Skip to content Skip to footer

الطبال والراقصة

بقلم: جو كريم

في زمن الفوضى والانحلال، يبرز تحالف غريب بين الطبال والراقصة، حيث يزداد حماسة الأول كلما تعرت الثانية أكثر. هذا التحالف ليس مجرد عرض سطحي، بل يعكس حقيقة أعمق عن التواطؤ بين من يستغلون الفوضى لتحقيق مكاسب شخصية. الطبال يدرك تمامًا أن صوته قد يضيع في خضم الضجيج، لكنه يواصل التطبيل دون اكتراث، مدفوعًا برغبة في البقاء تحت الأضواء مهما كان الثمن.

أما في لبنان، فالطبال لم يعد شخصية هامشية، بل أصبح عنصرًا مركزيًا في المشهد السياسي والاجتماعي. الطبقات السياسية في لبنان، تمامًا كالطبال، تواصل التطبيل لمصالحها الخاصة رغم أن البلاد تتعرى من كل مقومات الحياة الكريمة. الفوضى، التي كانت في الماضي حالة عابرة، أصبحت الآن القاعدة. وتحت هذا الغطاء من الفوضى، تتنازع الطبقات السياسية لتحقيق مصالحها، فيما يزداد الشعب فقرًا ومعاناة.

الطبالون في لبنان ليسوا فقط سياسيين، بل يتجسدون في كل من يحاول استغلال الأزمة لأهدافه الخاصة. من الإعلاميين الذين يزينون الواقع ويشوهون الحقائق، إلى رجال الأعمال الذين يستفيدون من الانهيار الاقتصادي لزيادة ثرواتهم. وفي ظل هذا المشهد، يبدو أن الشعب قد أصبح مجرد جمهور في عرض طويل من الانهيار، لا يتوقف فيه الطبالون عن التطبيل، ولا تتوقف الرقاصة عن التعرّي.

الفارق الوحيد هنا، هو أن الطبال في لبنان يرتدي قناع الوطنية والمصلحة العامة، بينما في الحقيقة يتمايل مع أي لحن يضمن له البقاء. والجمهور، أي الشعب، يجد نفسه ضائعًا بين وعود كاذبة وأزمات متلاحقة، من دون أي أفق للخلاص.

ختامًا، يتساءل البعض: متى سيتوقف هذا العرض؟ لكن الحقيقة المرة هي أن العرض قد يستمر طالما أن الطبالون يجدون من يصفق لهم. لبنان، كما يبدو اليوم، ليس سوى ساحة واسعة للطبالين، بينما يبقى الشعب في انتظار نغمة أخيرة تضع حدًا لهذا الكابوس المستمر.ج

إشترك معنا في النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية في صفحتنا على
الويب للحصول على آخر الأخبار.