Skip to content Skip to footer

بالإذن من الحرية.. ما جمعه “عمرو دياب” لم يجمعه لبنان

مارتن حبشي

بالإذن أيتها الحرية.. عذراً من أربابك وروّادك، اسمحي لي اليوم أن أتكلم “بلا كفوف” كما تقال بالعامّية، وبدون حصانات اجتماعية، إذ أنني أنظر إلى صيف لبنان الحافل، إلى صيف 2024 المتألّق بالحفلات المنتشرة في كل شوارع العاصمة. غير أن الصيف شاء أن يتوجه إلى الفئة “المخملية” مبعثراً بين أيامه الحارة “الطبقة العاملة” المنتظرة للفواتير المكدّسة بالطوابير نهاية كل شهر.

يمكن أن ننعت الواقع بـ”الليبرالية” كما هو نظامنا الاقتصادي، ويمكن أن يحمل من المناقشات سجالاً مطوّلاً حول “الحق المقنع” والديمقراطية الغشاشة.

إنما الأبرز، ما ظهر في بيروت ليلة السبت الماضي، فوجه لبنان السياحي ظهر بأبهى حلله، وتكدّست الحشود في الـ”Forum De  Beyrouth” خلال حفل غنائي لـ”عمرو دياب” والذي كانت أسعار بطاقاته جنونية إذ تبدأ ما بين الـ60 والـ90 دولاراً أميركياً لوضعية “الوقوف” وصولاً إلى 210 دولارات أميركية للدائرة الذهبية، أما المضحك فعلاً فتجلّى بأسعار البطاقات من أدناها إلى أقصاها وهي تفوق “الحد الأدنى للأجور”.

إنما دعونا من تفاوت “الأرقام” والواقع الذي يصعب فهمه، فبالحقيقة يشهد أن ما جمعه دياب لم تجمعه آلام لبنان، فنحن لا نتكلم الآن عن سويسرا الشرق بما لها من بنى تحتية وأمان مالي، مصرفي، اجتماعي، أمني.

نحن لا نقف عند صورة لبنان للخارج، بل نقف عند واقعنا الإنساني ـ الاجتماعي، عند تعابير ترافق “صبحيات” الأحياء وآلام المواطنين التي كدست أكفّهم من الفواتير والضرائب. نحن نتكلم عن الوجه الآخر لبيروت، عن أكواخ “الأترنيت” والشوارع التي حجبت “كابلات الكهرباء المسروقة” نور الشمس عنها، وليت هناك كهرباء. نحن نتكلم عن بلد بلا رئاسة، بلا “أمن وأمان”، عن جنوب يدفع دماً ذنب قرارٍ من “اللا دولة”، عن مستشفيات لا تتعاطى إلا بالأرقام، وكهرباء أشبه بالعدم، عن مستويات فقرٍ مرتفعة جداً، وعن طرق تفتقر حتى لزفت الطرق.

كل هذه التسميات كفيلة بأن تشعل “الثورات التغييرية”، فتاريخ الدول يشهد، السوفيات سقطوا حين جاع الشعب، ابتدأت جمهورية فرنسا عندما قرر الإنسان أن يصون حقه، أما الهند فانتصرت حين إختارت ثقافة السلام والعدالة..

كل كلمة وكل وجع شهده هذا الوطن، كفيلٌ بأن يشعل دم “الأحرار” من تحت الرماد. غير أن كل هذه الأوجاع، لم تجمع الشعب في تلك الساحات كما اجتمع السبت الماضي على أنغام “عمرو دياب”ـ فلعلّ هذا الأخير يقود الثورة فنبصر نور الحياة في هذه البلاد

مرجح أن يشعر القارئ أننا نواجه ثقافة “الحياة”، أما بالحقيقة فالحياة دعت الحبر ليرافع عنها، ليس لنشوّه مظاهر بنظر البعض هي مثلى وهذا حق، إنما لنقول إننا ما دمنا نؤمن بالحياة فكيف نقبل أن يموت الوطن؟ ألا تبدأ الحياة من رئة الوطن؟

ثقافة الحياة إذا كانت حقاً فهي حق للجميع، وهي تبدأ من نشوة القهوة تحت العرائش في جبال لبنان، إلى فرح السهر في شوارع العاصمة، إلى موائد السلام في كل منازلنا.

لعلّنا نقف للحظة، نستأذن الحرية التي أنهكت من أفكار البشر، نلتفت إلى وطن يلفظ أنفاسه، فإن أراد الشعب يوماً الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.

إشترك معنا في النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية في صفحتنا على
الويب للحصول على آخر الأخبار.