَرْتَشِفُ الْأسى هَلْ بَعْدَ مَوْتِكَ كَوْثَرٌ وَفُراتُ؟
بِتْنا يَتامى الشِّعْرِ بَعْدَكَ سَيِّدي فَالشِّعرُ دونَ الشّاعِرينَ(2) شَتاتُ
تَمْشي بِكُلِّ رَزانَةٍ وَرَوِيَّةٍ وَبِكَ ارْتَقَتْ فَوْقَ السُّهى راياتُ
كَمْ في فُؤادِكَ يا صَديقي رِقَّةٌ لكنْ عَلى الْحَقِّ الْمُبينِ ثَباتُ
لَمْ تَخْشَ إلّا اللهَ جَلَّ جَلالُهُ كَمْ باتَ فيكَ مِنَ الْعِظامِ صِفاتُ
وَلَقَدْ دُفِنْتَ بِبُقْعَةِ مَيْمونَةٍ وَلْهى بِحُبِّكَ فَاللِّقا الْجَنّاتُ
ما ماتَ مَنْ غَرَسَ الْحُروفَ بِرَوْضِهِ وَسَقَتْ زُهورَ رِياضِهِ الْقَطَراتُ
ما ماتَ مَنْ في الشِّعْرِ كانَ مُحَلِّقًا فَلَهُ على مَرِّ الدُّهورِ حَياةُ
إنْ غابَ عَنْ نَظَرٍ سَيَبْقى حاضِرًا وَجْهًا تَزيدُ بِحُسْنِهِ السَّنَواتُ
1- ألحركات الثقافِية
2- ألذينَ يَشعرون
رثاء في ذكرى الأربعين للصديق الشاعر الدكتور جورج طربيه
جان سمراني