Skip to content Skip to footer

العباراتُ السَّبع للمسيحِ المُعَلَّقِ على الصَّليبِ،

المهندس ساسين القصيفي
كان المسيحُ، له كلُّ المجد، صامتًا، أثناءَ مُحاكمَاتِهِ السِّتّ المُتتاليةِ، ليلَةَ القبضِ عليه، بين مَجْمَعِ السَّنْهَدريم اليَهوديِّ وَالوَالي الرُّوماني بيلاطُس البُنطي، ولم يُدافعَ عن نفسِه الإنسانيّة، أمامَ الإستهزاءِ والعَذابِ والجَلدِ والصَّلبِ… ولم يتكلّم إلإّ عندما تعلٌّقَ الأمرُ بِلاهوتِهِ. وهكذا عندما سألَهُ رئيسُ الكهنَةِ قيافا وقال له: ” استحلفُكَ بالله الحيِّ أنْ تقولَ لنا هل أنتَ المسيحُ ابنُ الله؟ قالَ لهُ يسوع، أنت قلتَ، وأيضًا أقولُ لكُم، مِنَ الآنَ، تُبصِرون ابنَ الإنسانِ، جالِسًا، عن يَمين القُوَّةِ، وآتيًا على سَحَابِ السَّماء “. وكذلك عندما سألَهُ بيلاطس: مِنْ أينَ أنتَ؟ فما أجابَهُ يَسوعُ بِشيءٍ. فقالَ لَه بِيلاطُس: «أَلا تُكَلِّمُني؟ أَفَلَستَ تَعلَمُ أَنَّ لي سُلْطانًا على أَن أُخلِيَ سبيلَكَ، وسُلطانًا على أَن أَصلِبَكَ؟» أَجابَهُ يسوع: «لو لم تُعطَ السُّلطانَ مِن عَلُ، لَما كانَ لَكَ علَيَّ مِن سُلْطان، ولِذٰلِكَ فالَّذي أَسلَمَني إِلَيكَ علَيه خَطيئَةٌ كبيرة.
وهو على الصَّليبِ مُعَلَّقًا، كانت له سَبْعُ عِبَاراتٍ، أظهَرَت حقيقةَ لاهوتِهِ وناسوتِه،
فقال أولّاً، ” أغفر لهم يا أبتاه، لأنَّهم لا يدرون ماذا يفعلون “، وهو الذي جاءَ بإرادتهِ الى الصَّليبِ، ليُقدِّمَ نفسَهُ ذبيحَةَ حبٍّ وطاعةٍ، رافعًا رايةَ الحبَّ الإلهيَّ: لأنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يو 3: 16).
ثمَّ التفَتَ الى لِصِّ اليمين، الذي تضرَّعَ اليهِ بأن يذكُرَهُ متى جاء في ملكوتِه، فقالَ له: ” اليومَ تكونُ معي في الفردوس “، ظاهرًا قوّةَ لاهوتِهِ، ومَجدَ غفرانِهِ، ويَقينيّة خلاصِهِ لكلِّ مؤمنٍ به.
وفي الثالثةِ، نظرَ الى أُمِّه المَكْلومَةِ مريم العذراء، والى جانبِها تلميذهُ يوحنا الحبيب، فقَالَ لأُمِّهِ: « يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ » ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ».( يوحنا 27:19) وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ، في لفتةٍ انسانيّةٍ لحظةَ الفراقِ الجَسَدي.
ثمَّ قالَ: ” إلهي إلهي لماذا تركتني “، وهو بدايةُ مزمورِ 22، المعروفِ بمَزمور الصَّلْبِ. وبذلك اراد أن يُذَكِّر كهنَةَ اليهود، هُمُ الحافظونَ جيّدًا لأسفارِ الأنبياءِ، والمُنتظرينَ مجيء المسيحِ المُخلِّصِ، مُشتَهى الأجيالِ، بأنّ أحداثَ وايآتِ هذا المزمورِ، تتحَقَّقُ فيه الآن، وهو على الصليب !
وفي الخامسة، قالَ، ” انا عطشانٌ “، وهو أرادَ أن يُتَمِّمَ ما كُتِبَ فيهِ بالنبوءآت، وخاصَّةً في مزمورِ الصلبِ مزمور22: ” ولَصِقَ لساني بِحَنَكي “.
وبعدها قالَ ” قد أُكمِلُ “، في إشارةٍ واضحةٍ الى أنَّ عَمَلَهُ الخلاصيُّ لم ينتَهِ بعد. فَمَع أنَّ عَمَلهَ الفدائيَّ اكتَمَلَ على الصَّليبِ، فما زالت هناك القيامَةَ والانتصارَ على الموت، والخلاصِ للجنس البشريِّ.
وفي سابِعِ وآخرِ عباراتِهِ على الصَّليبِ، صَرَخَ المسيحُ بصوتٍ عظيمٍ قائلاً: ” يا أبتاه في يديك أستودِعُ روحي “، قالها بقوَّةٍ وثِقةٍ، لأنه هو القائلُ عن روحِهِ الانسانيّة: « لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً«
وهنا تجلَّى لاهوتُهُ فاعلًا بِناسوتِهِ: فكان المسيحُ، في هذه اللحظةُ، الفاعلَ والمفعولَ بِهِ في نفسِ الوقت.
ليعودَ، بالقيامة المُمَجّدَةِ، في اليومِ الثالث، لِيَلتقيَ بعدها المَرْيَماتِ، اللواتي رافَقنَهُ الى الصَّليبِ، ثمَّ يكشفُ نفسَهُ لتلاميذهِ، ولِكَثيرٍ من الجُموعِ، في اورشليم واليهوديّة والسَّامرة، لفترةِ أربعينَ يومًا، أظهر فيها لاهوتَهُ المُمَجّد، وأوصى تلاميذَهُ المَأمُوريَّةَ العُظمى: إِذْهَبُوا إِلى العَالَمِ كُلِّهِ، وَٱكْرِزُوا بِٱلإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّها.
« فَمَنْ آمَنَ وَٱعْتَمَدَ يَخْلُص، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ فَسَوْفَ يُدَان » وصَعِدَ بعدَها الى السَّماءِ.
وما زالَ المُؤمنونَ باسمِهِ، ينتظرونَ مجيئَهُ الخَلاصيِّ الثَّاني، حسبَ وصيَّتِهِ لنا!
28-03-2024

إشترك معنا في النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية في صفحتنا على
الويب للحصول على آخر الأخبار.