Skip to content Skip to footer

الأديب مارون عبود وكتاب البلد الشاكي

بَعْدَ أنْ أبصر النّور، في ثلاثينيّات القرن الماضي، كتاب الْبَلَد الشّاكي لِمُؤلِّفه بطرس السمراني والد جان سمراني، وبعد أن قَرَأَه الأديب الْكبير مارون عبّود التي كانَتْ تَرْبُطُهُ بِالشّاعر صَداقَة مَتينَة عَميقَة، بَعَثَ لهُ بِرِسالَةٍ مُعَبِّرَةٍ، ننشرها، وللمرة الأولى، على موقع الروابط، لما فيها من صدق وبلاغة في التعبير. تقول الرسالة:

    صَديقي وَأخي بطرس، بارَكَ الله فيك وَأخذَ بِيَدِكَ.

    أشْكُرُكَ جَزيلَ الشُّكْرِ عَلى رِسالَتِكَ الْكَريمَة، أَلْمُزْدانَةِ بِالأدَبِ الرَّفيعِ، وَالْمُعَطَّرَةِ بِرائِحَةِ الأرْزِ والصَّعْتَرْ واللَّزّاب. 

    أَمّا بَعد، فَقَدْ قَرَأْتُ (بَلَدَكَ الشّاكي) مِنْ لَحْظَةِ اسْتِلامي إيّاه، بِشَهِيَّةٍ وَنَهَم، حَرْفًا حَرْفًا، كَلِمَةً كَلِمَة، فَإِذا بِهِ تُحفةً أَدَبيَّةً فِكْرِيَّةً. فَلَمْ أَتَفاجَأْ، وَلا رَفَّ لِي جَفْنٌ، لِما يَحْويهِ مِن مِصْداقِيَّةٍ في الْوَصْفِ، وَنَضارَةٍ في التَّعْبيرِ، وَحِسٍّ أَدَبِيٍّ مُرْهَفٍ وَعَميق، حَصيلَتُهُ وَنِتاجُهُ خَيْرُ دَليلٍ عَلى آدَمِيَّةِ وَأَخْلاقِيَّة صاحِبْ هذا النِّتاج.

    لَقَدْ سَلَّطْتَ الضَّوْءَ في كِتابِكَ عَلى ما آلَت إلِيه بِلادُنا، وَرَكَّزْتَ عَلى مُقاطَعَة جبيل الْمُهْمَلَة، الْمَنْسِيّة مِن قِبَلِ دَوْلَتِنا الْعَلِيَّة. فَقَد بُحَّتْ حَناجِرُنا، وَتَصَحَّرَتْ أقْلامُنا، وَلا حَياةَ لِمَنْ تُنادي. وَعَلى أَمَل أَن يَلْقى كِتابُكَ آذانًا صاغِيَة، وَأفْعالاً تُتَرجَمُ عَلى الأرض، أَقولُ لَكَ بِكُلِّ صِدْقٍ وَتَجَرُّدٍ، وَمِنْ صَميمِ فُؤادي: النّاسُ في كُلِّ مَكانٍ تَتَنَفَّسُ بِرِئَةٍ واحِدَةٍ، أَمّا أَنْتَ فَتَتَنَفَّسُ بِرِئَتَيْن. بورِكَ غِلالُكَ، وَمُبارَكَةٌ هِيَ شَفْرَةُ يَراعِكَ، وَأرْجو لَكَ الإسْتِمْرارِيَّةَ الْمُوَفَّقَة، والْعَطاءات الْكثيرة إن شاءَ الله. وَلا يُغْريكَ صَوْتُ الدَّراهم ـ كَما أنْتَ عَلَيه. لِئَلاّ يُقالُ عَنْكَ ما قالَهُ الْمَعَرّي: “فَما أَعْجَبُ إِلّا مِنْ راغِبٍ في ازْدِيادِ”. وَفي الْخِتامِ، تَقَبَّل مِنّي خالِصَ تَحِيّاتي، وَعَميقَ وُدّي، وَشُكْري وَتَقْديري، وَإلى الأمام”.

مارون عبود

عين كفاع في ٥ نوّار ١٩٣٠

إشترك معنا في النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية في صفحتنا على
الويب للحصول على آخر الأخبار.