Skip to content Skip to footer

أمل جديد وسط الأزمة: جهود الجمعيات الإنسانية لدعم النازحين في قضاء جبيل.

بيترا غانم

في وسط الأزمات المتلاحقة التي يمر بها لبنان، يتزايد عدد النازحين القادمين إلى قضاء جبيل، خاصة من المناطق الجنوبية وضاحية بيروت. هؤلاء النازحون، الذين تركوا منازلهم بحثًا عن الأمان والاستقرار، يواجهون تحديات قاسية في تأمين احتياجاتهم الأساسية.
في هذه الظروف الحرجة، تبرز الجمعيات الإنسانية والخيرية كمنارة للأمل، حيث تساهم بشكل فعال في تقديم الدعم والمساعدة.
من توفير الغذاء والرعاية الصحية إلى الدعم النفسي. تعكس جهود هذه الجمعيات روح التضامن والإنسانية التي تسود في المجتمع المحلي، مما يساهم في تخفيف معاناة النازحين ويؤكد على أهمية العمل الجَماعي في مواجهة الصعوبات.

توزيع الحصص الغذائية.
تُعتبر عملية توزيع الحصص الغذائية من أبرز الأنشطة التي تقوم بها الجمعيات الإنسانية والخيرية في قضاء جبيل، حيث تؤدي دورًا حيويًا في تلبية احتياجات الأسر النازحة. من بين الجمعيات الناشطة في هذا المجال، تبرز جمعية
LSR(lebanese Social Responsibility) ومبادرة “أهلنا”، بالإضافة إلى العديد من الجمعيات الأخرى التي تعمل بلا كلل لتوفير المواد الغذائية الأساسية، مما يضمن للأسر الحد الأدنى من متطلبات الحياة اليومية. هذه الجهود المشتركة تساهم في تخفيف معاناة النازحين في هذه الظروف الصعبة.
وقد انطلقت مبادرة جمعية ” لأنهم منا وفينا ” برئاسة سينتيا الحايك ، وهي الرئيسة السابقة للجنة المركزية لأخويات شبيبة العذراء في لبنان. لتشارك عددا من الأخويات في إقليم جبيل ومنظمات رسولية في دعم عائلات النازحين في سبع بلدات من الوسط في قضاء جبيل. من أبرز ما تم إنشاؤه هو المطبخ الميداني الذي يهدف إلى تأمين الوجبات الغذائية للعائلات المقيمة في المنطقة.
يتميز هذا المطبخ الميداني بمنح العائلات النازحة حرية اختيار الوجبات التي تفضل تناولها، مما يعكس احترام خصوصياتها الغذائية واحتياجاتها المختلفة. هذا النهج يهدف إلى تعزيز شعور الأسر بالكرامة والاحترام، خاصةً في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.
أما جمعية LSR فتركز جهودها على توفير الحصص الغذائية بكل انواعها ، مما يسهم في تخفيف العبء المعيشي عنها.
بعد الحديث مع إيلي زيدان المدير التنفيذي لجمعيةLSR ، أوضح أن لديهم مطبخًا مجتمعيًا داخل الجمعية يُحضِّر وجبات ساخنة لحوالي 3500 نازح.
وقال زيدان: ” تستلم الجمعية إدارة تأمين غذائي لـ41 مركز إيواء في منطقة جبيل و يتم توزيع أكثر من 7000 وجبة يوميًا، تتضمن إفطارًا وغداء وعشاء في بعض المدارس، بينما يتم توزيع وجبة الغداء فقط على المدارس الأخرى. كما نوزع في الأسبوع 4 مرات وجبات تتضمن دجاجًا أو لحمًا، و3 مرات أطباق مأكولات “قاطعة.”
وختم قائلًا: “يُشغّل مطبخ الجمعية 45 سيدة من قضاء جبيل، ويُحضِّرن الأطباق وفقًا لمعايير النظافة .”

معالجة المرضى وتأمين الأدوية اللازمة.
تُعاني الأسر النازحة في قضاء جبيل من نقص حاد في الرعاية الصحية، مما يضاعف معاناتهم في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها. ولتلبية هذه الاحتياجات، يبرز الصليب الأحمركخط دفاع أول في توفير الرعاية الصحية الضرورية.
تقدم بعض الجمعيات في قضاء جبيل خدمات طبية مجانية تشمل الفحوصات الطبية، العلاجات الأساسية والرعاية الطارئة. من خلال العيادات المتنقلة والمراكز الصحية المؤقتة تسعى هذه الجمعيات إلى الوصول لأكبر عدد ممكن من النازحين، مما يضمن حصولهم على العناية الطبية التي يحتاجونها.
بالإضافة إلى الخدمات الطبية،تعمل الجمعيات و المراكز الصحية الأولية على تأمين الأدوية اللازمة للمرضى، بما في ذلك الأدوية المزمنة والمستلزمات الطبية الأساسية ، ويتم توزيع الأدوية من خلال حملات مكثفة تستهدف مراكز الإيواء.
إن هذه الجهود تعكس مدى أهمية العمل الإنساني في تخفيف المعاناة وتعزيز الأمل من خلال تقديم الرعاية الصحية والدعم الشامل وتساهم في تحسين جودة الحياة للنازحين، مما يساعدهم على مواجهة التحديات اليومية بشجاعة وثبات.

بعد الحديث مع ميليسا الخوري، العاملة الصحية الاجتماعية في الصليب الأحمر اللبناني فرع جبيل، أطلعتنا على التفاصيل التالية:
قالت الخوري:”نعمل في الصليب الأحمر على تأمين أدوية الأمراض المزمنة التي تتوفر لدينا فقط و أيضا الأدوية الضرورية مثل أدوية التقيؤ والإسهال والرشح التي يحتاجها النازحون باستمرار.”
و أضافت: “نزور مراكز الايواء في قضاء جبيل كل يوم مع وحدة طبية متنقلة تتضمن طبيبًا وممرضة وقابلة قانونية، للكشف على النازحين ليتمكن كل نازح من التقدم الى الطبيب للحصول على المعاينة الطبية اللازمة، كما نهتم بالأمراض النسائية ونعالجها ونقدم الأدوية الضرورية.”
وختمت قائلة: “يتم فتح ملف لكل نازح تم الكشف عليه من قبل الطبيب، ويُعطى الأدوية التي يحتاجها والمتوفرة لدى الصليب الأحمر مباشرة. كما يتم تزويدهم برقم المركز للتواصل معنا في حال كانت لديهم احتياجات أو خدمات أخرى.”

معالجة الآثار النفسية عند الأطفال.

لم تقتصر معاناة النازحين على الجوانب المادية فحسب، بل امتدت أيضًا إلى الصحة النفسية، خصوصًا بين الأطفال الذين يتعرضون لصدمات نفسية نتيجة الظروف القاسية التي عاشوها. هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى دعم خاص لمساعدتهم على التكيف مع الأوضاع الجديدة واستعادة شعورهم بالأمان.
تحت ظل نقابة الأخصائيين في العمل الاجتماعي تألفت مجموعة من الاخصائيين الاجتماعيين في قضاء جبيل تقوم بتقديم الدعم النفسي للأطفال من خلال عدة أنشطة متخصصة. وهي تركز على تنظيم ورش عمل تعليمية وترفيهية تهدف إلى تعزيز المهارات الاجتماعية والعاطفية من خلال الألعاب والأنشطة الإبداعية، ليتمكن الأطفال من التعبير عن مشاعرهم وتجاوز الصدمات التي مروا بها.
تتضمن ورش العمل تقديم جلسات تفاعلية تركز على تعزيز المرونة النفسية لدى الأطفال. يتم تشجيعهم على مشاركة تجاربهم، مما يساهم في بناء شبكة دعم بين الأطفال الذين يمرون بتجارب مشابهة. تساعد هذه الأنشطة أيضًا في تنمية مهارات التواصل وتعزيز الثقة بالنفس.
بالإضافة إلى ذلك، تُنظم الأنشطة الترفيهية مثل الألعاب الرياضية والفنية، مما يتيح للأطفال فرصة للعب والاستمتاع، وهو أمر ضروري لتخفيف الضغوط النفسية. من خلال هذه الأنشطة، يتمكن الأطفال من إعادة بناء روابطهم الاجتماعية والتفاعل في بيئة آمنة ومرحة.
بعد ما أجرينا حديثا مع جويا حوّاط من نقابة الاختصاصيين الاجتماعيين أوضحت الأخيرة أن الأضرار النفسية التي يعاني منها الأطفال تتجلى في عدة أشكال، منها الخوف الناتج عن أصوات الصواريخ أو احتمال الابتعاد عن أهلهم و أقاربهم و أصدقائهم، بالإضافة إلى الحزن بسبب فقدان أوقات الترفيه و اللعب.
قالت حوّاط:” تظهر الأضرار النفسية من خلال حالات العصبية و تأثيرها على سلوكهم تجاه الأهل والإخوة، وقد يعانون من التبول اللاإرادي، والانفصال عن المجتمع، وزيادة الانفعال العاطفي، حيث يصبحون سريعو البكاء لأي كلمة قد توجه لهم.”
و أضافت :”يعيش الأطفال في حالة تأهب دائم، مما يؤدي إلى قلة التركيز، وصعوبات في النوم والأكل، وظهور آلام جسدية مثل أوجاع المعدة والرأس، بالإضافة إلى صعوبات في الكلام.”
وأشارت :”أنه من الأفضل تقديم أنشطة ترفيهية للأطفال في هذه المرحلة الصعبة، استجابةً لطلب وزارة الصحة، حيث تساعد هذه الأنشطة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وتحديد من يحتاج إلى معالجة خاصة منهم . “
ولفتت إلى أبرز التحديات المرتبطة بمحيط الأطفال أثناء الأنشطة، حيث أن وجود الأهل قد يسبب لهم عدم الراحة ويؤثر على تفاعلهم خلال أوقات الترفيه.
وفي الختام أكدت على أهمية خلق الأهل لمساحة آمنة و هادئة لأطفالهم ليتمكنوا من التعبير عن مخاوفهم ومشاعرهم، مشددة على ،ضرورة أن يظل الأهل هادئين أمام أولادهم حيث يتأثر الأطفال بتصرفاتهم كما ينبغي تجنب مشاهدة الأخبار و الاحاديث عن مستجدات الحرب أمام الأطفال، مع التأكيد على الحب والاهتمام وتعزيز الشعور بالأمان لديهم و بقائهم بجانبهم.

إشترك معنا في النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية في صفحتنا على
الويب للحصول على آخر الأخبار.